اليمن وطريق النصر
غالب قنديل
اعلان القيادة اليمنية عن بدء عملية الرد الاستراتيجي على العدوان الاميركي السعودي يمثل تطورا هاما ونوعيا في مسيرة الدفاع الوطني التي تقودها حركة أنصار الله وحلفاؤها من القوى الوطنية اليمنية يتقدمها المؤتمر الشعبي العام لتحرير اليمن من الهيمنة وانتزاع استقلاله الوطني واعادة بناء دولته الوطنية.
أولا: المأزق الذي يعيشه العدوان الأميركي السعودي بات كبيرا وواضحا بعد فشل جميع الاهداف السياسية والعسكرية التي أعلنتها قيادة العدوان فقد تراكمت خلال الأسابيع الماضية مؤشرات حاسمة على نجاح الجيش اليمني واللجان الشعبية في صد قوى العدوان ومنعها من الاقتراب الى صنعاء ومحيطها بحيث تم وقف زحف قوى العدوان في معارك كبرى خاضتها القوى المدافعة عن تراب اليمن والتي تحظى بحالة واسعة من الالتفاف الشعبي في الشمال اليمني وبحماسة كبيرة عبر عنها استبسال جنود الجيش ومقاتلي اللجان الشعبية في المعارك التي تميزت باستخدام جيد للأسلحة الحديثة وبتكتيكات قتالية أدت الى تقهقر قوى العدوان النظامية ومعها العصابات الارهابية المتمثلة بفلول داعش والقاعدة.
ثانيا: انقلب ما وصف بالإنجاز في جنوب اليمن على لسان قوى العدوان وعملائها الى مأزق كبير بانكشاف السيطرة الميدانية للقاعدة وداعش على انحاء رئيسية من الشطر الجنوبي ويحمل الحراك الجنوبي التبعات السياسية والميدانية لهذا التحدي الخطير بينما انفضحت حقيقة الائتلاف الذي تقوده المملكة السعودية والذي يضم زمرة منصور هادي وجماعة الاخوان المسلمين (حزب الاصلاح) والذي ليس واقعيا سوى واجهة للعدوان وللجماعات التكفيرية التي كانت الجهة الرئيسية المستفيدة من الحملة الجوية السعودية على اليمن منذ انطلاق العدوان قبل ما يزيد على ثمانية أشهر وهذه المعضلة تطرح على القوى الوطنية اليمنية وعلى الحراك الجنوبي مسؤوليات كبيرة لتخليص البلاد من خطر الارهاب التكفيري كما تفضح استخدام هذا الإرهاب من قبل الولايات المتحدة والسعودية وسائر الحكومات المشاركة في العدوان كأداة لإخضاع الشعب اليمني في الجنوب والشمال على السواء بصورة تكشف النفاق والخداع الذي تخفيه شعارات مكافحة الإرهاب وهذا الإرهاب الذي يستوطن في اليمن برعاية خارجية يحمل معه خطر الارتداد الى المملكة السعودية ومنطقة الخليج بصورة أكيدة.
لا بديل عن لقاء الأحزاب والقوى الوطنية اليمنية والحراك الجنوبي لإيجاد تسوية تحتوي مطالب الجنوب في مشروع اعادة بناء الدولة اليمنية على أسس متوازنة وعادلة وتبني خطة وطنية شاملة لضرب الإرهاب بجميع تشكيلاته بوصفه خطرا مشتركا على جميع اليمنيين.
ثالثا: شكلت عمليات الجيش اليمني واللجان الشعبية داخل الأراضي المحتلة خلف خط الحدود السعودية في نجران وجيزان وعسير نقطة القوة الرادعة في التصدي للعدوان وقد آلمت الضربات اليمنية الجيش السعودي وأثارت تداعيات كبيرة داخل المملكة رغم جدران التكتم والتعمية الإعلامية الشاملة التي تفرضها المملكة كالعادة على كل شؤونها الداخلية وقد تعاظم التهديد اليمني بالعمليات الهجومية التي شنها المقاتلون اليمنيون داخل تلك المناطق وأسقطوا بنتيجتها عددا من المواقع العسكرية وتوغلوا الى العمق باتجاه البلدات والمدن في الأقاليم الثلاثة.
المرحلة الجديدة من الرد الاستراتيجي سترفع من مستوى العمليات العسكرية الواسعة على أبواب المدن الرئيسية في نجران وجيزان وعسير كما تطرح معها استخدام الصواريخ الثقيلة وبعيدة المدى في القصف اليمني لأهداف عسكرية داخل العمق السعودي وهذا ما سيرتب نتائج مهمة في استنزاف القدرة السعودية وسيولد تداعيات كبيرة يتوقع ان يكون لها تأثير سياسي حاسم على الموقف السعودي.
رابعا: تتسلح القوى اليمنية بالمساندة الشعبية الواسعة وبالتضامن الوطني الذي حققته فكرة الدفاع عن الكرامة الوطنية والاستقلال الوطني والتخلص من الهيمنة السعودية التي عانى منها اليمن لعقود حرم بنتيجتها من استثمار ثروة هائلة وامكانات ضخمة ومكانة مميزة في جغرافيا المنطقة تؤهل هذا البلد للتحول الى قوة هامة وفاعلة في منطقة الخليج.
السلوك السياسي المرن الذي اتبعته القيادات الوطنية اليمنية مع الاتصالات والمبادرات قوبل بالحقد والتعنت من الجانب السعودي الذي تحكمت به أوهام ورهانات أسقطها العناد اليمني في الميدان والمرحلة الجديدة من معركة الدفاع عن اليمن ستجبر القيادة السعودية على التعامل بواقعية مع التوازنات والمعادلات القاهرة وربما تفتح من جديد مسار التفاوض السياسي.
التحول الميداني في حرب الدفاع عن اليمن سيكون تحولا في التوازنات والمعادلات العربية وسيرتب نتائج كثيرة داخل السعودية والعائلة المالكة لأن من راهنوا على تحسين مواقعهم بعدوان ظالم دعمته الولايات المتحدة على شعب مسالم مد يد الأخوة والجوار التي قوبلت بالرفض وبالعدوان سيجدون أنفسهم امام الفشل والهزيمة وسوف تتفاعل تلك النتائج في مسار النزاع على السلطة داخل العائلة المالكة مع تبخر الأوهام ودخول نار الحرب التي أشعلها آل سعود الى داخل مملكتهم التي تغلي أصلا بالنقمة والغضب في العديد من الأوساط الاجتماعية والسياسية وكذلك في صفوف الأمراء المبعدين.
اليمنيون سيحصدون ثمار الصمود المشرف وأمراء آل سعود الذين قادوا العدوان سيحصدون نتائج الخيبة والهزيمة، إن غدا لناظره لقريب.