مقالات مختارة

«الإرهاب» آخر أوراق السعودية قبيل المحادثات؟ علي جاحز

 

«القاعدة» يتوسع في الجنوب تحت مرأى العدوان

مع اقتراب المحادثات السياسية التي قد تضع حدّاً للحرب السعودية على اليمن، يعود تنظيم «القاعدة» إلى الواجهة من بوابة أبين، ماضياً في بسط سيطرته على محافظات الجنوب، مكرّساً نفسه لاعباً عسكرياً شبه وحيد على الساحة الجنوبية مع ضمور نفوذ اللاعبين المحليين الآخرين

صنعاء | في حركةٍ من شأنها تعقيد الواقع الميداني في اليمن، تمكن تنظيم «القاعدة» من توسيع رقعة وجوده في المحافظات الجنوبية، بسيطرته على زنجبار عاصمة محافظة أبين ومدينة جعار ثاني أكبر مدن المحافظة. بعد استيلائه على المكلا عاصمة حضرموت وأجزاء واسعة من المحافظة وانتشاره في عدن التي يعيث فيها فوضى إلى جانب تنظيمات تكفيرية أخرى، تأتي سيطرة «القاعدة» على زنجبار وجعار، بالتزامن مع المحادثات التي تشهدها العاصمة العمانية مسقط ضمن مساعي التوصل إلى حلٍّ يوقف الحرب.

وقد تؤمن إعادة انتشار «القاعدة» في الجنوب مع ما تضمنه ذلك من استعراض لقوة التنظيم، ورقةً جديدة يمكن الاستفادة منها في المفاوضات المقبلة، ولا سيما مع عجز قوات «التحالف» عن التقدم في تعز أو مأرب. كما يمثل تكريس سيطرة «القاعدة» في الجنوب كلاعبٍ شبه وحيد في ظلّ ضعف القوى العسكرية المحلية الأخرى، إلى جانب كونه ورقة ضغط على «أنصار الله» والقوى الوطنية، بداية مخرج للسعودية من مأزقها اليمني، إذ قد يشكل أرضية لطرح «مكافحة الارهاب» عنواناً للمرحلة المقبلة.

وصباح أمس، سيطر تنظيم «القاعدة» بقيادة جلال بلعيدي الشهير بـ«أبو حمزة الزنجباري» على أهم مدينتين في محافظة أبين، هما مدينة جعار وزنجبار. وأعلن رئيس «اللجان الشعبية» (المسلحون التابعون للرئيس الفار عبد ربه منصور هادي في الجنوب)، عبد اللطيف السيد، الانسحاب من مدينتي جعار والمخزن، وسيطرة تنظيم «القاعدة» عليهما «بعد مواجهات دارت في المدينتين بين اللجان الشعبية والتنظيم»، ما أدى إلى مقتل ستة من «اللجان» وأربعة من «القاعدة»، وجرح العشرات من الجانبين.

وقالت مصادر محلية إن مسلحين من «القاعدة» اقتحموا جعار يوم أمس، وهي المدينة الواقعة شرق عدن التي باتت معقلاً لتنظيم القاعدة وتبعد 60 كيلومتراً عنها. وبحسب المصادر، ألقى التنظيم بعد اقتحام المدينة القبض على شقيق قائد «اللجان الشعبية» ونائبه علي السيد وأعدمه في ساحة المدينة مع عدد من مرافقيه، كذلك اقتحم عناصر «القاعدة» المقر الرئيسي لـ «اللجان» بعدما سيطروا على المدينة ونصبوا عدداً من نقاط التفتيش، وأشارت المصادر إلى أن عبد اللطيف السيد كان قد غادر المدينة باتجاه منطقة باتيس في المحافظة نفسها قبل أن تتم السيطرة على المدينة.

وكانت مجموعات من عناصر «القاعدة» بقيادة جلال بلعيدي قد اقتحمت، مساء أول من أمس، مدينة زنجبار بالتزامن مع صدور قرارات هادي الحكومية التي أثارت غضب رئيس الحكومة المستقيلة خالد بحاح، معيدةً إلى الواجهة الصراع بين الرجلين مع ما يعكسه ذلك من صراعات أعمق بين السعودية والإمارات. وأكدت المصادر أن عدداً من المسؤولين المحليين غادروا مدينة زنجبار قبيل سيطرة «القاعدة» عليها «في ما يشبه تسليمها من دون مواجهات رغم أن هناك تعزيزات للقاعدة كانت قد قدمت من عدن وأخرى من حضرموت».

سيناريو «التسلم والتسليم» ليس جديداً على المحافظات الجنوبية، حيث إن «القاعدة» سيطر سابقاً على أجزاء واسعة من حضرموت وعدن وغيرها من دون مقاومة، أو في أحسن الاقوال كانت تجري مناوشات بسيطة.

وفيما قامت عناصر «القاعدة» بتفجير مقارّ ما يُسمى «المقاومة» في جعار، أكدت المصادر أنها أيضاً فجرت منزل القيادي في «المقاومة» و«اللجان الشعبية» التابعة لهادي، علي السيد، بعدما أعدمته، كذلك فإن شقيقه، قائد ما يسمى «المقاومة» في أبين عبد اللطيف السيد كان قد نجا قبل يومين من محاولة اغتيال بكمين نصبه له مسلحو التنظيم.

وفي سياق ما تشهده مدن الجنوب تحت سيطرة «القاعدة» أيضاً، أكد مصدر مطلع أن مسلحين يتبعون «القاعدة» في عدن منعوا المدير العام لـ«مكتب الثقافة» الحكومي عبد الله باكدادة من دخوله في مديرية خور مكسر. وبرّر المسلحون تصرّفهم بأن لهم مطالب بتعويضات خاصة بـ «أقاربهم الشهداء»، رغم أن مكتب الثقافة غير مختص بقضايا التعويضات. وفي الوقت نفسه، أكد مصدر أمني في حضرموت اغتيال الضابط في جهاز الاستخبارات اليمني، مجدي أحمد سلامة المخزومي، في منطقة الساحة في مديرية القطن، وتقول معلومات أمنية إن شخصين اعترضا طريقه وأطلقا عليه الرصاص وفرّا هاربين.

من جهة أخرى، وعلى صعيد المعارك الداخلية، تقدم الجيش و«اللجان الشعبية» خلال اليومين الماضيين في أكثر من جبهة، حيث سيطرت قوات الجيش و«اللجان الشعبية» أمس على مناطق جديدة في محافظة تعز، في الوقت الذي أطلقت فيه المجموعات المسلحة («المقاومة») نداء استغاثة نشرته مواقع موالية للعدوان موجه إلى قوات «التحالف» للتدخل السريع. وبحسب المصدر، فإن المناطق التي تمت السيطرة عليها أخيراً هي جبل راس والنقيل الأحمر والخطوة وجبل الريامي في مديرية حيفان وتطهير بعض التباب والمواقع المهمة المطلة على تلك المناطق، وتُعدّ السيطرة على حيفان «قطعاً لشريان الإمداد بين جبهة تعز الداخلية في محيط المدينة وبين الجنوب». وفي جبهة ذو باب غرباً، أفاد المصدر بأن قوات الجيش و«اللجان الشعبية» سيطرت أمس على جبل المجبور شرق باب المندب بعد معارك انتهت بطرد المسلحين وإيقاع خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد.

وفي الوقت الذي تمكن فيه الجيش و«اللجان الشعبية» من تأمين منطقة المعزوب في الرياشية شرق مديرية دمت في محافظة الضالع وتطهيرها من عناصر «القاعدة» والمسلحين، نفذت وحدة خاصة من الجيش و«اللجان الشعبية» عملية عسكرية مباغتة ضد مواقع القوات الأجنبية والمسلحين على حدود الجوف، شمالي صنعاء، باتجاه منطقة الكنائس والمرازيق كانت تستعد لفتح جبهة على حدود الجوف، وأكد مصدر في «الإعلام الحربي» أن العملية «حققت أهدافها بدقة وكبدت العدو خسائر كبيرة» من دون الإفصاح عن نوعية تلك العملية.

في سياق منفصل، احترقت طائرة «أباتشي» تابعة للقوات الإماراتية أثناء هبوطها في قاعدة العند في محافظة لحج جنوباً. وقال مصدر عسكري إن الطائرة كانت محملة بكمية من الأسلحة والذخائر، إلا أن النار اشتعلت فيها أثناء محاولة الهبوط، وقد تمكن طاقمها من الخروج منها لتحترق الطائرة والأسلحة بشكل كلي. ورجحت مصادر ميدانية أن يكون حريق الطائرة مفتعلاً وآتياً في سياق الصراع بين السعودية والإمارات الذي ينعكس في خلاف هادي وبحاح.

(الأخبار)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى