فتيان السكاكين يربكون العدو
غالب قنديل
ربما يصح القول فعليا لولا تحاشي الوقوع في عيب إطالة العنوان ان هبة شباب الأرض المحتلة عامي 48 و67 وقطاع غزة تربك القيادات الصهيونية والفلسطينية معا ومعها الولايات المتحدة ، وحدها لا تشعر بالارتباك الرجعية السعودية وغيرها من الحكومات العربية التابعة للغرب الاستعماري فلا يرف لها جفن بينما يلتفت محور المقاومة باهتمام واحترام صوب فتيان القضية المركزية الحية بإصرار واستعداد عبر عنهما السيد حسن نصرالله رغم ما أثير على هذا المحور من حروب بالواسطة لنجدة إسرائيل المهزومة وبالشراكة معها كما هي الحرب على سورية .
أولا الكيان الصهيوني مربك وعاجز بكل وضوح فقد سقطت نظريات صناع السياسات الصهاينة عن الخمود الفلسطيني المستدام رغم انسداد المسارات التفاوضية سواء من خلال عملية اوسلو المتوقفة او عبر أطر الهدنة مع قطاع غزة .
بنى المخططون الصهاينة استنتاجاتهم حول الخمود المستدام على مفهوم العقاب والتدجين كثنائية مكونة لهيمنة الاستعمار الاستيطاني على الرغم من السقوط التاريخي لجميع النماذج الاستعمارية السابقة في العالم وما يراهن عليه الصهاينة في فلسطين هو انتشار المستوطنات في الضفة كالفطر وامتداد جدار الفصل العنصري الذي يقطع المعازل الفلسطينية واتساع عمليات القمع والقتل والاعتقال منذ الانتفاضة الأخيرة وصمود التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وقوات الاحتلال تحت الرعاية الأميركية بصورة وضعت المواطنين في الصفة بين سندان المستعمرين ومطرقة السلطة ووشاياتها ضد من يفكر بحمل السلاح وهذه الحلقة الجهنمية مشفوعة بفتات الصناديق الخليجية والأوروبية التي كانت ولا تزال جزءا مكونا من منظومة التدجين والإخضاع لحماية الاحتلال الصهيوني .
ثانيا لا يملك القادة الصهاينة غير ” المزيد من الشيء نفسه ” كما ردد كبار معلقي الصحف الصهيونية خلال الأيام الماضية أي تصعيد القمع وصيانة التنسيق الأمني .
في هذا السياق تتصاعد الضغوط على السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس لاستدراج المزيد من التعاون مع الاحتلال ضد ثوار السكاكين بينما يسود اتجاه متزايد في دوائر القرار الحكومي الصهيوني نحو العقاب الانتقامي لعائلات فتيان السكاكين المتمردين على جميع الهياكل القيادية الفلسطينية والذين تلحق بهم بعض الفصائل لتنعيهم بدافع قرابة أو صلة ما ليست تنظيمية بالتأكيد أوعبر إصدار بيانات التأييد التي يوقعها البعض على مضض ومن غير صدقية الانحياز والانتماء إلى خيار المقاومة المسلحة “في هذا التوقيت” بالذات والبعض من القيادات مستغرق بمساومات الكواليس مع العدو مباشرة او بالواسطة عبر ألاعيب تحسين الشروط فيوقع على مضض ليتسنى له باكتساب المشروعية اختبار فرص استثمار ما يجري لغايات “التكتكة مع إسرائيل” .
ثالثا خرجوا بالسلاح المتاح لأنهم جيل رفض وثورة جديد اصطدمت طموحاته بالحرية والعيش الكريم بواقع متعفن يدعو للكفر باتفاقية اوسلو وبوهم الدولتين وبكل وهم للأمان داخل الكيان او في جواره وتحت هيمنته غير المباشرة .
سرعان ما تهاوى في نظرهم الخط الواهي الفاصل افتراضيا بين الضفة والقطاع في نهج وتفكير قادة الانقسام والعجز المقيم عن بلورة استراتيجية تحرير وطنية متكاملة في فلسطين تجمع العناصر الأربعة للشعب الذي يسعى الصهاينة واعوانهم من الرجعية العربية وتحت مظلة الاستعمار الغربي لتمزيقه عبر إخضاع فلسطينيي 48 ( الذين يسميهم بعض العرب فلسطينيي إسرائيل بكل صفاقة ) بوهم المواطنة داخل الكيان العنصري وتدجين ابناء الضفة المحتلة لسلطة ممسوخة تنفذ تعليمات الغاصبين وتخضع لعربدة المستعمرين ومن خلال خطف قطاع غزة وشل سلاحه بهدنة مديدة تحمل غواية المال القطري ورعاية الخلافة العثمانية البائسة من اسطنبول وبمباركة آل سعود ووعدا بمرفأ تجاري ومنطقة “حرة ” تتداول الشيكل بالطبع ومع كل ذلك السير في خط التوطين والاستيعاب باللجوء في الشتات الفلسطيني .
فتيان السكاكين في هبتهم المدهشة اجتاحوا سكون التآمر وسدود التدجين وفتحوا أبواب الفلسطينيين للشمس فأدخلوا النضال الوطني الفلسطيني في اختبار جديد . إنهم أبناء جيل جديد من شعب يثور وينتفض ويقاوم منذ اغتصاب وطنه عام 1948 وهم يبشرون بنواة فكرة من خارج منتجات القيادات التقليدية وهي سقوط وهم الدولتين والإيمان بفلسطين الحرة من النهر إلى البحر .