صواريخ إس 400 في المنطقة: عاموس هرئيل
الخطة متعددة السنوات للجيش الإسرائيلي «جدعون» التي تم نشرها أمس مطلوب منها مواجهة عدد من التحديات المختلفة في نفس الوقت. يفترض أن تُحدث التغيير في الجيش، تغيير عميق يسمح له بامتلاك قدرات جديدة ومتنوعة في السنوات الخمسة القريبة. يجب أن تُعده لاحتمال مواجهة قوية جدا من شأنها أن تندلع خلال اشهر معدودة حتى لو غابت الآن اسباب حدوث ذلك. وفي نفس الوقت يجب أن تواجه ما يحدث في الواقع، أولا وقبل كل شيء العنف في الضفة الغربية الذي يمتد كل اسبوع تقريبا إلى داخل الخط الاخضر.
هكذا اثناء تخطيط الجيش لمواجهة محتملة وقوية مع حزب الله، هذا التنظيم الذي يملك أكثر من 100 ألف صاروخ وهو يريد الآن وضع اجهزة تحكم دقيقة على بعضها، فان الجيش يفكر كيف سيجد جوابا دفاعيا ضد طالب الاعدادية الذي يبلغ 16 سنة وطالبة الجامعة البالغة 20 سنة، اللذين جاءا في هذا الاسبوع إلى الحواجز في الضفة وهما يحملان السكين والبلطة. المجالات المختلفة، الخطط بعيدة المدى لبناء القوة ومعها الاستعداد للتغييرات المفاجئة، تتداخل في بعضها البعض. أول أمس أجرى رئيس هيئة الاركان غادي آيزنكوت اجتماعا لجميع الضباط رفيعي المستوى في الجيش وقدم فيه خطوط الخطة، وأمس تم اجراء تمرين مفاجيء في المنطقة الجنوبية حيث وضع سيناريو للتصعيد في قطاع غزة اضافة إلى تأثير ذلك على الوضع على الحدود مع مصر في سيناء.
ضابط رفيع المستوى في هيئة الاركان، الذي قدم السيناريو، في لقاء مع الصحافيين اعترف أن كثيرا من التطورات التي حدثت في الاشهر الاخيرة نتيجة للهزة في العالم العربي في ايلول 2010، قد فاجأت الجيش الإسرائيلي. «لم نتخيل في أحلامنا أننا سنرى في ساحتنا الخلفية صواريخ إس 400»، وهي صواريخ مضادة للطائرات المتطورة التي أعلنت روسيا في الاسبوع الماضي عن نشرها في شمال سوريا، في أعقاب اسقاط الطائرة القتالية من قبل طائرة تركية. «ولم نتخيل ايضا أن صواريخ جوالة ستتطاير في أرجاء سوريا»، قال عندما تطرق لهجمات سلاح الجو الروسي ضد تنظيمات المتمردين.
وأضاف الضابط أن الظروف قد تغيرت بشكل كامل، وأن على الجيش الإسرائيلي أن يلائم نفسه معها وأن يتأهب لتطورات غير متوقعة اخرى وأن يأخذ في حسابه التغيرات الكبيرة الحاصلة في المجتمع الإسرائيلي ومنها طلب الجمهور اغلاق الفجوات الاقتصادية والاجتماعية وتراجع قدرة التحمل لدى اغلبية المواطنين تجاه النفقات الغير ضرورية للجيش الإسرائيلي.
إن ما اهتمت به وسائل الإعلام حتى الآن هو مواضيع جانبية نسبيا مثل مستقبل «صوت الجيش» أو مواضيع لها أهمية رمزية مثل نية اغلاق المدارس الداخلية للجيش. لكن أمس تبين أن هناك تفاصيل مهمة حول الخطة نفسها. أحدها يتعلق بنية الجيش الابقاء على خمس غواصات فقط لديه من صنع الماني. والغواصة السادسة التي أنتجها الالمان لإسرائيل يفترض تسلمها من قبل سلاح البحرية في 2019. لكن حسب هذه الخطة، فانه في تلك السنة سيتخلص الجيش من غواصة الدولفين الاولى فقط بعد عشرين سنة من حصوله عليها.
قرار التسلح بغواصة سادسة سبقه جدل في القيادة الأمنية قبل نحو خمس سنوات. وزير الدفاع في حينه ايهود باراك فرض القرار على رئيس الاركان في حينه غابي اشكنازي الذي لم يرَ أن هناك حاجة اليها. وقد كانت في الخلفية في تلك الفترة التحضيرات لهجوم محتمل على إيران من قبل إسرائيل. وسائل الإعلام الاجنبية تتحدث عن قدرة «الضربة الثانية» النووية للغواصة الإسرائيلية، الامر الذي سيساعد على ردع إيران.
الجيش لم يتحدث عما سيفعله بالغواصة الاولى، لكن يمكن القول إنه قد تُباع لدولة ثالثة مستقبلا. التغيير يعكس التغير في جدول الأولويات الامر الذي تمت ملاحظته في وثيقة استراتيجية الجيش الإسرائيلي التي نشرها آيزنكوت في الصيف الاخير. رغم أن الجيش الإسرائيلي ما زال يتأهب لمواجهة في الدائرة الثالثة مع دول بعيدة عن إسرائيل، ورغم أنهم يزعمون في هيئة الاركان أن القدرات التي بُنيت اثناء التحضير لعملية في إيران، هي قدرات يمكن استخدامها في سيناريوهات حرب اخرى. تهديد السلاح النووي الإيراني لم يعد يوجد على سلم الأولويات في هيئة الاركان حيث تسبقه في القائمة في السنوات القريبة على الأقل تأثيرات عدم الاستقرار الاقليمي في الحدود والمناطق. حيث يتم استثمار كثير من المصادر الأمنية في هذا الامر، بشكل يفوق الموضوع الإيراني.
الخطة العسكرية التي لم يتم تقديمها للمجلس الوزاري المصغر بعد تخصص الاموال لعلاج تهديدات مختلفة قد تواجهها إسرائيل في السنوات القادمة: هجمات السايبر، ضربات مكثفة للصواريخ، الحاق الضرر المتعمد بالبنية الاستراتيجية، أحداث على الحدود، عمليات إرهابية لتنظيم الدولة الإسلامية داعش وأمثاله وأحداث عنيفة واسعة وأكبر في الساحة الفلسطينية. الاجابة التي يبحث عنها الجيش تستند، قبل كل شيء، إلى تحسين التنسيق والدمج بين أذرعه وأقسامه المختلفة: البر والجو والبحر والاستخبارات والسايبر. لكن حتى يجد الجيش الاجابة لهذه المجالات الكثيرة فهو بحاجة إلى فعل الكثير.
هآرتس