بين الحسم العسكري والحلّ السياسي حميدي العبدالله
واضح أنّ ثمة جهوداً سياسية تبذل على أكثر من صعيد ومن قبل أكثر من جهة دولية وإقليمية فاعلة للبحث عن حلّ سياسي للأزمة القائمة في سورية. في هذا السياق يندرج لقاء فيينا والاتصالات التي تجري للتحضير لـ«فيينا 2».
لكن الجميع يتساءل هل ثمة إمكانية لحلّ سياسي للأزمة القائمة في سورية، وإذا كان ثمة حلّ سياسي، فالكل يتساءل بين من ومن إذا كان الطرف الأول واضحاً، وهو الدولة السورية، ولكن الطرف الثاني في الحلّ غير واضح:
ـ هل هو المعارضة السورية؟ وأيّ معارضة؟
ـ هل هو الائتلاف، ومن يمثل الائتلاف في الميدان السوري؟
ـ هل الطرف الآخر هو الولايات المتحدة ودول المنطقة المنخرطة في الحرب على سورية، وإذا كانت هذه الدول هي الطرف الآخر، فما هو مدى قدرتها على إقناع تنظيمي «داعش» و«النصرة» بقبول ما يقبلوه في إطار أيّ حلّ سياسي تفاوضي بين الدولة السورية وبين الطرف الآخر؟
ـ هل الولايات المتحدة مستعدّة للبحث عن حلّ سياسي مع «داعش» و«النصرة»، أم أنها تعتبرهما جماعات إرهابية يجب القضاء عليها؟
هذه أسئلة لا يمكن تجاوزها أو تجاهل طرحها من قبل كلّ من يدعو إلى حلّ سياسي للأزمة في سورية.
وإذا كان مسار الحلّ السياسي غير واضح وغير ممكن وليس له قوى دافعة، إلا أنّ موضوع الحسم العسكري أمر يختلف على هذا الصعيد. وهذا الاختلاف يكمن في الإجماع على مسلّمات، حتى وإنْ كان هذا الإجماع من قبل الأطراف الدولية والإقليمية لا يتجاوز الإجماع المبدئي لا العملي.
ثمة إجماع دولي وإقليمي على أنّ «داعش» و«النصرة» تنظيمات إرهابية لا يمكن إيجاد حلّ سياسي معها، لأنها أولاً، ترفض هي مبدأ الحلّ السياسي، وثانياً لأنها تنظيمات إرهابية.
ثمة إجماع أو ما يشبه الإجماع على أنّ «داعش» و«النصرة» هما العمود الفقري لكلّ التشكيلات المسلحة التي تسيطر على المناطق السورية الخارجة عن سيطرة الدولة.
ثمة إجماع، ولو من الناحية المبدئية على أنه لا حلّ مع «النصرة» و«داعش» سوى الحسم العسكري، سواء عبر سورية وإيران وروسيا وحزب الله، ومن يؤيدهما، أو من قبل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، وإنْ كانت أعمال هذا التحالف لا تزال مقصورة على استهداف «داعش» دون توسيع هذا الاستهداف ليشمل «جبهة النصرة» المصنّفة من قبل مجلس الأمن كتنظيم إرهابي.
في ضوء مقارنة ضبابية الحلّ السياسي والتعقيدات التي تحيط به، وبين واقعية الحسم العسكري، حتى وإنْ كان من قبل تحالفين مختلفين، يمكن القول إنّ مفتاح الحلّ في سورية هو الحسم العسكري وليس الحلّ السياسي الذي لا يزال مجرّد حملة علاقات عامة لا أكثر ولا أقلّ.
(البناء)