مقالات مختارة

انتخابات تركيا غداً: امتحان مصيري لـ«حزب العدالة والتنمية»! محمد نور الدين

 

تذهب تركيا غداً الأحد إلى انتخابات نيابية جديدة خلال أقل من خمسة أشهر. هي المرة الأولى التي تخرج فيها انتخابات جديدة مباشرة من رحم انتخابات جرت للتوّ، من دون فاصل حكم لحكومة جديدة.

الانتخابات الجديدة وصفها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بأنها «إعادة» أو «تكرار». ليس هناك من انتخابات جديدة تُسمى إعادة أو تكرار. يطلق ذلك على انتخابات جرى إبطال نتائجها أو ألغيت كل مجرياتها، بينما الذي جرى في تركيا لم يكن كذلك. كانت انتخابات بكل معنى الكلمة، وصدرت نتائجها. لكن الذي جرى أن هذه النتائج لم تُعجب قادة الحزب الذي كان في السلطة، أي «حزب العدالة والتنمية» ولا رئيس الجمهورية الذي بقي القائم الأول على رعاية مصالح الحزب والحكومة، رغم انتهاك ذلك لصلاحياته ولموقعه الحكمي بين القوى السياسية.

انتخابات السابع من حزيران الماضي أسفرت عن نتيجتين أساسيتين. الأولى إخفاق «حزب العدالة والتنمية» بالاحتفاظ بالغالبية المطلقة في البرلمان، وبالتالي ثانياً الإطاحة النهائية بتطلع أردوغان لتعديل النظام من برلماني إلى رئاسي.

ومن هنا تبدأ حكاية أردوغان مع الانتخابات «المكررة» التي ستجري غداً.

رفض اردوغان قبل غيره من قادة «العدالة والتنمية» تقبّل النتائج، وعمل على إفشال تشكيل حكومة جديدة تحرمه من التفرد بالقرارات، داخلياً وخارجياً، واستغل الدستور في الذهاب إلى انتخابات جديدة علها تعيد «العدالة والتنمية» إلى السلطة منفرداً، وبالتالي إحياء إقامة نظام رئاسي بحكم القوة، لا بحكم الدستور الذي لا يعطيه هذه الصلاحيات.

ما بين انتخابين

رغم أن المهلة الزمنية بين انتخابات حزيران وانتخابات غد الأحد قصيرة جداً، فإن الظروف التي تدخل تركيا فيها الانتخابات الجديدة مختلفة عن السابق من أكثر زاوية، وبالتالي فإن حسابات القوى المتصارعة ستكون أيضاً مختلفة.

1 ـ لقد كان محور سؤال الانتخابات الماضية هو ما إذا كان «حزب الشعوب الديموقراطي» الكردي سيتجاوز عتبة العشرة في المئة الضرورية لدخول البرلمان أم لا. وكانت الإجابة عليه حاسمة لرسم خريطة البرلمان الجديدة، إذ إنه في حال نيل الحزب الكردي عشرة في المئة أو أكثر كان هذا يعني فشل «حزب العدالة والتنمية» في تعديل الدستور، لا في البرلمان ولا في استفتاء شعبي، والعكس صحيح. غير أن نيل الحزب الكردي 13 في المئة كاملة ساهم أيضاً في خسارة «العدالة والتنمية» الحكم منفرداً.

أما الآن فإن الجميع يذهبون إلى انتخابات الغد، وقد سقط هذا السؤال، حيث إن الاستطلاعات تؤكد تجاوز الحزب الكردي العشرة في المئة بل الحفاظ على ما ناله أكثر بنقطة أو أقل بنقطة.

٢ ـ دخل «العدالة والتنمية» وأردوغان انتخابات 7 حزيران بهدف الانتصار وتعديل النظام الرئاسي، لكن الفشل حتى في الحصول على الغالبية المطلقة يجعل قادته اليوم يدخلون الانتخابات، وفي رأسهم هدف يتيم، وهو الفوز بغالبية النصف زائداً واحداً لا أكثر ولا أقل، لأن ما تبقى من أهداف أصبحت من الماضي لاستحالتها.

