دعوا القضاء يقول كلمته
انطلقت حملة واسعة تحت عنوان ادعاء حزب الله على المذيعة التلفزيونية ديما صادق وللوهلة الأولى يحضر السؤال عن عدم تطرق الجهات المعترضة والمحتجة من قبل لسيل الدعاوى التي تقيمها جهات سياسية وشخصيات عامة على إعلاميات وإعلاميين ووسائل إعلام وتتجه الأنظار إلى أرشيف ثقيل من الدعاوى القضائية يحمل توقيع القوات اللبنانية وقائدها سمير جعجع والرئيس السابق ميشال سليمان وحزب الكتائب وغيرهم العديد من الجهات على ضفتي الانقسام السياسي في البلاد ولم يسبق أن جرى وصف الاحتكام إلى القضاء بأنه ترهيب أومس بحرية الصحافة بل عومل الأمر على أنه المسار الطبيعي والمتمدن في التعامل مع أي نزاع في قضايا النشر والبث الإعلامي لاتهامات منسوبة إلى جهات وشخصيات سياسية من قبل خصومها ومناوئيها وحيث يرتضي المتنازعون ما تقضي به السلطة المخولة البت في مثل هذه القضايا التي لم تحصر مرجعية النظر بها بمحكمة المطبوعات وغالبا ما اتخذت الجهات المتضررة صفة الإدعاء امام النيابات العامة التي يترك لها حق التصرف وفق صلاحياتها المنصوص عليها قانونا بتحديد طبيعة المنازعة وصفة المرجعية القضائية المخولة أصولا بالنظر بها عبر إحالتها.
الدعوى التي تقدم بها حزب الله ضد المذيعة التلفزيونية ديما صادق تتناول ترويجها عبر وسائل التواصل الاجتماعي لاتهامات جرمية ضد أعضاء وقيادين في حزب الله نسبت إليهم التورط في تجارة المخدرات والسلاح وتبييض الأموال وفي حماية متورطين في هذه الأنشطة بداعي القرابة وفقا للروايات التي عممتها السيدة ديما صادق عبر تغريدات ونصوص نشرتها على حساباتها الشخصية في الفايس بوك وتويتر .
في سلسلة الترهيب التي تمارس معنويا ضد احتكام حزب الله إلى القضاء محاولة طمس موضوع الدعوى والزعم أنه يتصل بمضمون الأسئلة الاستفزازية المبنية على التبني الصريح لاتهامات ومواقف مسبقة بصورة تخالف الأصول المهنية خلال لقاء تلفزيوني والهدف تحويل الموضوع إلى قضية حريات إعلامية تحت شعار مثير اختاره المستنكرون : ممنوع السؤال بينما الموضوع الذي بات في عهدة القضاء هو قضية افتراءات واتهامات بدون أدلة.
لايمنح القانون اللبناني العاملين في الصحافة ووسائل الإعلام المرئي والمسموع حصانة ضد ادعاء المتضررين من اقوالهم او كتاباتهم مع العلم ان الدعوى ضد صادق هي ادعاء المتضرر على اتهامات جرمية تم نشرها إلكترونيا وليست على أقوال صدرت في سياق ممارسة المهنة أي خلال حوار تلفزيوني في هذه الحالة.
إن الطريق الذي اختاره حزب الله هو الاحتكام إلى القضاء أي الطريق القانوني المتحضر في دحض الاتهامات التي عممتها صادق وهذا دليل على اختيار حزب الله لإدارة النزاعات من خلال المؤسسات والمرجعيات القانونية اللبنانية وفقا للأصول المرعية وعلى صادق ان تقدم الأدلة والاثباتات التي تدعم اتهاماتها للقضاء طالما ان تلك الاتهامات تناولت نسبة أفعال جرمية لأشخاص محددين ويمكن للقضاء ان يحاسبهم عليها إذا توافرت لدى صادق أدلة تثبت الاتهامات وفي حالة العكس ستكون بكل أسف أمام التبعات القانونية لجريمة التشهير والقدح والذم عبر توجيه اتهام بدون قرينة وبقدر ما يبنى الضجيج ضد الحزب على مطالبته بالخضوع للقوانين يفترض ان يرتضي خصومه احتكامه للقوانين وللقضاء فتلك القاعدة تعمل في الاتجاهين أليس كذلك ؟.
في القياس القانوني والسياسي تمثل الاتهامات ضد حزب الله تحريضا موصوفا يلحق الضرر بالوحدة الوطنية للبلاد وبسمعة المقاومة اللبنانية التي يقودها حزب الله وهذا “يضعف الحالة المعنوية للأمة في زمن الحرب” بالنظر لما يتولاه حزب الله من مسؤوليات في الدفاع عن لبنان ضد التهديد الصهيوني العدواني المستمر وضد الخطر الإرهابي التكفيري وهذه جريمة يحاسب عليها قانون العقوبات اللبناني ولا يعني ذلك منع الانتقاد بل ضرورة إسناده بالبينات والأدلة وليس باجترار معلومات متناقلة من غير دليل وهي غالبا مستقاة من مصادر اجنبية ومحلية ليست نزيهة الداوفع والأهداف والدليل في كلام جيفري فيلتمان الذي سبق ان كشف مئات ملايين الدولارات التي أمر بصرفها لشيطنة حزب الله وبالمفردات التي باتت معروفة المصدر مما يفرض بداهة على أي جهة إعلامية نزيهة ان تتوخى الدقة والموضوعية في مقاربة هذا الملف وبغض النظر عن موقفها الخاص من حزب الله ومدى خصومتها السياسية معه.
كلمة أخيرة للمتنافخين شرفا على الحريات وعلى الإعلام : دعوا القضاء يقول كلمته في دعوى افتراء وقدح وذم ولا تمارسوا التهويل على القضاء باسم الحرية.
الشرق الجديد