وزير خارجية قطر يفتح سجل «أحرار الشام» عبد الله سليمان علي
نعم يا سيادة الوزير دعنا «نفتح أولاً سجل أحرار الشام»، فهو من أهم وأخطر سجلاّت الحرب السورية، ويستحق بالفعل أن يفتح أولاً. هل «أحرار الشام» سورية الهوية، وهل تتحالف مع «القاعدة» أو أحد أفرعها، وهل هي تنظيم متطرف أو إرهابي؟.
لما لا تكون «أحرار الشام» سوريةً، وقد فتحت باب التجنيس لكل «المقاتلين الأجانب» الذين يقاتلون ضد الجيش السوري، بمن فيهم «مقاتلو داعش» إذا أعلنوا توبتهم قبل القدرة عليهم؟.
فكل أصحاب الألقاب التي تبدأ بـ «أبو» من حملة السكاكين والمفخخات والعقائد السوداء، سيكون لهم فرصة الحصول على الجنسية السورية إذا تربّع قادة الحركة على عرش الحكم في سوريا، فمن يقدر أن يجادل في سوريتها بعد ذلك؟. وليس هذا وحسب، بل إن عضو مجلس شورى «أحرار الشام» أبو عزام الأنصاري أعلن عزم الحركة على منح هؤلاء «الأجانب» الحصانة القضائية والشرعية، وحمايتهم من أي ملاحقة في أي دولة أخرى، وحصر إمكانية محاكمتهم في سوريا وبخصوص جرم يخالف «الشرع الحنيف» فقط؟.
هل تعلم يا سيادة وزير خارجية قطر خالد العطية أن كبار «الأمراء الشرعيين» في الحركة من حملة جنسيات غير سورية، بينهم مصريون وسعوديون، وقد قتل بعضهم في أنحاء مختلفة من سوريا؟ وهل تعلم أن «كتيبة الفرقان» التابعة لها تتكون من «مقاتلين أجانب» فقط؟ وهل تعلم أنك لو زرت بعض مقارها، خاصة بالقرب من الحدود التركية، فإنك قد لا تجد مَن تتحدث معه، لأن غالبية المتواجدين هناك هم من الشيشان حصراً؟.
والطريف أنك تؤكد بأن «أحرار الشام» لا تتحالف مع «القاعدة»، برغم أنك أكثر من يدرك طبيعة تحالفها العسكري مع «جبهة النصرة» و «جند الأقصى» في إطار «جيش الفتح» الذي لم يكن ليولد لولا الدعم القطري – التركي – السعودي المشترك. ولن أعود بك إلى بداية الحرب السورية ومسار التحالف الطويل بين «الأحرار» وبين «النصرة»، ولكن يكفي حالياً التذكير بتحالفهما ضمن إطار «غرفة أنصار الشريعة في حلب» و «جيش الفتح في القلمون وفي الجنوب»، ومؤخراً «غرفة عمليات كفرنبودة» وغيرها عشرات غرف العمليات التي تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن القاعدة العامة هي التحالف العسكري بينهما، وليس العكس.
فهل يعقل أن هذه الحقيقة قد غابت عنك؟، ولأن مثلك لا تغيب عنه مثل هذه الحقائق، فقد قلّبت كلامك على بطنه وظهره مراتٍ ومرات. وقد أثار خشيتي أن يكون مغزاه الكامن في قلبك هو أنك لا تعتبر «جبهة النصرة» من «القاعدة»، فهل هذا ممكن؟ هل تقصد من خلال نفيك وجود تحالف بين «الأحرار» و «القاعدة» أن تقول أن «جبهة النصرة» ليست «قاعدة»؟ وبالتالي التحالف معها لا يؤثر على تصنيف «أحرار الشام»؟، ولكن يا سيادة الوزير «جبهة النصرة» سواء كانت «قاعدة» أم لا، فهي مصنفة بالاسم على أنها تنظيم إرهابي بموجب قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي؟ وفي المناسبة فقرار مجلس الأمن يمنع منعاً مطلقاً تقديم أي دعم إلى «جبهة النصرة»، سواء كان دعماً صريحاً أو ضمنياً، وهو قرار صادر بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وبعض القانونيين يرون أن منطوق القرار يشمل في ما يشمله الدعم الإعلامي، ناهيك عن التمويل والدعم بالسلاح؟.
وإذا كان صحيحاً أن «أحرار الشام» غير مصنفة على أنها تنظيم إرهابي، فإن هذا لا يمنع يا سيادة الوزير أنها تقترف يومياً جميع الأعمال والسلوكيات التي اعتبرها قرار مجلس الأمن تدخل في باب الإرهاب، وعلى رأسها التحالف العسكري مع تنظيم إرهابي، وما يستلزمه ذلك من جهود موحدة في التخطيط والتنفيذ والتمويل والتسليح. فإذا لم يكن التحالف مع الإرهاب إرهاباً، فعلى قرار مجلس الأمن السلام.
وهل تعلم أيضاً أن كبار قادة «أحرار الشام» هم مقاتلون سابقون في أفغانستان والعراق، أمثال أبو خالد السوري الصديق الصدوق لزعيم «القاعدة» أيمن الظواهري ومندوبه في سوريا قبل أن يقتل، وأميرها السابق أبو جابر هاشم الشيخ الذي كان يقاتل في العراق، وكذلك عضو مجلس الشورى أبو أيمن الحموي الذي كان مساعداً لمؤسس «داعش» الحقيقي أبو مصعب الزرقاوي، والقائد العسكري فيها إياد الشعار هو شقيق الإرهابي العالمي ياسر السوري (الشعار) الذي قتل في عملية مسرح موسكو في تسعينيات القرن الماضي؟.
وكي لا تعتقد أنني أبالغ أذكرك بأن دولة الإمارات صنفت «أحرار الشام» كحركة إرهابية، كما أن «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى» وصفها بـ «القوة المتطرفة»، والسلطات المصرية اتهمتها عدة مرات بالتورط بتدريب إرهابيين مصريين على تنفيذ عمليات داخل مصر. وهذا غيض من فيض. ولا أريد أن أذكرك بأن الحركة «تكفّر الديموقراطية والعاملين بها»، لأن هذه النقطة بالذات قد لا تكون في بعض «البيئات» مؤشراً على التطرف.
(السفير)