مقالات مختارة

تبدد وهم التعايش: الون بن دافيد

 

آخر مظاهر وهم القدس الموحدة آخذ بالتبدد. فالقدس هي التي تقود في هذه اللحظة موجة “الإرهاب” الحالية، وغياب الفصل بين الاسرائيليين والفلسطينيين في العاصمة سيواصل جعل الحياة سهلة على المخربين التالين. وابتداء من يوم أمس تفرض الشرطة نوعا من الاغلاق على الاحياء في شرقي القدس ولكننا بصفتنا خريجي الانتفاضة الثانية نعرف بان الاغلاق دون عائق مادي لن يجدي نفعا. فالناس الاخيار سيمرون عبر الحاجز وسيخضعون للتفتيش، اما المخربون فسيختارون واحدا من الطرق الاخرى التي لا حصر لها للمرور إلى غربي المدينة.

صحيح أن الغالبية المطلقة، وربما حتى 99 في المئة من السكان الفلسطينيين لا يشاركون في المواجهة الحالية، ولكن يكفي بضع عشرات من منفذي العمليات ليمزقوا الخيوط الاخيرة لوهم التعايش. رأينا أمس مخربا عامل بيزك ومخربا آخر يعمل في بيت لفنشتاين.

واليوم، عشرات الاف الشرق مقدسيين الذين سيأتون للعمل في اسرائيل ـ في المستشفيات، في الصيدليات وفي مواقع البناء ـ سيصطدمون بنظرات الاشتباه من جانب زملائهم وبتساؤل ارباب العمل إذا كان مجديا اخذ المخاطرة معهم.

في ترسيم الحدود البلدية للقدس، وبعد ذلك في بناء جدار الفصل، ضمت اسرائيل اليها ربع مليون فلسطيني ومنحتهم هويات زرقاء. ويشكل الشرق مقدسيون اليوم خمس عموم عدد السكان المسلمين في اسرائيل، رغم أنه ليس لهم أي مصلحة او تماثل مع دولة اليهود. اسرائيل يمكنها أن تدفع لمرابطة الكثير من افراد الشرطة قدر الامكان وبالمجسمات الاسمنتية في مداخل قرى القدس، ولكن حين تكون المسافة بين الحي اليهودي والفلسطيني عشرة أمتار ـ فان جدارا او سورا فقط يمكنه أن يعطي الامن.

لا احتمال أن تتجرأ حكومة برئاسة بنيامين نتنياهو على نصب عائق في القدس وتقديم المدينة عمليا. وعليه فان حملة السكاكين يمكنهم ان يواصلوا التجول فيها كما يشاءون. ومع ذلك، غريب أن هذه الحكومة بالذات بتصريحاتها الحازمة، لا تتبنى ايضا اجراءات عقابية اكثر ردا. فهدم منازل المخربين والذي لا يتم إلا بعد تسويف قضائي لسنة ونصف السنة يكون قد فقد عندها معناه. ولكن هدم المنازل لا يكفي. ينبغي المس بعائلات المخربين حتى ابعادها إلى قطاع غزة. فليعرف كل مخرب بانه ما أن يرفع السكين حتى يقضي بحياة بائسة على ابناء عائلته.

ما يسمى «موجة إرهاب» ولم يتوفر لنا بعد اسم مناسب اكثر، سترافقنا على ما يبدو لايام طويلة اخرى، من المهم مواصلة ابقاء حماس في غزة، المنظمات المسلحة في يهودا والسامرة وعرب اسرائيل خارج هذه المواجهة، والتركيز على قلب المشكلة ـ القدس. حلول مطلقة لهذا الوضع لا يوجد. واضح أن اجواء سياسية افضل كانت ستبرد الميدان، ولكن لا يمكن خلق اجواء كهذه بين القيادات الاسرائيلية والفلسطينية الحالية.

وعليه فينبغي مواصلة الكفاح بكل الوسائل الممكنة ضد هذا الإرهاب، في ظل الفهم بانه سيرافق حياتنا على الأقل في الفترة القريبة القادمة.

معاريف

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى