أكاذيب الحملة على روسيا
غالب قنديل
تشن وسائل إعلام سعودية وخليجية حملة مركزة تستهدف روسيا وانخراطها في الحرب على الإرهاب إلى جانب الدولة الوطنية السورية وتشارك في هذه الحملة فروع التنظيم العالمي للأخوان المسلمين وجمعيات وشخصيات وهابية متطرفة من دعاة التكفير في المنطقة والعالم الإسلامي وهذه الحملة تنطلق من الكذب والتزوير الفظ ولا تستند إلى حقائق صلبة وقد تورط أصحابها خلال السنوات الماضية في حشد فلول القاعدة وسائر جماعات التطرف والتكفير من مختلف انحاء العالم إلى سورية كما صدرت عنهم تصريحات وبيانات تحض على القتل الجماعي والمذابح وتبيح المجازر الطائفية والمذهبية وتغطي حملات اغتيال رجال الدين وتدمير دور العبادة تحت شعار ” الجهاد المقدس “.
أولا لفقت وسائل الإعلام السعودي تزويرا لتصريحات رئيس الكنيسة الروسية البطريرك كيريل الذي ساند الحملة الروسية ضد عصابات الإرهاب بكلمات راقية ومتحضرة تحدث فيها عن خطر الإرهاب على جميع الشعوب وعلى جميع أبناء سورية وتوقف عند الخطر الذي يتهدد مسيحيي الشرق على يد عصابات التكفير الإرهابية مع أخوانهم وأشقائهم المسلمين ومن سائر الديانات في سورية التي هي مهد الديانات والحضارة الإنسانية.
تركز التزوير المكشوف الذي فضحته بطريركية انطاكيا وسائر المشرق في بيان رسمي عرضت فيه الترجمة الحرفية لتصريح الأسقف الروسيالأب فسيفولد تشابلين الذي قال :“الإرهاب هو تهديد خطير جدًا لكلّ العالم، وهو يحارب بلدنا الذي هو من أقوى بلاد العالم. ومن غير الممكن أن نبرّر عمل الإرهاب بفكرة أو قول أو شعار ديني أو غير ديني أو سياسي أو إجتماعي. غير ممكن أن يُعطى أي تبرير للإرهاب. لذلك المعركة ضدّ الإرهاب هي من أجل العدالة في العالم، وكرامة الشعب المُضطهد. هذه المعركة أخلاقية بامتياز، وإن أردتم، فهي معركة مقدسة” وهنا حولت عملية التزوير كلمة مقدسة المشروطة بما سبقها من حيث المعنى إلى ما وصفته ظلما وعدوانا بالدعوة إلى حرب مقدسة وانطلقت من هذه اللعبة الوقحة والفظة آلة الكذب لتتحدث عن “حملة صليبية ” وعن “غزو روسي ” وغير ذلك من تعبيرات الفجور السياسي المبني على الكذب الرخيص.
ثانيا الغاية من هذه الغوغاء السياسية الهمجية هي تعويض النزف البشري الكبير الذي تعيشه عصابات التكفير في سورية منذ انطلاق الحملة الروسية السورية التي نجحت في تحرير العديد من المناطق وهي لا تزال في البداية وتمكنت من تدمير معاقل وأوكار عديدة للإرهاب سواء بهرب الآلاف من عناصر داعش وجبهة النصرة وسواهما من فصائل الإجرام الدولي ولصوص النفط والآثار باليافطات الإسلامية الزائفة وهذه الحملة السعودية الأخوانية هي محاولة لتصنيع افتراضي لدعوات جديدة إلى “نفير الجهاد ” الذي أطلقه رجال دين وهابيون يتقدمهم عبد العزيز آل الشيخ المفتي السعودي منذ عام 2012 ومشايخ وشويخات الأنترنت من عصابة الأخوان المسلمين بزعامة يوسف القرضاوي الذي أطلق العنان لانخراطه الواسع في التحريض المذهبي والطائفي والحض على اغتيال رجال الدين المناهضين للتكفير والتطرف في سورية يتقدمهم الإمام الشهيد البوطي وعشرات أئمة المساجد السورية والعراقية الذين سفكت دماؤهم على يد التكفيريين وزمر الأخوان وداعش والقاعدة .
ثالثا المصلحة الحيوية لروسيا في سورية تشمل محاور التعاون الاقتصادي والنفطي والسياسي وهي مجسدة باتفاقات ندية متكافئة مع الدولة الوطنية السورية وهذه المصلحة مجسدة بالتصدي للغرب الاستعماري وهيمنته على العالم بقيادة الولايات المتحدة طيلة العقود الأخيرة وحيث تستهدف الغزوة الاستعمارية الاستقلال الوطني السوري والسيادة السورية وفرض الخضوع لهيمنة إسرائيل التي تدعم فصائل الإرهاب على الأرض السورية ويجاهر قادتها باعتبار الرئيس بشار الأسد مصدر الخطر الرئيسي الذي يتصدون له من خلال دعمهم الناري والاستخباراتي واللوجستي لفصائل القاعدة على جبهة الجولان .
لكن القيادة الروسية أبرزت لشعبها هدفا مركزيا وواقعيا لحملتها وهو منع عودة آلاف الإرهابيين الروس والآسيويين إلى روسيا وجوارها في دول المجموعة المستقلة وهذا ما شدد عليه الرئيس بوتين في خطابه خلال قمة دوشنبيه التي جمعته مع رؤساء تلك الدول المشمولة بخطر ارتداد الإرهاب عبر الفصائل الشيشانية والطاجيكية والتركمانية وغيرها ولم تقدم موسكو معركتها بأي تعابير دينية بل إن الرئيس بوتين شدد على الإخاء بين الديانات المكونة للشعب الروسي وأي أخرق في العالم يمكن ان يعرف ان نسبة المسلمين في روسيا الاتحادية ( حوالي العشرين بالمئة من السكان والقوات المسلحة ) تحتم حرصا كبيرا على ثقافة الإخاء والشراكة بين أتباع جميع الديانات وهنا تزوير آخر لمخبولي التطرف الوهابي الأخواني الدجالين ولا سيما منهم الكتاب المتأنقين بالياقات والمأجورين عند بعض امراء آل سعود يسبحون بحمدهم ويتفنون في خدمة أحقادهم وأهوائهم المرضية.
رابعا من علامات فضيحة الذين يثرثرون عن “الحرب المقدسة” هي أنهم يطلقون حملاتهم وأكاذيبهم الفاجرة في زمن انتفاضة فلسطين والتنسيق السعودي القطري مع إسرائيل في حرب اليمن وبينما يتهدد الصهيانة المسجد الأقصى هم يروجون لدعوات “الجهاد” في سورية .
لا يرف جفن لجميع هؤلاء في الدعوة إلى مزيد من المذابح ضد السوريين ورغم انهم فشلوا طوال خمس سنوات من الصراخ والدسائس في حرف السوريين وأخذهم نحو الاقتتال الديني او الحرب الأهلية المزعومة فالغالبية الشعبية السورية المكونة من جميع تلاوين الانتماء الديني والمعتقدي متمسكة بدولتها الوطنية وجيشها الوطني وبزعامة الرئيس بشار الأسد الذي هو رمز الاستقلال السوري وهذه الغالبية تتوسع وتجذب إليها المزيد من عائلات المغرر بهم الذين فتحت لهم الدولة أبواب التراجع عبر المصالحات وشيئا فشيئا يتركز تكوين العصابات التكفيرية والأخوانية في جموع القتلة العرب والأجانب الذي حشدتهم دعوات ” الجهاد ” وسيواجهون مصيرهم المحتوم على يد الجيش العربي السوري ولا منجاة من ذلك سوى الهرب وربما يرتد كثيرون منهم إلى دول المصدر ومنها السعودية وتركيا وقطر الدول الغارقة بدماء السوريين حتى أعناق قادتها بكل أسف.