عدو الشعب: عوزي برعام
إنه عدو الشعب. ينكر الكارثة. وهناك ممن حوله يقولون إنه «ينكر الإرهاب». هو المحرض الرئيس، والمخربة الحقيرة من العفولة سمعت صوته قبل خروجها للعملية التي كلفتها حياتها.
محمود عباس، مثل ياسر عرفات، وضع في بؤرة الاستهداف ليس بسبب العمليات الدموية؛ الخطأ الذي لا يغتفر ـ ويعكس في نظر اليمين خليط بين الوقاحة والتعالي ـ يكمن في استعدادهم للاعتراف باسرائيل والتفاوض معها.
عرفات هو أحد اعداء اليهود الاكبر في جميع الازمان. وما أن تخلصنا منه جاءنا أبو مازن. إنه أكثر اعتدالا وأكثر اتزانا وأكثر واقعية، لكن خطأه التاريخي هو أنه اعترف باسرائيل كشريكة في الحوار، وهذا لن يُغفر له. لذلك طلب منه رئيس الحكومة الاعتراف باسرائيل كدولة يهودية، وهو يدرك أنه لا يوجد أي زعيم عربي مستعد لاعطاء الصفة القانونية للصهيونية كما هي في نظرنا.
البروفيسور شلومو افينري الذي أعرفه جيدا وأحترمه قال هنا إنه في نظر الفلسطينيين نحن لسنا سوى طائفة دينية لا شعب مثل باقي الشعوب. من هنا، لا توجد فرصة للمفاوضات مع اولئك الذين ينكرون الشعب. إذا فالصراع هو صراع ايديولوجي وليس جغرافي كما يزعمون في اليسار والوسط. وبالطبع فان اليمين قد أحاط ادعاءه بكثير من الاكاذيب. واذا سلّمنا بنظرية افينري كما هي فهي لن تستطيع تفسير المعاملة السيئة التي تعامل بها قادة اسرائيل مع قادة م.ت.ف، التي هي مناقضة لمصالح اسرائيل الحقيقية.
لو كنت في مكان بنيامين نتنياهو لكنت تصرفت بشكل معاكس تماما. كنت سأدعو أبو مازن إلى الكنيست وأن أعطيه الاحترام المطلوب وأتجادل معه وأستمر في الحوار. وكنت بذلك سأبعث برسالة ضمنية إلى القادة المسلمين الذين ينشرون الشيطانية ويسعون إلى الدمار، بأننا نميز بينهم وبين الذين يعترفون بنا كشركاء في الحوار.
لم ألتق مع أبو مازن بشكل منفرد، لكني التقيت مع عرفات مرات كثيرة. وقد عارض بشدة ادعائنا حول أحقيتنا التاريخية في البلاد، لكنه فهم أن اسرائيل هي حقيقة واقعة ومعها قرر التوقيع على اتفاق صعب ومعقد، لكنه ممكن. ورغم ذلك فقد توفي كعدو، ولم يمنحه أي محلل ما يستحقه بسبب رفعه المقاطعة عن اسرائيل واستعداده للاعتراف بها والتفاوض معها.
وقد انتخبت السلطة بدلا منه عدو الشعب، الدمية التي يقذفها رجال اليمين فيما بينهم، الشخص لا يقول الحقيقة عن العمليات (هل قال بن غوريون الحقيقة بعد عملية قبية؟) ولا يندد بها، وهو يتجرأ على التهديد بالتوجه إلى محكمة الجنايات الدولية. يوفال شتاينيتس يقول عنه إنه مثل النازيين، إنه الشخص الملائم مثل اوباما ليكون مادة لاشعال الغرائز في يد نتنياهو.
أنا أوافق على ادعاء أن أبو مازن هو عدو الحكومة الاسرائيلية الحالية، لأنه يحذر من كذب المستوطنات، ويطلب المفاوضات وهو يريد الحفاظ على الوضع الراهن في الحرم، وأنه رغم المديح الذي يحظى به من «الشباك» بسبب التنسيق الامني ـ توجد هناك عمليات.
نتنياهو ليس بحاجة إلى كيري لكي يلتقي مع أبو مازن. فهو كان يمكنه استضافته في الكنيست حتى يثبت لاسماعيل هنية واوري اريئيل أن اسرائيل مستعدة للتحدث مع كل من هو مستعد للتفاوض معها والاعتراف بها تماما مثل مصر والاردن.
إدانة إرهاب السكاكين توحد أجزاء الشعب، لكن تأجيج المشاعر العامة ضد أبو مازن يثبت أن اسرائيل تعمل على تحطيم أي زعيم فلسطيني حتى لو اعترف بها. وعلى هذا النحو ستؤدي إلى اندلاع صراع يهودي ـ إسلامي سيتسبب بدمار كبير.
هآرتس