بعد سيطرة «داعش» على سرت حميدي العبدالله
أعلنت تقارير متقاطعة إحكام تنظيم «داعش» سيطرته على مدينة سرت الليبية. وواضح أنّ موقع سرت جغرافياً، يؤهل هذا التنظيم للتمدّد في كلّ أنحاء ليبيا. التمدّد شرقاً لأنّ تنظيم «القاعدة» عموماً، الذي يشهد تحوّلاً من أيمن الظواهري لصالح «داعش»، يسيطر على غالبية المناطق الواقعة شرق ليبيا. والاتجاه جنوباً، ولا سيما باتجاه الحدود المشتركة مع الجزائر وتونس وتشاد ومالي، حيث ثمة وجود قوي لتنظيم «القاعدة» في هذه المناطق والدول المجاورة.
بهذا المعنى، بعد أن يفرَغ «داعش» من التمدّد شرقاً وجنوباً، يكون قد بنى قاعدةً هامة من أجل السيطرة أولاً على المناطق الليبية الأخرى، ولا سيما مدينة طرابلس، وثانياً تعزيز عملياته في كلّ من مصر وتونس والجزائر، وثالثاً التوجه نحو تشاد ومالي للسيطرة على مناطق جديدة.
وكلّ هذا التمدّد سيوظف لاحقاً لتهديد الدول الأوروبية، كون ليبيا جغرافياً هي موقع مناسب، ربما أكثر من سورية والعراق، لأن تكون قاعدة انطلاق سلسلة من العمليات التي تستهدف الدول الأوروبية.
السؤال المطروح الآن ماذا سيفعل الغرب ودول المنطقة بعد كلّ هذا، وعلى من يراهنون؟
في ليبيا لا وجود لقوة عسكرية تشبه قوات الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي يمكن الاعتماد عليها من قبل تحالف دولي وإقليمي لمقاتلة «داعش»، كما لا وجود لجيش يشبه الجيش السوري، أو حتى معارضة قادرة على أن تشكل واجهةً لأيّ تحالف دولي لمحاربة «داعش».
في ضوء هذا الواقع، يواجه الغرب واحداً من احتمالين، الاحتمال الأول القيام بغزو عسكري وبري لليبيا، تشارك فيه جيوش الدول المجاورة، إضافةً إلى قوات غربية. ومن الصعب الوصول إلى هذه الغاية في ظلّ تنافر وتعارض مصالح الدول المعنية بالانخراط بمثل هذا التحالف.
الاحتمال الثاني، ترسيخ «داعش» سيطرته في ليبيا، وتصعيد عملياته في دول الجوار بكلّ الاتجاهات بما في ذلك باتجاه أوروبا، وهذا يعني زيادة حدّة الاضطرابات الأمنية، وتقويض الاستقرار في مناطق واسعة من العالم.
في ضوء كلّ ذلك يتضح مدى عبثية الموقف الغربي من الإرهاب، وسعيه الدائم والمستمرّ للتعاون مع الإرهاب لإضعاف الدول والحكومات التي رفضت الخضوع للهيمنة الغربية.
(البناء)