يهودية ودكتاتورية: أوري مسغاف
قبل خمسين سنة تجرأت فرقة البيترلز على أن تتجاوز بثانيتين من أصل الدقائق الثلاث المخصصة لها لأغنية بوب. نظرية العمل التي فرضها عليهم رجل اعمالهم كانت «أقل يعني أكثر». لا يوجد عند نتنياهو شيء يُذكر بجورج مارتن، ولا يوجد شيء بوبي أو بيتلزي عند جماعة الوزراء. لكن يا سادتي، التاريخ يكرر نفسه: نتنياهو خصص في هذا الشهر ثلاث دقائق لكل وزير من وزرائه للحديث في جلسة الحكومة.
بعد اسبوع من ذلك تم تقليص الوقت لدقيقة واحدة، أي 60 ثانية. من الواضح أن موقف الوزراء لا يختلف عن موقف نتنياهو. فقد قيل في الوقت الحالي إنه توجد مشكلة تقنية حيث تم وضع ساعة توقيت كبيرة على الحائط في قاعة الجلسات. إلا أن نتنياهو وجد صعوبة في تشغيل الساعة اثناء النقاشات. لذلك تم نقل صلاحية متابعة الوقت إلى سكرتير الحكومة الجنرال المتقاعد افيحاي مندلبليت. إن هذه ليست ديمقراطية بل هي خطة واقعية حول الديمقراطية في الأكثر.
لقد قيل كل شيء تقريبا عن نتنياهو، وقد أظهرت الانتخابات الاخيرة جميع جوانب شخصيته ـ الهوس وعدم الخجل. اليوم يحكم دولة إسرائيل شخص يجمع أو يدمج بين غوتسكي وكاليغولا، لكنه لا يحكم لوحده. وقد حان الوقت لتسليط الأضواء على مساعديه. وزراء مستعدون للرقص على ربابة من يخصص لهم دقيقة واحدة للحديث. إنهم غير محترمين. فهؤلاء اشخاص استطاعوا فعل اشياء خلال مسيرتهم السياسية. فلماذا يصمتون؟
إن تآكل معايير الديمقراطية لا يقتصر فقط على جلسات الحكومة. فهناك غياب دائم لخمسة اعضاء ـ نظرا لأن القيصر اعتقد بضرورة ترؤس خمس وزارات حكومية فان مركبات الديمقراطية تُسحق الواحدة تلو الاخرى بعملية متسارعة. لم يعد هناك أمر مقدس. لا فصل السلطات ولا الحفاظ على استقلالية الاجراءات الادارية ولا عدم التدخل في التعيينات المهنية.
يوسي كوهين، رئيس مجلس الأمن القومي، هو أحد المرشحين البارزين لمنصب رئيس الموساد. وقد قدم كوهين المساعدة لرئيس الحكومة ومنحه استشارة «مهنية» تُعطي لصيغة سرقة الغاز مغزى أمني سياسي استراتيجي. ونتنياهو بحاجة إلى هذه الاستشارة من اجل استخدام البند (52 أ) الذي يُمكنه من تجاوز المسؤول عن القيود. إن هذه وثيقة مخجلة وقع عليها كوهين باسمه وبخط يده.
إن الذهاب إلى الانتخابات بين فينة واخرى لا يضمن نظاما ديمقراطيا. فبدون التوازن والكوابح تتحول سلطة الاغلبية إلى القمع والاضطهاد من قبل الاغلبية أو نظام الشخص الواحد.
وتتحول إسرائيل أمام أعيننا إلى دولة يهودية دكتاتورية. المستشار القضائي ومراقب الدولة، وهما اثنان ممن يحافظون على سلطة القانون، تم اختيارهما من نتنياهو بعد أن اجتازا الامتحان في بيت القيصر، في حالة المراقب يوسف شبيرا على الأقل. ومن المعروف أن الامتحان شمل ايضا لقاءات مع زوجة رئيس الحكومة.
المرشح البارز لاستبدال المستشار القانوني يهودا فينشتاين هو من يقوم بمراقبة ساعة الجلسات، مندلبليت.
في الوقت الحالي تم تعيين رامي سدان في شركة اخبار القناة العاشرة، الذي كان مستشارا إعلاميا لسارة نتنياهو، ويفترض أن يكون رئيس الهيئة. في شركة الاخبار المنافسة، القناة الثانية، ينتظرون بتوتر تصريحات وزير الإعلام نتنياهو حول مصير القناة والشركة. في الاسبوع الماضي تضمنت نشرة الاخبار الليلية موضوع توبيخ نتنياهو لـ أورن حزان وموضوع زيارة زوجة رئيس الحكومة لملجأ النساء المعنفات وموضوع يتحدث عن صور كلب عائلة نتنياهو. وُجهة الجيل مثل وُجهة الكلب.
هآرتس