ماذا اعتقدتم؟: جدعون ليفي
ما الذي اعتقدتموه؟ أن يجلس الفلسطينيون بهدوء إلى الأبد؟ هل اعتقدتم بالفعل أن إسرائيل قادرة على فعل ما تريد وأن يطأطيء الفلسطينيون رؤوسهم بخنوع؟ هل هذا ما فكرتم فيه؟ هل تعرفون أمثلة كثيرة في التاريخ حدث فيها هذا؟ هل هناك احتلال فظ استمر بدون مقاومة؟ من الواضح أنكم فكرتم بهذه الطريقة. وإلا لكان ظهر منذ زمن بعيد ضغط جماهيري للتصرف بشكل مختلف. لكن إسرائيل غرقت في صمتها القاتل. ظلام فوق الهاوية. والآن تتظاهر أنها متفاجئة. لقد صوتت لليمين، القومية المتطرفة، العنصرية والمسيحانية. والآن تتظاهر أنها مُهانة. فما الذي تريده؟ القليل من الهدوء، وليتركوها في موضوع الاحتلال الذي لا صلة لها به. الآن تصحو الجميلة من نومها على خلفية الطعن والدهس وتسأل: كيف حدث هذا؟ كيف يتسببون لنا بهذا مرة اخرى؟.
لا يمكن القاء المسؤولية على الإسرائيليين. فقد كانوا منشغلين بأمور اخرى ولم يعرفوا شيئا. زواج بار رفائيلي أزعجهم جدا، ونفس الشيء حول ما حدث في «النبي 40»، حيث كان احتجاج هنا ـ احتجاج السردين يغطي على صمت الخراف. الإسرائيليون لم يعرفوا ما يحدث هناك بالضبط، وراء جبال الظلام، على مبعدة نصف ساعة عن البيت، لم يرغبوا في المعرفة، ووسائل الإعلام أخفت عنهم جرائم الاحتلال ـ لأن هذا لا يرفع نسبة المشاهدة. ايضا صورة الفلسطيني كانسان لا يبيع الصحف، لم تتحدث أبدا عن الذي يمر عليهم هناك وما الذي يريدونه بالفعل. لقد اكتفت بالتمويه والتحريض والتغاضي.
وعد السياسيون أن كل شيء سيكون على ما يرام. الحاخامات حرضوا، العالم كله ضدنا، اتركوننا لحالنا. عندها نزل علينا هؤلاء الشباب مع السكاكين والقتل، ذهب الهدوء وذهب الأمن وذهبت الاعمال.
الحكومة تقول إن هذا بسبب داعش، واليسار يقول إن هذا بسبب الجمود في المسيرة السلمية، والمحللون للشؤون العربية في الجناح الجنوبي في «الشباك» والاستخبارات العسكرية يقولون إن هذا بسبب «التحريض»، وحكماء الأمن يقولون كالعادة إنه يجب الدخول فيهم. الجميع يتفقون على أن العرب هم السبب وأنهم وُلدوا من اجل القتل. ومن وراء هذه الضبابية المجنونة ضاعت الصلة بالواقع.
في الوقت الحالي تحولت القدس إلى عاصمة ابرتهايد. فلا توجد مدينة تميز وتقتلع وتمارس العنف مثلها. والظاهرة الغريبة التي لا يمكن استيعابها هي أن رئيس البلدية نير بركات يحمل المسدس ويُحرض ضد ثلث سكانها.
هل اعتقدتم أن 300 ألف ساكن سيخنعون؟ أن يشاهدوا المستوطنين يدخلون بيوتهم والبلدية لا تقدم لهم الحد الأدنى من الخدمات وتأخذ منهم الحد الأعلى من الضرائب والمُحتل يأخذ منهم بشكل اعتباطي حق السكن مثل المهاجرين في مدينتهم وعصابات الشباب اليهود يعتدون عليهم على مرأى من الشرطة. وأن الشاب العربي سيعيش طول حياته وهو يغسل الصحون ويبني بيوت اليهود دون امكانية الخروج من الغيتو؟.
هل اعتقدتم بالفعل أن التحرشات في الحرم ستمر بهدوء؟ وأن احراق عائلة دوابشة وأقوال وزير الدفاع أن إسرائيل تعرف الفاعلين لكنها لا تعتقلهم، ستمر ايضا دون رد؟ أن يحرقوا الاولاد هكذا، وأن لا تعاقب إسرائيل أحدا وهم يسكتون، وأن الجواب على هذا المزيد من نفس الشيء؟ نهدم، نعتقل، نقتلع، نقمع، نقتل ونُعذب. هل هناك أحد يؤمن بذلك فعليا؟.
هآرتس