اليمين ضد اليهود: آري شبيط
الدقة، شمال كارولينا، حيث أن الفرضية السائدة هي أن اليسار الإسرائيلي يمثل الاساس الديمقراطي في حياتنا، أما اليمين الإسرائيلي فيمثل الاساس اليهودي. هذا غير دقيق. كثيرا ما يكون اليسار ليس يسارا ديمقراطيا: يجد صعوبة في احترام القرارات السيادية للاغلبية ويحاول فرض رغبته على الاغلبية بالقوة. في نفس الوقت مرات كثيرة يكون اليمين ليس يمينا يهوديا. التصاقه المطلق بارض إسرائيل يجعله يتنكر لاجزاء كبيرة من شعب إسرائيل وتعريض دولتهم للخطر، لكن العلاقة بين اليمين الإسرائيلي والشعب اليهودي في السنوات الاخيرة ازدادت خطورة. ودون معرفة أو قصد تحول اليمين إلى تهديد حقيقي على مستقبل يهود الشتات.
الهجوم الاول على الشعب اليهودي قام به اليمين بواسطة المستوطنين. فمن بين كل 10 يهود في شمال أمريكا، 7 على الأقل هم ديمقراطيون ليبراليون. ومن بين كل 10 شباب يهود هناك، 8 على الأقل يؤيدون براك اوباما. الاستيطان بالنسبة لهم هو عمل غريب. وحينما تقوم حكومات اليمين باستعباد العمل الصهيوني من اجل الاستيطان، فهي تخون قيم الاغلبية الساحقة من الشعب اليهودي. وحينما تُحدث تماثل بين إسرائيل وبين إسرائيل المستوطنة فهي تضع اغلبية شباب الشتات في وضع غير محتمل. المستوطنة ليست فقط عمل غير ديمقراطي بل هي ايضا عمل غير يهودي يهدد مستقبل اليهود.
الهجوم الثاني على الشعب اليهودي ينفذه اليمين بواسطة الحريديين. اغلبية اليهود في الشتات هم من الاصلاحيين والمتجددين والعلمانيين. هؤلاء اليهود بحاجة إلى إسرائيل بشكل كبير جدا. لكن إسرائيل التي يحتاجونها هي إسرائيل هرتسل ـ متنورة وحرة وليبرالية. حينما تخضع حكومات اليمين للاحزاب الحريدية وتمنح إسرائيل صبغة دينية مظلمة فهي لا تُمكنها من ملء دورها ورسالتها الصهيونية الاساسية وهي أن تكون قدوة للأغيار، وتتسبب بأن تكفر إسرائيل بشرعية اليهودية الغير محافظة وتبصق في وجه ملايين اليهود الذين يحاربون بشجاعة من اجل هويتهم وثقافتهم وشعبهم. أن تصبح حريديا ليس عملية غير ديمقراطية فقط بل ايضا عملية غير يهودية تهدد المستقبل اليهودي.
أنا موجود في الاسابيع الاخيرة من جديد في خط الجبهة الحقيقي للشعب اليهودي: جامعات أمريكية. وفي كل مكان أرى ما لا يراه سوى الاعمى. ليس فقط الـ بي.دي.اس هي المشكلة، ليس فقط اللاسامية الجديدة هي التهديد. التحدي الحقيقي للدولة اليهودية والشعب اليهودي هو ادارة الظهر من شباب كثيرين، حيث يعتبرون إسرائيل قومية متطرفة حريدية. كيف يمكن اقناع فتاة تريد اصلاح العالم وعمرها 19 سنة من بركلي، أن إسرائيل هي بيتها الثاني، في حين أن إسرائيل تقمع النساء؟ كيف يمكن اقناع شاب عمره 20 سنة من ديوك أن إسرائيل ليست جوليات، في حين أن إسرائيل تقوم بتدفيع الثمن؟ أنا احاول. أبذل قصارى جهدي واحيانا أنجح في ذلك. لكن في كل يوم وفي كل مكان أرى الهاوية التي نحن على حافتها.
الهجوم المزدود لليمين الإسرائيلي على الشعب اليهودي يحمل مغزى واضحا. في الوقت الذي يهدد فيه العمل القومي القومية فان العمل اليهودي يهدد اليهودية. حينما يضع اليمين الدولة في أيدي أقليتان متطرفتان ـ حيث أن قناعاتهما تناقض قناعات الاغلبية اليهودية في البلاد وفي الشتات ـ فان هذا يزعزع أساس الصهيونية وينفي البديل الليبرالي الساعي إلى السلام في صالح القومية المتطرفة اليهودية. اليمين الإسرائيلي هو الذي يحاصر الآن المستقبل اليهودي.
هآرتس