تغيير للأولويات وليس مراجعة للسياسات حميدي العبدالله
ما صدر عن لقاءات فيينا 2 وما أطلق من مواقف على هامش هذه اللقاءات وما صدر عن قمة العشرين في أنطاليا يؤكد حقيقة لا جدال فيها، مفادها أنّ مواقف الأطراف الدولية والإقليمية المشاركة في الحرب على سورية لا يشير إلى أيّ تغيير في مواقف هذه الدول مما يجري في سورية، على الرغم من اتضاح خطأ السياسات المعتمدة، ومسؤوليتها الحصرية عن تعاظم خطر الإرهاب وامتلاكه القدرات التي باتت تهدّد ليس سورية والعراق واليمن ولبنان، وهي الدول المستهدفة من قبل التحالف الإقليمي والدولي الذي يصرّ على إطاحة الدولة السورية، بل بات هذا الخطر يتهدّد أكثر الدول حماساً له، والتي قدّمت دعماً كان وراء بناء الخلايا وتوفير القدرات التي سهّلت لهذه الجماعات الإرهابية تنفيذ هجماتها الارتدادية سواء في فرنسا، أو في السعودية أو الكويت أو تونس.
رغم وضوح مخاطر الإرهاب إلا أنه ليس هناك ما يشير إلى مراجعة السياسات الخاطئة التي أوصلت الإرهاب إلى هذه الدرجة من القوة، ليس هناك استعداد لدى الدول التي دعمت الإرهاب لوقف تقديم الدعم المالي والسياسي له، بل ثمة محاولات التفاف على المواقف الجديدة من خلال السعي إلى استثناء منظمات إرهابية بعينها من تصنيفها بأنها تنظيمات إرهابية لاستمرار اعتمادها في الحرب التي شنّت على الدول التي لا تدور في الفلك الأميركي، ومعروف أنّ ثمة محاولات قد بذلت من أجل سحب تصنيف «جبهة النصرة» كتنظيم إرهابي، ولكن هذه المحاولات قد فشلت لسببين، السبب الأول، رفض هذه المنظمة الإرهابية فك ارتباطها العلني مع تنظيم «القاعدة» حتى لو كان ذلك شكلياً تحسّباً لاستغلاله من قبل «داعش» واتهامها بالخروج عن خط «القاعدة»، السبب الثاني، لأنه سيكون من الصعب شطب هذا التصنيف بعد ما صدر في قرارات لمجلس الأمن، كما أنه يمكن الاستدلال على مراجعة السياسات، لو تغيّرت مواقف هذه الدول من الحكومة السورية، ووافقت على التعاون معها لمكافحة الإرهاب والتنسيق مع مؤسساتها المختلفة، ولا سيما الجيش السوري.
لكن طالما أنّ مواقف الدول المنخرطة في الحرب على سورية لم تتغيّر في هاتين المسألتين، فهذا يعني بوضوح أن لا تغيّر في موقفها من سورية يساعد على الوصول إلى حلّ سياسي. جلّ ما يمكن لحظه من تغيير هو أنّ هذه الدول، وخصوصاً بعد الهجمات الإرهابية في فرنسا، وما تركه ذلك من ردود فعل وقلق وخوف على مستوى الرأي العام الأوروبي والغربي، لم تعد قادرة على تجاهل خطر الإرهاب والتسليم بأولوية محاربته، وهذا يعني أنّ ما حدث هو تغيير للأولويات وليس تغييراً للسياسات.
(البناء)