٣ ـ دخل «حزب العدالة والتنمية» انتخابات 7 حزيران وهو منفرد في السلطة والحكومة. أما اليوم فيدخل الانتخابات بحكومة انتخابات ليس لها صفة حكومة الحزب الحاكم رغم أن كل وزرائها المستقلين معروفون بانتمائهم السابق لـ «حزب العدالة والتنمية» ومن المقربين له.

٤ ـ عرفت تركيا لمدة ثلاث سنوات قبل انتخابات 7 حزيران هدوءاً واستقراراً أمنياً نسبياً بسبب المفاوضات بين الدولة و «حزب العمال الكردستاني»، لكنها تدخل اليوم الانتخابات الجديدة وقد غرقت في بحر من الدم بسبب عودة الصدام العسكري بين الجيش و «الكردستاني»، كما تكرار التفجيرات الدموية مثل سوروتش في 20 تموز الماضي ومقتل أكثر من 32 ناشطاً كردياً، ومثل أنقرة في العاشر من الشهر الحالي ومقتل مئة وشخصين أيضاً من المؤيدين لـ «حزب الشعوب الديموقراطي».

5 ـ وتدخل تركيا الانتخابات وسط عامل جديد آخر وهو إعلانها الحرب على «داعش» في سوريا وفي الداخل، بمعزل عن جدية هذه الإعلان الذي لم يركب على قوس قزح أيٍّ من المتابعين والعارفين بعمق العلاقة بين سلطة «العدالة والتنمية» وتنظيم «داعش»، الذي حول العديد من المدن التركية إلى مقر ومستقر علنيين يعرفه القاصي والداني.

٦ ـ أيضاً تدخل تركيا الانتخابات وسط ذروة احتقان اجتماعي وسياسي واتني ومذهبي، ووسط حملة تخويف غير مسبوقة للمعارضين في مؤسساتهم، ولا سيما الإعلامية.

٧ ـ كذلك فإن الظروف الخارجية المحيطة بتركيا طرأ عليها عامل جديد لم يكن سابقاً، وهو دخول روسيا الساحة السورية بطائراتها وبوارجها، وتركيز غاراتها على القوى المسلحة التي تدعمها تركيا مباشرة، وآثار ذلك عامل جديد في الحسابات التركية، ومن توتر في العلاقات التركية – الروسية وانعكاس ذلك على الداخل التركي من أكثر من زاوية بمعزل عن مدى تأثير ذلك على مجريات ونتائج الانتخابات التركية.

الدوافع الحزبية

لا يمكن لأي حزب أن يعتبر أن الانتخابات السابقة كأنها لم تجرِ، بل إنها كانت المعيار الذي ينطلق منه في خوضه الانتخابات الجديدة. فكل حزب جال في عوامل صعوده أو تراجعه ليستخلص الدروس ولو في فترة زمنية قصيرة غير كافية. فالجميع يدخلون الانتخابات منهَكين من الانتخابات الماضية. وما ظهر من ثغرات هنا أو هناك لكل حزب قد لا يسعف الوقت الضيق لتلافيه.

مع ذلك فإن كل حزب يدخل الانتخابات الحالية بأهداف متباينة:

١ـ «العدالة والتنمية»: بعد فشله في الانتخابات السابقة فإن همه الأساسي هو كيفية العودة منفرداً إلى السلطة. أي ليس همه سوى تحصيل النصف زائداً واحداً، أي 276 نائباً من أصل 550 نائباً، في تخفيض لسقف طموحاته إلى الحد الأدنى، وهو مؤشر إلى المأزق الذي وصل إليه بعد سنوات من الانتصارات والإنجازات.

٢ ـ «الشعب الجمهوري»: حافظ الحزب في انتخابات السابع من حزيران على النسبة التي نالها في العام 2011، أي 25 في المئة. كانت التوقعات أن تزداد النسبة في الانتخابات الماضية، لكن ربما يكون جانب من قاعدة الحزب المتحمّسين قد أعطوا أصواتهم إلى «حزب الشعوب الديموقراطي» الكردي لكي يضمن هذا تجاوز نسبة العشرة في المئة بهدف إسقاط أردوغان. تحقق هذا الهدف، ومع استطلاعات الرأي الحالية التي تحسم تجاوز الحزب الكردي عشرة في المئة، بل محافظته على نسبة 13 في المئة، فقد تعود هذه الأصوات «الوديعة» أو جزء منها إلى «الشعب الجمهوري»، فيحقق ربما نسبة أكبر هذه المرة. إذ يرى الحزب أنه من الضروري ألا يظهر مرة جديدة أنه ثابت في موقعه، لا تقدّم ولا تراجع وهذا يأتي ضمناً بمعنى التراجع.

