الموت للعرب: جدعون ليفي
حملة الاعدام بدون محاكمة تملأ البلاد، إنها بربرية ـ وتحظى بالتصفيق من الجمهور والتشجيع من السلطات. وإلى مجموعة العمليات أضيفت الآن عملية هي الاسوأ: المجتمع في إسرائيل يفقد احساسه الانساني. لقد كانت هناك فترات سيئة، لكن لم تكن مثل هذه الفترة حيث أن كل من يطعن أو يهدد بالسكين أو المفك أو المقورة يتم قتله حتى بعد أن يرمي سلاحه. أما القاتل فيتحول إلى بطل الأمة.
من أراد اعدام المخربين حصل على ما هو أكثر من ذلك: الاعدام بدون محاكمة. قُتل 14 فلسطينيا بهذه الطريقة في الاسبوع الاخير، اغلبيتهم لا يستحقون الموت في دولة قانون. التعطش الغير مسبوق للدماء يريد المزيد فالمزيد.
في عدد من العمليات تصرف رجال الأمن والمواطنين بالشكل السليم وقاموا بالسيطرة على المخربين. وأحيانا لم يكن مناص من اطلاق النار والقتل. لكن في حالات اخرى كان الحديث عن اعدام، وليس هناك تعريف آخر. أشرطة الفيديو تثبت هذا بشكل قاطع. وتكفي رؤية اطلاق النار على اسراء عابد في العفولة، التي وقفت بدون حراك وفي يدها سكين، ورجال الشرطة المسلحين يحيطونها ويقتربون منها، إلى أن يتم اطلاق النار عليها من مسافة قريبة بدل السيطرة عليها. هذا مثل القتل. هؤلاء الشرطة كانوا جبناء أو يرغبون في الانتقام، لذلك يجب محاكمتهم لا اعطاءهم الأوسمة.
الأمر الاكثر صعوبة كان قتل فادي علون في القدس: بعد أن رمى السكين التي طعن بها الشاب اليهودي وأصابه حاول الهرب من اليهود الغاضبين باتجاه الشرطة. وحينما طلب اليهود من الشرطة قتله استجاب رجال الشرطة وقتلوه بدون سبب وبدأوا بدحرجة جثته على الشارع.
إضافة إلى ذلك العملية في تل ابيب: فلسطيني يحمل مفكاً صغيرا طعن به إسرائيليين وكانت اصاباتهم طفيفة جدا، تم اطلاق النار عليه وقُتل من قبل ضابط في الجيش الإسرائيلي. حيث تحول دانييل إلى بطل:صفحات كاملة في الصحف «مقاتل في سلاح الجو فعل ما هو متوقع منه». وجثة الطاعن التي لم تتم تغطيتها والمفك الصغير بجانبها، هي وسام دانييل. «بطولة على أبواب الكرياه»، قالت العناوين. ها هم ابطالك يا إسرائيل، ابطال على بائسين مع مفك كان يمكن اعتقالهم.
هذه الصور يراها شعب إسرائيل متأثرا من الصحافة. هذا هو التحريض الحقيقي. الكبار والصغار يرون كيف يطلقون النار على العرب مثل الكلاب الضالة ويحفظون الدرس. وهنا يكمن أحد الاسباب الاساسية لهذه الاحداث: اللاانسانية للفلسطينيين الذين تعتبر حياتهم وموتهم مثل قشرة الثوم بالنسبة للإسرائيليين. الامر الذي لم يفكر أحد بفعله تجاه يشاي شليسل أو تجاه قاتل الشاب مئور المكايس في كريات غات، الذي يحظى بتصفيق الجمهور عندما يتعلق الامر بفلسطيني. ولم نقل شيئا بعد عن اطلاق النار على المتظاهرين في حدود غزة حيث قتل اربعة ومنهم ولد. ليس لمحاولة اللنش في نتانيا وليس بسبب الإسرائيلي الذي طَعن عربا في ديمونة، والذي لم يفكر أحد باعدامه أو هدم منزله. لقد كان يعاني من ضائقة لذلك تمت مسامحته وكأن من يطعن من الفلسطينيين لا يعاني من ضائقة أشد.
أحد ايديولوجيي هذه البربرية هو دان مرغليت الذي أعطى التبرير أول أمس: «يُفضل اطلاق النار على كل مخرب… كلما أصيب مخربون أكثر يكون هناك مخربون أقل». هذه الاخلاق التي لا تصمد على ارض الواقع يمكن أن نضيف اليها: كلما أصيب من يغتصب أو يسرق أو كان يساريا أو عربيا أكثر ـ كلما تضاءل عددهم. الموت للعرب ـ حان الوقت للانقضاض على الهدف التالي.
هآرتس