مقالات مختارة

الانتخابات التركية.. حوافز متباينة محمد نورالدين

 

عدة أيام تفصل عن موعد إجراء الانتخابات النيابية المبكرة في تركيا في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني2015.

وهي انتخابات تلي الانتخابات التي جرت في السابع من يونيو/ حزيران الماضي.

ومع أن هذه الانتخابات المبكرة ليست الأولى في تركيا، إذ سبقها الكثير من الانتخابات السابقة على موعدها القانوني فإنها الانتخابات الأسرع بعد إجراء انتخابات عادية.

لا يفصل بين الانتخابات الماضية والمرتقبة أكثر من أربعة أشهر. وهذا وقت ضيق قياساً إلى الاستعدادات من جهة ونظراً لكون كل الأحزاب والناخبين قد خاضوا انتخابات صعبة ومتعبة ومنهكة لهم بحيث لا يتسنى لهم خوض الانتخابات المبكرة بالزخم نفسه للانتخابات الماضية.

يذهب الجميع إلى هذه الانتخابات متعبين إلى حد كبير ولا تميز بينهم إلا نسبة السعي للتعويض خصوصاً لمن تلقى إخفاقات وخسائر في تلك الانتخابات. يذهب كل حزب إلى الانتخابات وحساباته تختلف عن الآخر.

من المعروف أن الانتخابات الماضية قد أطاحت بهدفين كبيرين جداً لحزب العدالة والتنمية: الأول هو تغيير النظام من برلماني إلى رئاسي يتيح لرجب طيب أردوغان أن يملك في موقعه كرئيس للجمهورية صلاحيات مطلقة ليكون سلطاناً بكل معنى الكلمة، والثاني هو خسارة حزب العدالة والتنمية للغالبية المطلقة أي النصف زائد واحد (تراجع من 50 إلى 41 في المئة) وحصل على 258 مقعداً بينما كان يحتاج إلى 276 مقعداً ما فرض عليه أن يأتلف مع أحزاب أخرى وهو ما رفضه فكانت الدعوة لانتخابات نيابية مبكرة عله يعوض ما خسره في الانتخابات الماضية.

إن الهدف الأساسي لحزب العدالة والتنمية هو الانتقام لنتائج الانتخابات الماضية والعودة منفرداً إلى السلطة. وهو بذلك يملك الحافز الأكبر للنزول إلى الميدان وتحقيق إنجاز مصيري يطوي نتائج الانتخابات الماضية التي تم تعطيلها عملياً من خلال إفشال تشكيل حكومة شراكة مع المعارضة والدعوة للانتخابات المبكرة.

أما حزب الشعب الجمهوري العلماني، فإن كان حافظ نسبياً على موقعه في الانتخابات الماضية (25 في المئة) وهو ما يعتبر بالنسبة له فشلاً، لذا فإن هدفه الآن هو تحقيق تقدم ولو كان طفيفاً لا البقاء على ما هو عليه خصوصاً أن أحد أبعاد المعركة الانتخابية هو تأكيد الطبيعة العلمانية للنظام التي تتعرض لتهديد من جانب حزب العدالة والتنمية. كما أن الحزب يطرح نفسه الشريك الأول لحزب العدالة والتنمية في الحكومة المقبلة وعليه أن يؤكد أنه يعزز رصيده لدى الناخب التركي.

يبدو حزب الحركة القومية اليميني المتشدد المستهدف الأكبر في الانتخابات الحالية.

فتكتيكات حزب العدالة والتنمية للعودة منفرداً إلى السلطة تعتمد على إعلان الحرب على الأكراد والظهور بمظهر المدافع عن الأمن القومي التركي بوجه التهديدات الإرهابية والانفصالية كما التهديد من أكراد سوريا. وهذا يعني أن عين أردوغان على كسب الصوت القومي الذي يفترض أن يحسم من قواعد حزب الحركة القومية. إذ إن أصوات الناخبين تتركز على أربع كتل (بلوكات) تتوزع عليها الأصوات.

وكل تقدم لكتلة هو انتقاص من الكتلة الأخرى، وفي ظل صعوبة ذهاب أصوات من الأكراد والعلمانيين إلى الإسلاميين فإن الرهان على تضعضع جبهة حزب الحركة القومية.

وهنا فإن الهدف الاستراتيجي لحزب الحركة القومية ليس التقدم في نسبة الأصوات عما ناله في الانتخابات الماضية (16.3 في المئة) بل على الأقل عدم التراجع عن تلك النسبة.

أما حزب الشعوب الديمقراطي الكردي الذي كان مفاجأة الانتخابات النيابية الماضية فقد كان يترشح كمستقلين لينال 30-35 نائباً لكنه ترشح كحزب مقحماً نفسه في مغامرة خطيرة إذ كان عليه أن ينال عشرة في المئة ليدخل البرلمان وإلا يبقى خارجه كلية. وقد ربح الرهان والانتخابات بنيله 13.1 في المئة مع ثمانين نائباً لاعباً بذلك الدور الأكبر والأهم في تخسير حزب العدالة والتنمية تفرده بالسلطة.

ويسعى الحزب الآن إلى أن يثبت أن فوزه ب 13 في المئة لم تكن فلتة شوط، لذا فهو يسعى ليؤكد حضوره الجديد بالحفاظ على ما ناله مع العمل على زيادتها قدر الإمكان.

(الخليج)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى