مقالات مختارة

فشل استخباري:تسفي برئيل

 

«نشاطنا العسكري ضد الإرهاب حقق 90 بالمئة من اهدافه»، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مقابلة مع الـ «بي.بي.سي» اثناء زيارته في هذا الاسبوع في بريطانيا. لم تجدد مصر حتى الآن اهدافها ضد الإرهاب: هل تنوي القضاء على جميع المنظمات العاملة في سيناء ومدن اخرى؟ وهل القضاء على الاخوان المسلمين جزء من اهدافها أم أن قوات الأمن ستكتفي بتقليص عدد الهجمات في سيناء؟.

إن استراتيجية الحرب المصرية ضد الإرهاب تعتمد على معارك برية وجوية ضد خلايا محددة، واغلاق الحدود بشكل كامل بين سيناء وقطاع غزة، ومنع دخول السلاح من الحدود الغربية (ليبيا) والجنوبية (السودان)، وفرض حصار ومنع تجول على مناطق شمال سيناء، ولا سيما العريش والشيخ زويد وباقي المناطق القريبة منها.

وبالتوازي تعمل الشرطة والمخابرات داخليا ضد الاخوان المسلمين وايضا ضد معارضي النظام في الشبكات الاجتماعية. الكثير من الشرطة ورجال الأمن يعملون في هذا المجال الذي كلف عشرات رجال الأمن حياتهم. هذه الاستراتيجية تسببت بعشرات القتلى وآلاف المعتقلين من اوساط المنظمات الراديكالية، لكنها مركزة بشكل اساسي على البنية، وفي المواقع التي تنفذ فيها هذه المنظمات عملياتها. وهي لا تعمل ضد خلايا الإرهاب أو الإرهابيين الافراد، أو اولئك الذين يتسللون من خارج مصر.

أكثر من نصف دزينة من المنظمات تعمل في سيناء. «السلفية الجهادية» و»اكناف بيت المقدس» تبنيتا ايديولوجيا القاعدة حتى بدون ولاء لها. وآخرين مثل «التكفير والهجرة» و «جند الإسلام» لا ينتميان إلى منظمات خارجية، ويتركز عملهما على اهداف داخلية في مصر وضد اهداف إسرائيلية. «انصار بيت المقدس» انضمت لتنظيم الدولة الإسلامية (تنظيم «الدولة») وتحمل منذ ذلك الحين اسم «ولاية سيناء»، وتحولت إلى التنظيم الاساسي الذي ينفذ عمليات ضد قوى الأمن المصري وايضا ضد المواطنين، وبالذات البدو، الذين يشتبه بتعاونهم مع السلطات. هذا هو التنظيم الذي اعلن مسؤوليته عن اسقاط الطائرة الروسية، دون ان يوضح كيف فعل ذلك.

التحليلات العسكرية تستبعد حتى الان ان يكون تنظيم «الدولة» قد استخدم صاروخا أو صواريخ لاسقاط الطائرة، بسبب عدم وجود صواريخ بعيدة المدى لديها، قادرة على اسقاط طائرة على ارتفاع 31 الف قدم. ولديها على الاكثر صواريخ كتف روسية من نوع «ايجلة» انتقلت اليها من ليبيا. والتقدير السائد والذي تحدث عنه امس وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند، هو أنه وضعت عبوة ناسفة في الطائرة وتسببت بالانفجار، هذا الامر يجب التعامل معه بحذر لان نتائج التحقيق لم تنشر بعد ولم ينتهِ العمل بالصناديق السوداء.

في المعركة الدائرة حول اسباب تحطم الطائرة هنالك الكثير من المصالح، وكل طرف يتمسك بروايته من أجل التملص من المسؤولية. ولكن بغض النظر عن الخلاف بالرأي، ان كانت هذه فعلا عملية لتنظيم «الدولة»، فلا شك ان هذا فعلا فشل أمني وفشل استخباري، والفشل الاستخباري لا يخص مصر لوحدها، اجهزة استخبارية من جميع انحاء العالم تتابع اتصالات تنظيم «الدولة»، تعمل على الرسائل الالكترونية والشيفرات وتجمع المعلومات. إذا لم يكن هناك تحذير مسبق عن نية اسقاط الطائرة الروسية، او إذا كان تحذير كهذا وتم التغاضي عنه، فان شيئا قد تشوش في هذه الاجهزة الاستخبارية.

الصراعات بين الاجهزة الاستخبارية حدثت في السابق وتسببت في بعض الاحيان بكوارث تراجيدية. والاخطر من ذلك فان زرع قنبلة في طائرة يحتاج إلى جمع معلومات لفترة طويلة بما في ذلك الجدول الزمني حول الهبوط والطيران، واتجاه الرحلة، وتجنيد عملاء من داخل المطار أو من داخل الشركة الروسية (الكثير من الروس والشيشان ومواطني دول الاتحاد السوفياتي سابقا قد تجندوا لتنظيم «الدولة» وهذا الامر يحتاج إلى تقنيات تكنولوجية عالية من اجل تجاوز الفحص الامني وايصال القنبلة إلى الطائرة.

قدرات استخبارية وامنية كهذه يجب ان تبعث على القلق ليس فقط لشركات الطيران الروسية والمصرية. بل جميع شركات الطيران في العالم. إذا قرر تنظيم «الدولة» تغيير الطريقة وتبني طريقة القاعدة، هذا يلزم الغرب بتغيير الاستراتيجية وقصف قواعد تنظيم «الدولة» في سوريا والعراق تم حتى الان بدون خطط فعالة، وبشكل يشبه محاربة مصر في سيناء. يجب اعادة النظر بفرضية ان تنظيم «الدولة» ستكتفي بالعمل في المناطق التي تسيطر عليها فقط.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى