مطار أميركي في سوريا إيلي حنا
لم يَظهر على العلاقة بين الأكراد وواشنطن أيّ بوادر خِلاف منذ فتح قناة اتصال بين «وحدات حماية الشعب» الكردية وموسكو. يتعامل قادة الطرف الأقوى في الجزيرة السورية مع الوجود الروسي المستجدّ كرافعة إضافية لحضورهم السياسي والعسكري، تُضاف إلى صلاتهم الاستراتيجية بـ«التحالف الأميركي».
وبعد سلسلة لقاءات في دمشق واللاذقية بين قيادات كردية وروسية، حضر في بعضها رسميون سوريون، حضر القيادي ريدور خليل مجدداً إلى دمشق قبل أيام.
وعلمت «الأخبار» أنّ الزيارة التي يُغلّفها – كما جرت العادة – الطرف الكردي بالسرية التامة، هدفها معرفة «ماذا قرر الروس بشأن طبيعة العلاقة وشكل التعاون اثر الاجتماعات الأولى».
«العلاقات لا مقطوعة ولا ماشية»، يروي أحد المتابعين لملف العلاقة بين الجانبين.
ويشير إلى أنّ «زوّار دمشق في جعبتهم سؤال أساسي: لماذا لم يزرنا الروس في الشمال بعد». وتأتي الزيارة بعد سلسلة غارات روسية على مواقع تابعة لـ«الجبهة الشامية» و«جبهة النصرة» وقوى أخرى تشتبك مع «قوات سورية الديمقراطية» («الوحدات» المكوّن الأساسي فيها) في ريفي أعزاز وعفرين في حلب.
مصادر كردية أكدت لـ«الأخبار» أنّ القصف لم يكن بتنسيق مسبق مع القوات المقاتلة على الأرض، وهو يأتي في سياق الاشتباك التركي ــ الروسي، ورسائل موسكو لأنقرة على حدودها، وفي ملعب «المنطقة الآمنة» المفترضة.
لكن «التعاون» ظهر في مكان آخر، وتحديداً في مدينة القامشلي في محافظة الحسكة، حيث هبطت، على نحو مفاجئ، طائرة روسية تحمل مساعدات عسكرية سُلّمت لـ«الوحدات»، بحسب ما عملت «الأخبار» من مصادر في المدينة.
الدعم الروسي الذي يُسعد متلقّيه رغم غموض العلاقة، ليس سوى مكوّن بسيط أمام «الطبخة» الأميركية اليومية المعدّة لدعم «قوات سورية الديمقراطية» من دعم جويّ وتسليحي ومعلوماتي، وخصوصاً من الحدود المشتركة مع العراق (كان لتحرير سنجار في الموصل فائدة كبيرة بربط الحدود العراقية ــ السورية عبر الحليف الكردي في البلدين).
وفي إطار البصمة الأميركية الغالبة في شمال شرق سوريا، علمت «الأخبار» أنّ خبراء أميركيين اقتربوا من انهاء تجهيز مطار زراعي في تل حجر في ريف الحسكة الشرقي، في منطقة سيطرة «الوحدات».
وعمل فنيون اميركيون منذ أكثر من شهر ونصف شهر، على توسعته وتجهيزه بمدارج مخصصة للطيران الحربي، ليصل طول المدرج إلى 2500 متر، وعرضه إلى 250 متراً.
ويقع مطار أبو حجر، تحديداً، جنوب شرق مدينة رميلان، التي تعد المعقل التسليحي الرئيسي لـ«وحدات حماية الشعب»، وتحوي اكبر مستودعات الأسلحة والذخيرة. وهو مطار زراعي صغير كانت تستخدمه مديرية زراعة الحسكة لرشّ المبيدات الزراعية، ومتوقّف عن العمل منذ عام 2010.
وسيساهم هذا المطار في تمكين واشنطن من إضافة مكان آمن إضافي لانزال قواتها (كفرق الكوماندوس مثلاً)، وايصال الدعم العسكري لحلفائها الذين يعملون حالياً على اتمام السيطرة على ريف الحسكة الجنوبي، بعد دخولهم بلدة الهول القريبة من الحدود العراقية، وسيطرتهم أيضاً على سد الحسكة الجنوبي (25 كلم جنوب مدينة الحسكة)، بعد معارك مع «داعش». وتشهد جبهة الشدادي (معقل «داعش» في المحافظة) حالة هدوء اثر مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين عبر وسطاء عشائريين، «للانسحاب من المدينة دون القتال، وتجنيب المدنيين القتل والدمار».
وفي ريف حلب الشمالي، حيث كان للطائرات الروسية الدور الأوحد في الدعم الجويّ لـ«قوات سورية الديمقراطية»، في ظل عدم استهداف «طائرات التحالف» لتنظيمات حليفة لأنقرة، استعادت «قوات سورية الديمقراطية» سيطرتها على تنب ومريمين في ريف عفرين، إثر هجوم سابق لـ«جبهة النصرة» و«أحرار الشام» على القريتين. كذلك، تشهد قرى كشتعار والمالكية ومنطقة مطحنة الفيصل قصفاً متبادلاً من الطرفين، بالتزامن مع سعي «قوات سورية الديمقراطية» للتقدّم في المنطقة وقطع طريق أعزاز ــ حلب، والوصول إلى معبر السلامة مع تركيا.
(الأخبار)