٣ ـ «الحركة القومية»: يبدو أن الحزب هذه المرة هو المستهدَف الأكبر من قبل اردوغان. فالحرب على الأكراد أحد أهم أهدافها إظهار أردوغان انه يدافع عن المصالح القومية التركية، وأنه ترجم ذلك على أرض الواقع بغارات على مواقع «حزب العمال الكردستاني» في تركيا وشمال العراق، بل ضرب مرتين على مواقع لقوات الحماية الكردية في سوريا. وفي ظل الفرز المغلق بين البلوكات الأربعة فإن هامش انتقال الأصوات من بلوك إلى آخر ضيق جداً. ولكن بما أن النقطة ونصف النقطة مهمة لجهة تغيير النتائج، فإن أردوغان يأمل أن يخطف من قاعدة «الحركة القومية» هذه النقاط. وربما ينجح في ذلك، مع استطلاعات رأي تشير بمعظمها إلى تراجع أصوات «الحركة القومية» بنقطتين قد تذهبان الى «حزب العدالة والتنمية». لذا فإن الهدف الأساسي لـ «الحركة القومية»، بزعامة دولت باهتشلي، ليس تحقيق تقدم عن الانتخابات الماضية، بل عدم التراجع والحفاظ على نسبة الأصوات التي معه الآن كما عدد النواب، لأن التراجع سيجرّ معه تراجعاً آخر.

٤ ـ «الشعوب الديموقراطي»: كان الحزب مفاجأة الانتخابات الأخيرة وبيضة قبانها، والعامل الأهم في إلحاق الهزيمة بـ «العدالة والتنمية» وتطيير أحلام أردوغان الرئاسية. لذا فإن جام غضب أردوغان انصبّ بعد الانتخابات الأخيرة على الحزب الكردي، وكل ما هو كردي. شن حرباً على «الكردستاني» وشنّ حملة اعتقالات واسعة في صفوف مؤيدي «الشعوب الديموقراطي»، وتعزّزت الشبهات بعلاقة «العدالة والتنمية» بمجزرتي سوروتش وأنقرة. واتهم أردوغان الحزب بأنه امتداد «للتنظيم الإرهابي»، أي «حزب العمال الكردستاني»، واستكمل رئيس الحكومة أحمد داود اوغلو الحملة بتهديد الحزب والأكراد بإنزال سيارات الموت، أي «طوروس البيضاء»، إلى الشوارع. والمعروف أن السيارة تلك كان يتم بها اعتقال المعارضين من الأكراد في الثمانينيات والتسعينيات وقتلهم.

اليوم يبدو الحزب الكردي مرتاحاً على وضعه. لا خطر من أن يبقى تحت العشرة في المئة. أصبحت هذه وراءه. لكن الحزب يريد أن يؤكد هذه المرة أن انتصاره في السابع من حزيران لم يكن صدفة، أو بفضل أصوات «ودائع» من أحزاب أخرى. لكن حتى لو تراجعت نقاطه نقطة إلى 12 في المئة فليس في الأمر مشكلة، علماً أن بعض الاستطلاعات تعطيه أحياناً نقطة إضافية، ليصل إلى 14 في المئة. لكن «حزب الشعوب الديموقراطي» ينظر بأهمية بالغة لهذه الانتخابات من زاوية أخرى. في حال لم ينجح «حزب العدالة والتنمية» وجرى تشكيل حكومة بين «العدالة والتنمية» و «الشعب الجمهوري»، وفي الوقت ذاته تراجع عدد نواب «حزب الحركة القومية»، يصبح «الشعوب الديموقراطي» هو الحزب الثالث من جهة، والحزب المعارض الأول والرئيس. وهذا سابقة في تاريخ تركيا أن يكون الحزب الكردي هو أكبر أحزاب المعارضة.

التوقعات

تتباين استطلاعات الرأي بالنسبة للنتائج، لكن معظمها يعطي «حزب العدالة والتنمية» من 39 في المئة كحد أدنى الى 41-42 في المئة كحد أقصى، وهي نسبة غير كافية له لتحصيل 276 نائباً. بعض الاستطلاعات القليلة تعطي الحزب نسبة 43 في المئة التي قد لا تحسم الـ 276 نائباً، لكنها إذا كان له ذلك فبشق النفس. أما إذا بلغ الحزب نسبة الـ 44 في المئة فإن احتمالات حسمه الـ 276 نائباً ستكون أقل صعوبة. لكن ليس هناك أي استطلاع يجزم، أو حتى يعطي من دون تحفظ، إمكانية أن يربح الحزب من دون صعوبات.

وتبقى رهانات الأحزاب، وتحديداً «العدالة والتنمية»، على أن يصوّت جزء كبير من المترددين إلى جانبه ليضاعف أمله بالنجاح أو أن يكسب أكثر من تسعة نواب كانوا خسروا المرة الماضية على عدد قليل من الأصوات، لم يتعد أحياناً الألف صوت. لكن أيضاً فإن أكثر من ستة نواب من الحزب كانوا فازوا على خصومهم بعدد قليل من الأصوات، وخسارتهم واردة هذه المرة.

ويراهن «الشعوب الديموقراطي» على ردّة فعل الأكراد السلبية على حرب أردوغان ضد الأكراد، وبالتالي تخلّي قسم من الناخبين الأكراد الذين أيّدوا أردوغان في حزيران الماضي لأسباب دينية، ونسبتهم 18 في المئة من الناخبين الأكراد، عن تأييدهم له، وبالتالي المزيد من تراجع اردوغان في المناطق الكردية بعدما كان يحظى العام 2011 بتأييد 36 في المئة من الأكراد.

ويرى البعض أن ارتفاع نسبة المشاركة في التصويت، في حال تحققت، ستلعب دوراً في تغير وجهة التوقعات. وقد شاركت في المرة الماضية في التصويت نسبة 83.92 في المئة أو ما يعادل 47 مليون ونصف المليون من أصل 56 مليوناً 600 ألف ناخب. وقد زاد عدد الناخبين هذه المرة 340 ألفاً. وهي نسبة مشاركة عالية جداً، وربما الأعلى في العالم، وتعكس مدى حدة الاستقطاب والصراع. وقد تصل نسبة المشاركة كما تتوقع بعض شركات الاستطلاع غداً الأحد إلى تسعين في المئة، وهذا قد يغيّر من التوقعات في اتجاهات غير معروفة.

أما على الصعيد الاقتصادي فلم تتغيّر الوقائع كثيراً، والوعود لكن مع زيادة في الوعود – الرشى التي قدمتها حكومة «حزب العدالة والتنمية» من زيادات في الأجور ووعود علنية من داود أوغلو بتقديم منازل بل حتى أزواج لمن يريد الزواج.

احتمالات ما بعد النتائج

في حال فوز «حزب العدالة والتنمية» بالنصف زائداً واحداً فسيشكل حكومة بمفرده، ويستمر كأن شيئاً لم يكن، بوعد الاستقرار الأمني والرخاء الاقتصادي. وحينها تنتفي كل السيناريوهات الأخرى.

لكن في حال لم يفز «العدالة والتنمية» بالنصف زائداً واحداً فإنه حتماً في ظل انقسام المعارضة سيكون هو المكلف تشكيل الحكومة لكونه الحزب الأول. والسيناريوهات هنا متعددة:

١ ـ قد يلجأ الحزب لسد النقص في عدد النواب إلى خيار إغراء نواب من أحزاب أخرى، ولا سيما «الحركة القومية»، للانضمام إليه كما فعل بعد انتخابات 7 حزيران، باستقدام نائب رئيس «الحركة القومية» طغرل توركيش الذي طرده حزبه فوراً من صفوفه.

