عن وسم المنتجات: يوجين كنتوروفتش
إن وسم اوروبا للمنتجات الإسرائيلية لا يهدف إلى دفع حل الدولتين إلى الأمام، وهو لا يرتبط بـ «الدفاع عن الحاجة». الهدف الوحيد هو عدم أنسنة إسرائيل. يقول الاتحاد الاوروبي إن تصنيف «صُنع في إسرائيل» يضلل المستهلكين حول مصدر المنتج، لكن التوجيهات لا تفرض اشارة جغرافية مختلفة. المفاجيء هو أنه حسب قانون الاتحاد الاوروبي نفسه، لا يمكن قول تصنيف «صنع في إسرائيل»، بل يمكن القول «صنع في الضفة الغربية» أو «صنع في المناطق الفلسطينية المحتلة»، رغم أن الحديث يدور هنا عن كيان لا يعترف به الاتحاد الاوروبي.
الارشادات تشير بوضوح إلى عدم امكانية استخدام هذه البدائل. وبدلا من ذلك يجب كتابة «مستوطنة إسرائيلية». هذه توجيهات استثنائية. ومطلب «المصدر الحقيقي» يوجه دائما للدولة الأصل أو المنطقة الأصل. وكتابة «مستوطنة إسرائيلية» لا يرتبط بالجغرافيا ولا يشير إلى المكان على الخارطة. أي أن الاتحاد الاوروبي يركز على هوية السلعة وليس على مكان انتاجها.
التوجيهات تترك المكان للابداعية عند المصدرين الإسرائيليين. فليس من المحظور كتابة «يهودا والسامرة» الامر الذي يستجيب لطلب عدم كتابة «إسرائيل» ويعطي موقعا جغرافيا. معروف أن الاتحاد الاوروبي لن يهدأ من الاسم الذي يُعطى لمنطقة من قبل «المستوطنين»، ولكن حسب المنطق الاوروبي نفسه سيكون واضحا من الصيغة أن الحديث يدور عن سلعة مستوطنات.
لا يجب النظر إلى الوسم كشيء بحد ذاته. فالوسم هو صعود درجة في سلسلة الوسائل العقابية المخطط لها من قبل اوروبا. فقد صاغت اوروبا توجيهات تمنع نقل الاموال للمشاريع الاكاديمية وغيرها في يهودا والسامرة والجولان، حيث منعت استيراد سلع زراعية معينة، ونشرت تحذيرات ضبابية لاصحاب المشاريع حول العلاقة مع «المستوطنين»، والآن تُلزمهم بالوسم، وكل هذا يحدث فقط في العامين الاخيرين. إن الاتحاد الاوروبي يعمل حسب قائمة لديه حيث أن الخطوة الاخيرة فيها هي فرض العقوبات الشديدة، واوروبا تستغل عدم رد إسرائيل الرسمي كمقدمة للخطوة التالية.
من المفرح رؤية احزاب المعارضة والائتلاف قد اتحدوا وقاموا بانتقاد الوسم بشدة. لكن الانتقاد لا يكفي. فغياب التواصل والتطبيق التمييزي لطريقة تعامل الاوروبيين مع توجيهاتهم، تمنح إسرائيل فرصة خاصة من اجل الهجوم المضاد. إن قوانين الوسم لا تُناقض علاقة الاتحاد الاوروبي مع المناطق الاخرى التي لا يعترف بسيادتها فقط، بل هي تناقض ايضا تصريحات سياسية رسمية للاتحاد، وكذلك قرارات للمحاكم في اوروبا.
مثلا في الوقت الذي يرفض فيه الاتحاد الاوروبي الاعتراف بصحراء السهارى الغربية كجزء من المغرب، فان الكتابة على منتجات تلك المنطقة هي «انتاج المغرب». وهذا ليس مخطوءً. جبهة تحرير السهارى الغربية تطالب الاتحاد الاوروبي ودول اوروبية اخرى التصميم على الوسم، والاتحاد الاوروبي يزعم في المحكمة أنه لا يوجد في وسم «انتاج المغرب» على السلع التي تُنتج في السهارى أي تضليل أو اخلال بقوانين الاتحاد الاوروبي.
يمكن لإسرائيل استغلال التلون الاوروبي لصالحها، ليس فقط من اجل تقديم الشكوى لمنظمة التجارة العالمية التي هي الجسم الذي يناقش الخلافات في مواضيع التجارة مثل وسم المنتجات. الخطأ الاساسي الذي تعمل ضده المنظمة هو التمييز في التجارة، وهذا ما يقوم به الاتحاد الاوروبي.
هناك من يعتقد أن التوجه لمنظمة التجارة العالمية سيجعل دول عربية تقوم بطرح موضوع المستوطنات، لكن هذا الخوف يفترض فرضية غريبة بأن العرب استطاعوا اتخاذ خطوة كهذه وتراجعوا عنها. ونظرا لأن موضوع المستوطنات لن يُطرح في النقاش فان منظمة التجارة العالمية لن تناقشه. والسؤال الوحيد الذي يبقى هو: بناءً على موقف السيادة من قبل الاتحاد الاوروبي تجاه دول مختلفة، هل سياسته تمييزية بحق إسرائيل؟ وامكانية خسارة الدعوى ليست هي سبب الامتناع عنها. ففي اسوأ الحالات سيكون القرار ضد إسرائيل، وسيبقى الوضع على ما هو عليه.
اذا ظهرت إسرائيل على أنها لا تريد العمل لتحقيق حقوقها القانونية، فان عقوبات اخرى أكثر خطورة ستُفرض عليها.
إسرائيل اليوم