التعاون العسكريالروسي ــ الأردني: حميدي العبدالله
ينطوي التعاون العسكري الروسي الأردني على دلالات كثيرة، منها دلالات تتعلق بخارطة العلاقات الدولية والإقليمية، ودلالات أخرى لها علاقة مباشرة بالصراع المسلح الدائر على الأرض السورية، ولا سيما في المنطقة الجنوبية .
الدلالات الإقليمية، قبول الأردن، الحليف الدائم والثابت للغرب، وتحديداً للولايات المتحدة، مبدأ التنسيق والتعاون، والموافقة على وجود بعثة عسكرية روسية على أراضيه التي كانت ولا تزال حتى وقت قريب حكراً على الغرب وعلى «الإسرائيليين»، لا شك أنّ هذا تطوّراً غير مسبوق، إما لأنه جاء نتيجة موافقة أميركية للتعويض عن عجز الولايات المتحدة، أو تردّدها في اتخاذ موقف واضح مما يجري في سورية، أو أنّ مصالح الأردن وخطر الإرهاب وقوة الالتزام الروسي، فرضت معادلة جديدة حتّمت على الأردن التعامل معها، وبالتالي قبول العرض الروسي بالتعاون العسكري لمكافحة الإرهاب.
أما في ما يتعلق بالوضع في سورية، فقد أوضح بعض المسؤولين الأردنيّين مرامي التعاون الروسي الأردني العسكري وأهدافه، إذ أكدوا أنه للحفاظ على حدود الأردن الشمالية من الإرهابيين، وتأمين الاستقرار في المناطق الجنوبية في سورية.
لا شك أنّ ذلك يعكس مستوى القلق الأردني من الإرهاب، وحدود القدرات الأردنية، أو قدرات حلفاء الأردن على هذا الصعيد. إذ من الواضح أنه منذ بداية الأحداث في سورية تصرّف الأردن على نحو يختلف عن دول الخليج وعن تركيا، وكان يخشى أنّ استفحال الإرهاب في سورية وتحديداً في المناطق الجنوبية، إضافة إلى سيطرة «داعش» على غرب العراق المحاذي للحدود الأردنية يشكل تهديداً، أولاً لاستقرار الأردن، وثانياً للنظام الأردني، إذا ما أخذ بعين الاعتبار أنّ ثمة قوى تشبه القوى التي تنشط ضدّ الدولة السورية تنشط في الأردن وتدعو إلى تغيير النظام الأردني.
استطاع الأردن النظام، احتواء هذه المخاطر في السنوات الماضية عبر سياسة مزدوجة، قائمةً على التعاون مع الدول والحكومات الداعمة للإرهاب لكفّ شرّها، والحؤول دون العبث بأمن الأردن عقاباً له على عدم تعاونه، وفي الوقت ذاته عدم فتح الحدود على مصاريعها، كما هو الحال على الحدود التركية، وإبقاء رقابة شديدة على انتقال المسلحين إلى سورية، أو من سورية إلى الأردن، وهو ما عبّرت عنه الضربات التي وجهها سلاح الجو الأردني أكثر من مرة إلى قوافل من المسلحين الذين حاولوا الانتقال من سورية إلى الأردن.
اليوم بعد الدخول الروسي، تغيّرت المعطيات ولم تعد تلك السياسة كافية في مواجهة التحديات، ولهذا قبل الأردن التعاون العسكري مع روسيا.
(البناء)