٢ ـ إذا لم تنجح هذه المحاولة فإن الحزب أمام خيار تأليف حكومة إئتلافية مع أحد أحزاب المعارضة. ويكفيه حزب واحد لذلك، لأنه بحاجة إلى عدد قليل من النواب. مثل هذا الخيار سوف يعني تقديم «العدالة والتنمية» تنازلات للمعارضة. ليس هناك من أولويات لدى «العدالة والتنمية». السؤال الأساسي: أي حزب خيار الائتلاف معه هو الأقل ضرراً لـ «العدالة والتنمية»؟

خيار الائتلاف مع «حزب الشعوب الديموقراطي» الكردي مستبعَد جداً. يبقى أمام «العدالة والتنمية» خياران قابلان للترجمة. الأول مع «حزب الشعب الجمهوري»، ويرى البعض أنه سيكون الائتلاف الأنسب لتركيا للخروج من مأزقها وأزماتها، إذ يجمع بين الكتلتين الرئيسيتين الإسلامية والعلمانية. لكن السؤال هل يقبل «العدالة والتنمية» بتقديم تنازلات لمثل هذا الائتلاف، ولاسيما في قضايا الفساد والسياسة الخارجية؟

الخيار الآخر هو حكومة مع «حزب الحركة القومية». لكن السؤال هنا معاكس. هل يقبل «الحركة القومية» بالتنازل عن ثوابته الأربعة المعلنة، وبقوة من جانب رئيسه دولت باهتشلي للقبول بمثل هذا الائتلاف، وهي: تحويل قضايا الفساد إلى القضاء ووقف المفاوضات مع الأكراد والتزام اردوغان بصلاحياته المنصوص عليها في الدستور، ورفض تعديل أي مادة من المواد الثلاث الأولى في الدستور حول هوية تركيا ورموزها؟ لو افترضنا أن صيغة ما توصل إليها الحزبان فإن مثل هذا الائتلاف سيعطي رسالة خطيرة إلى الاستقطاب القومي في تركيا، واحتمالات تصاعده وهو ما قد لا يحتمله أردوغان من أكثر من زاوية.

٣ ـ وهناك أيضاً احتمالات حكومة أقلية من هنا أو من هناك، وهذه ليست مستحيلة، لكن دونها حسابات كثيرة.

٤ ـ يبقى احتمال وارد وبقوة، وهو أن يفشل أردوغان من جديد تشكيل حكومة ائتلافية ليأخذ البلاد إلى انتخابات جديدة أخرى في نهاية الشتاء المقبل أو بداية الربيع. ومثل هذا الخيار يمنحه الدستور لرئيس الجمهورية مرة واثنتين وثلاثاً وأكثر. ويقوى مثل هذا الاحتمال في حال فشل «حزب العدالة والتنمية» بالفوز بالغالبية المطلقة، لكن في حال تقدّمت أصواته نقطة أو نقطتين عن انتخابات السابع من حزيران، أي أن يحصل على أكثر من 41 في المئة. حينها يمكن لأردوغان أن يراهن على أن أصوات الحزب تتقدّم، وبالتالي يمكن أن تتقدم أكثر للفوز في انتخابات أخرى. لكن في حال خسر الحزب، ولم تتقدّم نقاطه عما قبل، أو تراجعت، فإن تبرير الذهاب إلى انتخابات جديدة أخرى سيكون غير مقنع أو مبرّر وسيواجه باعتراضات قوية.

٥ ـ ختاماً فإنه في حال خسارة «العدالة والتنمية» الانتخابات وعدم القدرة على قيام ائتلاف، وعدم تقدّم نقاطه عن السابع من حزيران، فإن احتمالات دخول الحزب في مرحلة من التصدعات وولادة أحزاب جديدة من رحمه قائمة في ضوء تسريبات عن عبدالله غول، وتلميحات من بولنت أرينتش الرجل الثاني في الحزب، وهو خيار يساهم بقوة في إخراج تركيا من سياسات الاستقطاب العرقي والمذهبي والانسداد السياسي والتورّط العبثي في الشؤون الداخلية لدول المنطقة القريبة أو البعيدة جغرافياً من تركيا.

خارج احتمال أن يربح «العدالة والتنمية» الانتخابات، وهذا وحده غير كافٍ لعودة الاستقرار في ظل الذهنية التي يستمرّ بها في الداخل والخارج، وخارج احتمال ائتلاف بين «العدالة والتنمية» و «الشعب الجمهوري»، فإن الاحتمالات الأخرى كلها لن تحسم المشكلات القائمة، ودونها مخاطر وصعوبات وتنبئ بدخول تركيا في أزمة مديدة ومفتوحة.

(السفير)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى