فرنجية الفارس والعروبي المقاوم
غالب قنديل
ما يُنقل عن الوزير سليمان فرنجية بعد المعلومات المتداولة حول لقاء باريس يؤكد ما عُرف عنه من فروسية وشهامة ووضوح بعيد عن المخاتلة والتحايل اللذين يميّزان سلوك العديد من الساسة اللبنانيين، وتمسك فرنجية بأفضلية ترشيح العماد ميشال عون هو تأكيد لالتزامه الوثيق أخلاقياً ووطنياً بموقف الحلف الوطني العريض الذي ينتمي إليه، وللخط المبدئي الذي يحرسه ويدافع عنه منذ سنوات ولم يهتز التزامه به في أحلك الظروف. فقد أثبت هذا الزعيم الوطني المقاوم والعروبي أنّ خياراته صلبة ضدّ الكسر حتى لو ظلّ يدافع عنها وحيداً، وهي محصّنة ضدّ المناورات العابرة التي يمتلك ما يكفي من الحكمة والفطنة لاكتشافها ولإبطال مفاعيلها.
سليمان فرنجية مرشح طبيعي لرئاسة الجمهورية، وهذا حق مكتسب بقوة الوزن الشعبي والمرجعية التي يمثلها في لبنان، وهي تحظى باعتراف واسع وباحترام كبير في صفوف اللبنانيين في جميع المناطق ومن جميع المشارب، وتزيدها المصداقية والجرأة جاذبية وتقديراً، وهو من هذا الموقع تمسّك بتحالفاته المبدئية ولم يخلّ بالتزاماته ويمارس حقه السياسي الطبيعي بالتمايز التكتيكي عن الشركاء والحلفاء حين يقتضي الموقف منه ذلك، كما سائر الحلفاء، وانطلاقاً من تقديره السياسي للمصلحة الوطنية ولكنه في الوقت ذاته كان ولا يزال المدافع عن الخيارات الكبرى التي تجمعه بالرئيس ميشال عون وبالحلف الوطني العريض الذي ينتميان إليه، والذي يضع الجميع في عهدته بالشراكة بلورة القرارات النهائية في جميع المحطات والاستحقاقات.
الهجمات التي يُطلقها بعض المتطرفين والظلاميين من مواقع معروفة ضدّ الوزير سليمان فرنجية تطال خياره العروبي المقاوم وعلاقته بالرئيس بشار الأسد وبحزب الله، وهم يعرفون أنّ ذلك هو في صلب هويته السياسية، مما يفضح نزعاتهم الإلغائية التكفيرية سياسياً، فالوزير سليمان فرنجية شريك أصيل في المقاومة منذ تسلّمه الراية من الرئيس الراحل سليمان فرنجية، وقد طوّر تحالفه السياسي منذ الثمانينيات مع قوى المقاومة من خلال الصلة الوثيقة بين تيار المردة وكلّ من حزب الله وحركة أمل والحزب السوري القومي الاجتماعي، أما العلاقة مع الرئيس بشار الأسد فهي فعل التزام كبير بالعروبة وبالمقاومة وبالمضمون التحرّري والتغييري الذي يمثله هذا القائد المقاوم في مستقبل سورية والمنطقة برمّتها كرمز لإرادة الاستقلال والتحرّر من الهيمنة الاستعمارية، وللتقدّم الحضاري في اتجاه شراكات عابرة للحدود في مشاريع التنمية والتطوير الاقتصادي الاجتماعي، ويتجاهل الحاقدون اليوم أنّ سورية باتت القلعة التي تتشكّل حولها العلاقات الدولية الجديدة وتنبثق من شراكتها مع روسيا وإيران والصين وغيرها كتلة شرقية صاعدة ستكون مصلحة لبنان معها بعيداً عن فذلكاتهم المشؤومة حول المحاور وهم مَن أقحموا لبنان في محور الحرب على سورية بقيادة أميركية سعودية وجلبوا الويل على البلد لولا حكمة المقاومة وحلفائها الكبار كالعماد عون والوزير فرنجية.
يمثل الدفاع عن فكرة الدولة المدنية العلمانية الحاضنة للتعدّد الديني والمعتقدي بعداً جوهرياً في معركة الأسد دفاعاً عن بلاده وشعبه وعن هوية الشرق العربي المستهدفة بواسطة الإرهاب التكفيري لمصلحة الصهيونية وهيمنتها، وهذا محور أساسي في الشراكة اللبنانية السورية كما يراها فرنجية المؤمن بالوحدة الوطنية وبريادة الدور التاريخي لمسيحيّي الشرق في انبثاق العروبة والدفاع عنها.
إنّ الأحداث الجارية منذ سنوات في لبنان والمنطقة تبرهن على صحة ما يؤمن به سليمان فرنجية ويدعو إليه من احتضان للمقاومة كخيار أصيل، ومن شراكة مصير مع الرئيس بشار الأسد زعيم سورية الصامدة وهي تجعل من هويته نموذجاً للأفكار والمبادئ التي تمثل قاعدة الجهد الوطني القادر على إنقاذ لبنان وحمايته من الأخطار والتهديدات، والذين ذهبوا بعيداً في رهاناتهم على النيل من المقاومة والدولة الوطنية السورية يحصدون الخيبات وبعضهم يرفض مراجعة الحسابات بالعقلانية التي يدعوهم إليها فرنجية لاستخراج الدروس وللتراجع الممكن في التوقيت المناسب قبل أن تجرفهم التحوّلات الزلزالية المقبلة في المنطقة والعالم الذي يتغيّر انطلاقاً من صمود سورية ورئيسها.
في ألعاب الصعاليك طلباً للشهرة والحضور عادة قديمة هي تصنيع الخصومة بالافتراء والكذب، وعلى الدوام تطاول الأقزام الصغار على القامات الكبيرة علّهم يوضعون مقابلها فيكسبون وزناً ليس لهم وخاسرة هي لعبة الذين يتناولون سليمان فرنجية بمواقع قوته وحصانته فلا رهانهم على دق الأسافين مع العماد عون أفلح ولا سعيهم للنيل من صورة هذا الزعيم الوطني له مكان لأنّ الناس باتوا يعرفون ويفهمون من هم المتلوّنون وناقلو السلاح عبر المراحل، ومن هم المبدئيون الذين لا تهزهم التغييرات العابرة والتهديدات الجوفاء.