لهم عيون لكنهم لا يرون!: موشيه آرنس
هل سنعيش على حد السيف إلى الأبد؟ سأل رئيس الحكومة في الاسبوع الماضي في جلسة لجنة الخارجية والامن في الكنيست. هذا المفهوم تحول في الآونة الاخيرة إلى وصفة للحرب التي لا تلوح نهايتها في الأفق. جواب رئيس الحكومة نتنياهو كان مباشرة وحاسما: «نعم». الكثيرون تحفظوا من هذا. هل هذا هو المستقبل الذي يتوقعه لنا؟ وأين هو السلام الذي يبحث عنه الجميع؟.
التاريخ الصهيوني مليء بمحاولات التوصل إلى اتفاق مع العالم العربي والفلسطينيين. هذا الطموح يوجد في كتاب «ألتانويلند» الذي يصف فيه هرتسل الدولة اليهودية المستقبلية حيث يعيش العرب واليهود فيها بسلام.
لم يكن هذا أكثر من طموح. الاتفاق بين حاييم وايزمن والامير فيصل في 1919 الذي ضمن التعاون بين الصهاينة والعرب، لم يصمد أكثر من اشهر معدودة. اعضاء «اتحاد السلام» الذين كانوا مستعدين للتنازل عن اقامة الدولة اليهودية لم يجدوا استجابة من الطرف العربي، وسيتذكرهم التاريخ مثل مجموعة صغيرة من الحالمين بما هو أفضل.
حينها جاءت الموافقة من قبل الحركة الصهيونية على قرار لجنة بيل في 1930، تقسيم البلاد بين اليهود والعرب، القرار الذي رفضه العرب. هذا السيناريو تكرر بعد عشر سنوات حيث وافقت الأمم المتحدة على قرار التقسيم. الحركة الصهيونية قبلت القرار أما العرب فرفضوه مرة اخرى. في السنوات التي تلت ذلك هاجم العرب إسرائيل اربع مرات: 1948، 1956، 1967 و1973.
الوحيد الذي حذر في 1923 من أن العرب لن يقبلوا الصهاينة بأيدي مفتوحة، كان زئيف جابوتنسكي، وقد طلب اقامة «جدار حديدي» كي يفهم العرب أنه لا يمكن القاء اليهود في البحر. وكما فهم فان إسرائيل تحتاج إلى قوة عسكرية كبيرة حتى تقنع العرب بالتوقيع على اتفاق سلام معها، وهذا ما حدث بعد حرب يوم الغفران.
بعد توقيع الاتفاق الإسرائيلي المصري بـ 15 سنة تم توقيع اتفاق سلام مع الاردن، وكان هذا هو الاتفاق الاخير بين إسرائيل والدول العربية. المحاولات المكررة للتوصل إلى اتفاق مع سوريا لم تنجح. واتفاقات اوسلو لم تؤد إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين بعد أن رفض ياسر عرفات اقتراحات اهود باراك.
كانت فترة استمرت أكثر من 30 سنة منذ حرب يوم الغفران، حيث حلق السلام في الأفق، وانتهت، في الوقت الحالي على الأقل. الربيع العربي قضى عليها.
ظهور القاعدة وداعش في العالم وزيادة قوة إيران التي أقسمت على تدمير إسرائيل، حطم فرص توسيع دائرة السلام. الفرضية التي تقول إنه يمكن التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين بواسطة محمود عباس الذي لا يملك قوة وهالة عرفات، وحماس تعمل ضده، ما هي إلا هذيان. ويبدو أن السلام بعيد جدا، وعلى إسرائيل أن تكون مستعدة لكل الاحتمالات. هذا ما قاله نتنياهو. الوضع الحالي في الشرق الاوسط لن يستقر في المستقبل المنظور.
أليس هذا واضحا لكل من يرى الشرق الاوسط؟ هل يمكن أن يكون طموحنا للسلام يعمي أعيننا ويمنعنا من رؤية الواقع؟ في كتاب يرمياهو هناك فقرة تلائم اولئك الذين يمنعهم الطموح إلى السلام من رؤية الواقع الصعب: «توجد لهم عيون لكنهم لا يرون بها».
هآرتس