اتفاقية وادي عربة: صعود وهبوط : إيال زيسر
يُصادف اليوم (أمس) مرور عشرين عاما على اتفاق السلام بين اسرائيل والاردن، ولم تكن العلاقات في أي وقت من الاوقات جيدة كما هي الآن. وفي نفس الوقت لم تكن العلاقات بين الدولتين متردية كما هي الآن، لا، ليس هذا خطأ مطبعيا أو تناقضا داخليا. الحديث هنا عن الشرق الاوسط وسلام شرق اوسطي، حيث أن اتفاق السلام الاسرائيلي الاردني يشكل مثالا ونموذجا.
تم التوقيع على اتفاق السلام في أيام اخرى وعلى يد قادة آخرين، كانت تلك ايام اوسلو الشجاعة، ايام أمل بتشكيل «شرق اوسط جديد» وتحقيق سلام اسرائيلي عربي. وليس غريبا أنه عندما تم التوقيع على الاتفاق تعهد الملك الاردني الحسين شريك اسحق رابين بأن يكون السلام بين اسرائيل وبين المملكة سلام دافيء، سلام حقيقي بين الشعوب، وليس سلاما باردا تنقصه الروح مثل السلام الاسرائيلي المصري.
مكّن اتفاق السلام الدولتين من الخروج من مخبأ السرية التي كانت تميز التعاون الامني والمعلوماتي، الذي بدأ قبل قيام الدولة. هذا التعاون كان راسخا بقناعة زعماء الاردن واسرائيل على مر السنين لأن الواقع الاستراتيجي يلزمهم بالتعاون حتى وإن كان ذلك سريا – سواء عارض ذلك المفتي في سنوات الاربعينيات أو عبد الناصر في الخمسينيات والستينيات أو م.ت.ف في السبعينيات.
منذ التوقيع على اتفاق السلام قبل عشرين عاما اتسع التعاون الامني بين الدولتين، وتعمق التعاون الاستراتيجي في مجالات اخرى مثل المياه والطاقة، فاسرائيل تعطي اليوم الجزء الاكبر من المياه للمملكة، وبدون المياه الاسرائيلية ستجف الصنابير في العاصمة الاردنية، حتى في منازل اولئك الذين يتظاهرون ضد اسرائيل. وفي المستقبل ستعطي اسرائيل للاردن الغاز الذي لا يوجد للاردن أي بديل له.
ولكن التعلق الامني والاقتصادي الآخذ في الازدياد للاردن باسرائيل لم يغير من حقيقة الاحساس المناهض لاسرائيل في المملكة. فلا يوجد جمهور في العالم العربي يتظاهر بطريقة فظة ويعبر عن الكراهية لاسرائيل مثل الجمهور الاردني. وأمام مظاهر الكراهية هذه تقف السلطة الاردنية عاجزة، بل احيانا تصب الزيت على النار كما حدث في الآونة الاخيرة حينما أعلن الملك عبد الله عن ضرورة كبح الاعتداءات الصهيونية في القدس.
إن الرد الاردني المتردد لهذا العداء لاسرائيل ينبع من حقيقة أنه ليس آمنا في المملكة التي يسيطر عليها. فقط واحد من كل اربعة مواطنين ينتمي الى القبائل البدوية التي على أساسها أنشيء الاردن، وربع آخر هو من الفلسطينيين أما النصف الباقي فهم لاجئون من سوريا والعراق. في وضع كهذا وفي ظل وجود تنظيم داعش على الأبواب، وفي ظل الصلة بين الفلسطينيين على ضفتي النهر، يشعر قادة المملكة بضرورة اعطاء الجمهور فرصة التنفيس.
ولكن بالنسبة لاسرائيل يعتبر الاردن جدارا واقيا من الشرق. الاردن – الملك والجيش والاجهزة الامنية – هم من يفصل بين اسرائيل وبين تنظيم «الدولة الاسلامية».
إن الدولتين تحتاجان بعضهما البعض وستستمران في تعميق التعاون بينهما. وحاجة الاردن الاقتصادية من اسرائيل ستزداد، لكن الحب بين الشعبين سينتظر أياما اخرى، وبمفاهيم الشرق الاوسط فان اتفاق السلام الاسرائيلي الاردني هو قصة نجاح.
اسرائيل اليوم