المؤتمر الشعبي ردا على المشنوق يدين “أمركة السنة “
شدد المؤتمر الشعبي اللبناني على أنه لا يجوز الخلط بين العروبة كرابطة إنتماء وبين ممارسات أنظمة أو مدارس قومية، مشيراً إلى أن المصالحة مع العروبة تستدعي التخلي عن محاولات أمركة المسلمين السنة في لبنان، ومؤكداً أن الرئيس الراحل عبد الناصر كان عنواناً للنهوض الوطني والقومي وليس التمدد الأمني المصري .
وقال بيان صادر عن مكتب الإعلام المركزي في المؤتمر: لقد قرأنا بتمعن خطاب وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق في احتفال جامعة السوربون– أبو ظبي، والذي دعا فيه إلى مواجهة الطروحات المذهبية بالعروبة وإلى المصالحة مع العروبة، وهو كلام محق، لكنه للأسف أورد جملة مغالطات عن العروبة، يبدو أن تستند إلى جذوره الفكرية الماركسية تاريخياً وإلى موقع الصداقة مع الولايات المتحدة الأميركية حالياً، حيث روّج معاليه لمصطلح “عروبة الإعتدال”، مصوّباً بشكل مباشر على الرئيس جمال عبد الناصر من غير أن يسميه حين قال إن “العروبة كانت عنواناً للتمدد الأمن المصري على الأرض العربية”، وخالطاً بين العروبة وبين ممارسات مدارس قومية حين وصف “العروبة بأنها سلاح اعتداء للبعثيين من سوريا والعراق على الأنظمة العربية“.
أما هذه المغالطات يهمنا توضيح الآتي:
1- إن العروبة هي رابطة إنتماء حضاري للأمة العربية وليست حركة سياسية أو مدرسة فكرية، وبالتالي لا يجوز بأي حال من الأحوال الخلط بين رابطة الإنتماء وبين ممارسات أنظمة أو مدارس قومية أو أحزاب، سواء كانت هذه الممارسات صحيحة أو خاطئة، فالعروبة شيء والمدارس القومية شيء آخر، تماماً كالفارق بين الإسلام كعقيدة وبين حركات سياسية تنسب نفسها للإسلام.
2- لا شيء إسمه “عروبة إعتدال” أو عروبة تطرف.. ألخ، فالعروبة عروبة وهي إنتماء حضاري لشعب يرتبط بوحدة الأرض واللغة والألم والأمل والمصير، ونقطة على السطر. تماماً مثل الإسلام الذي هو رسالة سماوية، حيث لا يوجد إسلام إرهابي وإسلام معتدل وإسلام متطرف وإسلام عربي وإسلام غربي.
3- لقد حمل الرئيس جمال عبد الناصر مشروعاً قومياً للنهوض بوطنه وأمته، إستنادا إلى رابطة إنتمائه-العروبة، ولم يكن مشروعه يستهدف التبشير بـ”عروبة خاصة” ووضع يد أجهزته الأمنية على الأرض العربية، بل على العكس كانت ثورته تحريراً للوطن والمواطن في أي قطر عربي من الإستعمار وقواعد الإستعمار، وبالتالي لم نكن نتوقع أن ينضم الوزير المشنوق إلى خندق الحركات المتطرفة وجوقة المارينز الجدد الذين يشنّون الحملات على الرئيس عبد الناصر، فيصف بشكل غير مباشر دعم ثورة الجزائر ضد الإحتلال الفرنسي ودعم ثورتي العراق واليمن ضد الإحتلال الإنكليزي، وإنشاء ودعم منظمة التحرير الفلسطينية ضد الإحتلال الصهيوني، وإسقاط الأحلاف الإستعمارية في المنطقة، وبناء الجامعات العربية في لبنان والسودان والأردن، وإقامة الوحدة بين مصر وسوريا، والنهوض بدور الأزهر الشريف لنشر المبادىء الإسلامية الصحيحة، وتفعيل التضامن العربي في قمة الخرطوم وإنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي ومنظمة عدم الإنحياز…ألخ، أن يصف كل ذلك بأنه كان عنواناً للتمدد الأمني المصري على الأرض العربية!
4- إننا مع العمل على المصالحة مع جيراننا على قواعد الاستقرار السيادي وإحترام الإرادات والثقافات والمصالح (طبعاً بإستثناء العدو الصهيوني لأننا لا نحن ولا الوزير المشنوق نعترف بها جاراً)، لكن في الحقيقة لم نفهم دعوته للمصالحة مع العروبة، فهل يتصالح الإنسان مع رابطة إنتمائه؟ إلا كان كان المقصود أن يعود بعض العرب إلى أصالتهم ويلبسوا رداءهم العربي بعد أن تخلوا عنه لصالح الرداء الأجنبي، وهنا لا بد أن تكون دعوته موجهة أولاً إلى من تحالف مع الولايات المتحدة الأميركية طيلة سنوات في لبنان وما يزال، وحاول عبثاً أمركة المسلمين السنّة بدل التأكيد على عروبتهم ومواقفهم القومية الثابتة.
إننا إذ نقدّر للوزير المشنوق إنجازاته الأمنية في التصدي لجماعات التطرف المسلح، وحرصه على وحدة لبنان وتمتين الوحدة الوطنية، نؤكد أن هذا الرد يستهدف فقط التصويب من باب النقد البناء.