حسابات جنبلاط التسووّية درزية… رضوان الذيب
سأل احد المقربين منذ اشهر رئيس اللقاء الديموقراطي اذا «رست رئاسة الجمهورية على اختيار اسم من بين الاقطاب الموارنة الاربعة، سليمان فرنجيه او ميشال عون او سمير جعجع او امين الجميل فمن تختار»؟ فرد جنبلاط حازماً: «سليمان فرنجية»، فأصيب موجّه السؤال بصاعقة وقال «فرنجيه أخ بشار الاسد» فرد جنبلاط «بعيد عن الجبل وما يبزعجني»، و«ما بيدخل بصراعات الجبل التاريخية والحاضرة» هذا الكلام قابله فرنجيه بايجابية، وادى الى فتح خطوط التواصل، في حين ان نجلي جنبلاط وفرنجيه اي تيمور جنبلاط وسليمان فرنجيه يرتبطان بصداقة متينة وقوية، وادى ذلك الى زيارة لجنبلاط ونجله الى بنشعي وتحول الاجتماع الى لقاء عائلي.
وحسب مصادر متابعة للملف بين الرجلين «ان فرنجيه وجنبلاط التقيا في الفترة الاخيرة عدة مرات، بعيدا عن الاضواء وتوافقا على معظم نقاط الخلاف الداخلية وبقيت نقطة الخلاف النظرة الى النظام السوري والعلاقة مع الرئيس بشار الاسد، واكد فرنجيه على هذه العلاقة وكان واضحاً مع جنبلاط في هذا الخصوص مؤكداً له انه لا يساوم على هذه العلاقة مطلقاً وكذلك على التحالف مع حزب الله مهما كانت الاعتبارات ووضوح فرنجيه ادخل الاطمئنان الى جنبلاط، وبأن العلاقة معه ستكون متينة وجيدة، رغم تأكيد فرنجيه على العلاقة و«الاخوة» مع القطبين الدرزيين الاخرين طلال ارسلان ووئام وهاب.
وتشير المصادر الى «ان جنبلاط استخدم بالعلاقة مع فرنجيه «القوة المسؤولة» وهذه القوة عندما يستخدمها ينجح في كل خطواته وتحديداً الداخلية ويتحول الى رمز اساسي، في المعادلات، ويلغي الاخرين، ولكن عندما يستخدم القدة «المفرطة» بعلاقاته وتحديداً مع حزب الله والرئيس الاسد يفقد دوره ورصيده وقوته ويتحول الى لاعب عادي، لانه لا يستطيع انجاز هذه المهمة نتيجة وضع طائفته الدرزية ولا يمكن «لاقلية» ان تواجه جرافة حزب الله والرئيس الاسد، وعندها يتوتر جنبلاط واحيانا كثيرة يبتعد عن الاضواء بعد كل مواجهة مع حزب الله والنظام السوري، فيما استخدام «القوة المسؤولة» جعله زعيماً في البلد واطاح سعد الحريري وجاء بنجيب ميقاتي ثم بالرئيس سلام وحليفا الى اقصى الحدود مع الرئيس بري وكذلك تطبيع العلاقة مع حزب الله، وعندها يتحول جنبلاط الى القطب الاول في الدولة، و«صانع الرؤساء» بامتياز.
وحسب مصادر متابعة للملف «فان الكريزما بين الرجلين تعمقت على طاولة الحوار في ظل نظرة واحدة ومشتركة بين فرنجيه وجنبلاط لقانون الانتخابات وقانون الستين والاقضية، خصوصاً ان كل قانون انتخابي مخالف للاقضية سيصيب اولا فرنجيه وجنبلاط بخسائر كبيرة عبر دخول ميشال معوض الى معادلة «زغرتا» عبر النسبية ودخول اطراف درزية عديدة على معادلة الشوف كالوزير السابق وئام وهاب عبر النسبية، وهذا ما زاد العلاقة بينهما «عمقا» وبدأت «الثقة» تتعمق خصوصا وان الجميع يعلم ان قانون الانتخابات بالنسبة لجنبلاط مسألة حياة او موت، ولا يمكن ان «يتنازل» في هذا الملف «ولا احد يكتب ورقة نعيه سياسيا بيديه». وفي عز قوة جنبلاط التي استمدها من الرئيس الراحل حافظ الاسد في التسعينات وعدم وجود منافس مسيحي له فانه أصر على تقسيم جبل لبنان واجراء الانتخابات على اساس الاقضية حيث كان جبل لبنان الاستثناء لان الانتخابات جرت في الدوائر الاخرى على اساس المحافظة، واخذ جنبلاط النائب طلال ارسلان في لائحته واعطى رسالة للجميع انه لا يساوم في هذا الملف. ولذلك فان قانون الانتخاب كسر اول «حلقة» من حلقات الجفاء بين جنبلاط وفرنجية، وبدأت الاشادات الجنبلاطية بفرنجية.
وتضيف المصادر «اما المسألة الثانية التي جعلت جنبلاط يميل الى فرنجية تأكيد الاخير التزامه بالطائف اي «بالترويكا» نبيه بري، سعد الحريري، وليد جنبلاط، مضافاً اليها الشريك المسيحي المضارب وبالتالي فان هذا الثلاثي يريد رئيساً مسيحياً معتدلاً، كالياس الهراوي وليس كاميل لحود او ميشال عون، يحترم الخصوصيات السياسية ولا يعمل على احداث انقلاب جذري في التركيبة اللبنانية كما يطمع العماد عون».
وتتابع المصادر، كما ان العوامل التي فرضت على جنبلاط تأييد فرنجية هو تمسك جنبلاط برفضه رئيساً مارونياً من جبل لبنان فيما سليمان فرنجية من الاطراف، ولا دخل له بالصراع الدرزي ـ الماروني، وبالتالي فان المسيحي القوي من جبل لبنان سيعيد معادلة «كمال وكميل» الى الشوف، اي «الند للند»، كما ان قناعة جنبلاط التاريخية لم تتغير «بان من يحكم الجبل يحكم لبنان، وان المسيحي القوي يكون على حساب الدرزي». كما ان ميشال عون وامين الجميل وسمير جعجع قادرون على اعادة «ضبضبة» الوضع المسيحي في الجبل لصالحهم على حساب الدروز، وهذا الامر لا يرضى به جنبلاط ولذلك فان حسابات جنبلاط باختيار فرنجية حسابات درزية وجبلية، لان هذا هوالاساس عند جنبلاط الذي تعيش طائفته الدرزية ظروفاً قاهرة في سوريا ولا احد يعرف مصيرها.. فيما هو «مطوق» بسنّة سعد الحريري في اقليم الخروب وبمارونية ميشال عون وامين الجميل وسمير جعجع في الشوف وكيف اذا انتخب احد منهم رئيساً للجمهورية وبالتالي ان تحالف السني القوي مع المسيحي القوي يخرج آل جنبلاط من معادلة الشوف وهذا الامر يسري على عاليه مع نمو الصوت الشيعي، الذي سيحسم في اي معركة انتخابية قادمة في عاليه، ولذلك فان قانون الانتخاب هو مسألة «حياة او موت»، عند جنبلاط، وبالتالي فان سليمان فرنجية ليس عنده حسابات «شوفية» او «جبلية» بعكس الآخرين، كما ان القانون الامثل لجنبلاط هو «الستين» ولا احد سواه، وتتابع المصادر كما ان جنبلاط حاسم بان سليمان فرنجية وآل فرنجية يراعون البيوتات السياسية التقليدية ولا يمكن ان يدخلوا بلعبة الالغاء مطلقاً، وهو حريص على التركيبة اللبنانية، وصونيا فرنجية خالة الوزير سليمان فرنجية اشادت في تصريحات سابقة بآل جنبلاط واعتبرتهم ركناً من اركان الطبقة اللبنانية كعائلة فرنجية وارسلان وغيرهم، وبالتالي فان فرنجية لن يكرر تجربة اميل لحود، وبالتالي فرنجية ابن النظام السياسي والنادي السياسي اللبناني كوليد جنبلاط ولا يمس بدوره.
ولذلك تؤكد المصادر، ان اختيار جنبلاط لفرنجيه ليس «عبثيا» واذا كان الأقطاب الموارنة الاربعة اخصاما لجنبلاط ففرنجيه «الخصم الاسهل» لان جنبلاط يرفض اي مسيحي قوي من جبل لبنان ولو كلفه ذلك كل ما يملك، وهذا هو الاساس عنده والباقي تفاصيل.
(الديار)