بقلم غالب قنديل

ماذا يريدون من سورية ؟

Letter

غالب قنديل

الرسالة التي تلقاها الرئيس بشار الأسد من عضو مجلس الشيوخ الأميركي عن ولاية فرجينيا السناتور ريتشارد بلاك تمثل وثيقة هامة في تأكيد حقيقة الحرب على سورية فهي شهادة من داخل المؤسسة الأميركية الحاكمة لصالح وجهة نظر الرئيس بشار الأسد وموقفه وقرينة تكشف مواصلة واشنطن دعم الجماعات القاعدية ومدها بالسلاح كما أشار بلاك الذي قدم رؤية لما يجري بقوله إنها حرب مدبرة في مؤامرة أجنبية للإتيان بحكم عميل في سورية.

الأولوية المركزية التي تحرك الغرب الاستعماري وتفسر احتشاد الحكومات الرجعية العميلة في المنطقة ضمن حلف العدوان يمكن التعرف عليها في تصريحات رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو خلال زيارته لواشنطن ولقائه بالرئيس باراك اوباما عندما طلب من البيت الأبيض مساندة توجه حكومة الكيان الصهيوني لضم هضبة الجولان المحتلة نهائيا وفرض منطقة منزوعة السلاح من حدود الهضبة إلى ما بعد العاصمة دمشق !

هذا هو البعد الأول لهوية الحكم العميل الذي يريدون إقامته في سورية وفرضه على الشعب العربي السوري أي إنه حكم يقبل الاستسلام والخضوع لهيمنة إسرائيل في المنطقة وفي الحد الأدنى هم ( دول العدوان ) يعملون لتركيبة حاكمة في سورية تسمح توازناتها الداخلية بالخضوع لشروط نتنياهو أي قبول تهويد الجولان ونزع السلاح السوري في منطقة تمتد من خط الرابع من حزيران إلى آخر نقطة من العاصمة دمشق ومحيطها في العمق السوري.

مضمون ما تقوم به السعودية وتركيا وقطر بقيادة الولايات المتحدة في الميدان كما في قاعات التفاوض هو السعي لفرض حكم عميل في سورية يرضخ لتلك الأهداف الصهيونية أي يقبل بالتخلي عن الجولان وبسيادة سورية منقوصة من خلال منطقة منزوعة السلاح تشمل العاصمة السورية وهذه هي عصارة التدخلات الغربية الخليجية التركية في سورية منذ سنوات غير قصيرة وهي تتضمن أيضا في أهدافها المركزية إخضاع سورية لمشاريع الأنابيب العملاقة الناقلة للغاز والنفط إلى اوروبا بقيادة اميركية وبشراكة سعودية قطرية تركية إسرائيلية وإقصاء دمشق عن خطط الحلف الشرقي الروسي الصيني الإيراني لإقامة خطوط نقل عملاقة من بحر قزوين إلى الساحل السوري وكما في البعد الأول كذلك في هذا البعد الاستراتيجي الثاني لم يكن احد من المتآمرين يتخيل القدرة على تحقيق الهدف من غير إزاحة الرئيس بشار الأسد.

رسمت معادلات الردع في المنطقة بفضل محور المقاومة منذ العام 2000 حدودا لقدرة إسرائيل في مواجهة الدولة الوطنية السورية ومعلوم ان الشروط التي ينادي بها نتنياهو اليوم جهارا سبق ان طرحتها قيادات إسرائيلية عديدة بعد هزيمة حزيران وفي مناخ التفاوض السوري الإسرائيلي المباشر وغير المباشر بعد ذلك ولأن الحرب المباشرة ضد سورية كانت متعذرة نتيجة التوازنات التي ترسخت بعد حرب تموز 2006 وضعت خطة الحرب بالوكالة التي جرى تنفيذها في أخطر مؤامرة عالمية معاصرة استهدفت شعبا ودولة مستقلة وزعيما استقلاليا يدافع عن حرية شعبه وسيادة بلاده الوطنية وكانت نقطة الانطلاق مناورة خادعة قطرية تركية اخوانية فرنسية تحت الإشراف الأميركي.

حكومات الولايات المتحدة والدول الغربية وتركيا والسعودية وقطر تواصل جميعها دعم العصابات الإرهابية التكفيرية وعملاء الناتو وإسرائيل على أرض سورية وواجهات ما يدعى بالمعارضة التي تغرف المال والسلاح وتستظل التغطيات السياسية من ذلك الحلف العدواني الدموي .

أكاذيب المعتدين عن محاربة الإرهاب باتت مكشوفة منذ الانخراط الروسي إلى جانب الدولة الوطنية السورية وقواتها المسلحة والخداع الكبير تحت ستار التفاوض السياسي صار عاريا كذلك فالجدل في تصنيف الجماعات الإرهابية تمييع ومضيعة للوقت يهدف إلى حماية جماعات إرهابية تشغلها مخابرات الدول المعتدية والتدخل الصلف والمكشوف في تركيب توليفات متعددة لوفود التفاوض السياسي السوري ليس سوى عمل عدواني يهدف إلى زرع عملاء ومرتزقة في معادلات سورية خالصة.

الميدان هو الفيصل وكما فرضت الأحداث والتداعيات وإرادة القتال والصمود السورية شعبيا وسياسيا خلال أربع سنوات مسارا جديدا وراكمت رصيدا بنى عليه الحلفاء والشركاء مواقفهم ومداخلاتهم ودعمهم القوي لسورية هاهي التطورات تكشف الخدعة الأميركية وخفة الإمبراطورية التائهة المتخبطة امام إرادة سورية وحلفائها في صياغة حلف جدي وصارم لقيادة حملة تصفية معاقل الإرهاب التكفيري.

انظروا مسخرة جون كيري الذي قال قبل أشهر إن حرب داعش ستدوم اكثر من عشر سنوات وامس تفتقت عبقريته عن تصريح الأيام المعدودة … الذي تغير بين التصريحين هو الحضور الروسي النوعي بعد المشاركة الجدية من قبل إيران وحزب الله إلى جانب الإرادة الوطنية السورية المقاتلة … بينما يستمر الدعم الأطلسي الخليجي التركي الصهيوني لداعش واخواتها بألف سبيل وسبيل .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى