مملكة القاعدة وداعش
غالب قنديل
من يطالع أخبار مؤتمر فيينا في الصحف السعودية يتلمس خيبة ومرارة واضحة ولب ما فيها صورة يقدمها بعض الكتاب المقربون من بيت الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز الذين اعتبروا ما يدور في المباحثات عن سورية خداعا روسيا وقعت في حبائله الولايات المتحدة وهم يتحاملون على جون كيري بالمناسبة ويتهمونه بالوقوع في الفخ الروسي منذ تسوية الكيماوي السوري ويعتبرون بالمقابل ان صيغة فيينا مطاطة وغير واضحة وستكون تغطية لعمليات الحسم العسكرية السورية الروسية الجارية في الميدان ولصيغة سياسية تحصن مكانة الرئيس بشار الأسد.
أولا جمال الخاشقجي أحد هؤلاء الكتاب يقول في مقالته المنشورة اليوم بعنوان ” لاحل مع بوتين ” وبفجاجة إن المملكة سلمت صواريخ مضادة للدروع وللطائرات بكميات كبيرة إلى الجماعات المسلحة في سورية ردا على الانخراط الروسي في القتال إلى جانب القوات العربية السورية والجماعات المقصودة طبعا هي الفصائل القاعدية والأخوانية التي تتلقى الأموال السعودية والقطرية والأسلحة عبر الحدود التركية والأردنية ومن خلال خطوط الإسناد الإسرائيلية عبر الجولان المحتل وكانت تتلقاها لأمد غير قصير عبر لبنان وبكل فجاجة كرر وزير الخارجية السعودية عادل الجبير أقواله السابقة وكأن شيئا لم يكن في فيينا .
ثانيا المملكة السعودية ضالعة عضويا في تكوين الجماعات التكفيرية والإرهابية الناشطة على امتداد المنطقة وهي متورطة في حشد واستجلاب الفلول القاعدية إلى سورية من مختلف أنحاء العالم وتكفي للدلالة شبكات الحشد الإعلامية التي تضم قنوات فضائية ومواقع إلكترونية مباحة لدعوات التكفير والتطرف الدموي ويعرف المتابعون انه حتى في أوروبا وأستراليا والأميركيتين تضخ الأموال السعودية والقطرية والإماراتية من المصادر الحكومية والمشيخية إلى الجمعيات المتطرفة التي كرست جهودها للحشد إلى سورية واليمن فيما بعد وقبل ذلك إلى ليبيا وحيث لعبت وتلعب المخابرات التركية دورا محوريا في تأمين الانتقال إلى سورية والعراق وفي التخديم اللوجستي لشتى فصائل القاعدة وداعش والأخوان المسلمين عبر الحدود وعلى الأراضي التركية ومن تلك المنصات شرع يظهر الارتداد الإرهابي داخل تركيا مؤخرا بخروج بعض الجماعات عن سيطرة المشغلين .
ثالثا حين يصدر تعبيرا الثورة والديمقراطية عمن يتباهون بالخضوع لأعتى نظم الاستبداد في العالم ويمارسون أفظع أشكال التملق والنفاق المذل لأمراء السلالة الاستبدادية يتحول الأمر إلى نكتة سمجة ولكنه في الواقع مأساة دامية تقودها السعودية الوهابية وتركيا الأخوانية ضد الشعب العربي السوري وبواسطة خليط متعدد الجنسيات من الإرهابيين قدر مركز دراسات الحرب الأميركي حجمه قبل عام بحوالي مئة ألف جمعوا من ثمانين بلدا وتقول تقديرات محافظة مؤخرا بأن هذا الجيش بات يضم ثلاثين ألفا بعد نزوح الكثير من مكوناته نتيجة الفشل والإحباط وبفعل صمود الجيش العربي السوري .
رابعا هذا الخليط الأجنبي من القتلة والإرهابيين الدوليين يضم راهنا آلافا من السعوديين وبينهم ضباط استخبارات قتل كما أسر العديد منهم وآلاف الأتراك وبينهم ضباط ورتباء من الاستخبارات التركية خصوصا في الشمال السوري وفي مدينتي حلب وإدلب وريفهما وآلافا اخرى من الشيشان والطاجيك والإيغور والتركمان وكذلك الآلاف من حملة الجنسيات الأوروبية والأميركية والأسترالية وهذا الخليط الهجين معه آلاف من المهربين واللصوص والقتلة والمتطرفين سوريي الجنسية الذين استطاعت الدولة الوطنية السورية ان تسترد منهم آلاف المتورطين الذين تمت إعادة تاهيلهم ويقاتل العديد منهم حاليا إلى جانب الجيش السوري.
خامسا آلة القتل والتدمير الدموية تلك هي ما يسميه عتاة التخلف والتحجر الوهابيون بالثورة السورية والثوار السوريين وبالطبع فهم يضعونه مقابل الفصائل المؤازرة للجيش العربي السوري من المقاومة اللبنانية وإيران والتي لم تبلغ بضعة آلاف في أحسن الأحوال ففي التقديرات الغربية نفسها ان عديد المقاومين اللبنانيين على الأرض السورية لم يتخط ستة آلاف مقاتل بينما تعترف المصادر الأطلسية بأن الوجود الإيراني لا يتجاوز الألفي مستشار وخبير مما يفضح أكاذيب الإعلام السعودي ويبدد الضجيج عن اجتياح إيراني واكتساح حزب الله لمناطق سورية لأن الغاية من كل ذلك حجب حقيقة ان في الجيش العربي السوري عشرات آلاف الضباط والجنود الصامدين والمقاتلين وهم من يخوضون معارك الدفاع عن شعبهم وبلادهم في وجه وحوش الإرهاب والتكفير الذين هم أداة لعدوان اميركي سعودي صهيوني تركي على الجمهورية العربية السورية.
سادسا الخلاصة ان سلسلة فيينا ستكون عرضة للتعديل والتغيير في المحتوى والشكل تبعا لتطورات الميدان والكلام السعودي المتعنت يعني أن جولات من الصراع وصفها الخاشقجي بوديان من الدم تفصلنا عن لحظة الرضوخ السعودي والتركي العثماني الأخونجي للحقائق العنيدة وستواجه الإدارة الأميركية اختبارات صعبة امام روسيا في مدى قدرتها على إلزام شركائها المتورطين بدعم الإرهاب بما ترتضي الخضوع له نتيجة التوازنات وعندها سنرى من يسكت عادل الجبير أو يستبدله بشخصية أكثر طواعية وأقل حماقة.