بدوي للشرق الجديد: روسيا جاءت لتمنع اي اختراقات عبر الجبهات الحدودية للأمن في سوريا
قال المستشار والباحث في الشؤون الاقليمية رفعت بدوي في حديث لوكالتنا حول سبب التحرك الروسي في سوريا اليوم واهدافه، ان روسيا لم تتحرك اليوم بل هي تتحرك منذ وقت طويل وتدرس موضوع سوريا وسير الامور بدقة شديدة ومتناهية، ان على الصعيد السياسي، العسكري، واللوجستي، وقد استعملت روسيا لأول مرة في تاريخ الامم المتحدة الفيتو مرتين دعما للموقف السوري وذلك منعا لأي خطأ وقد قال رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف لوفد من المعارضة والاميركيين، ما حرفيته “لن أخطئ خطأ ليبيا مرتين”، وهناك كلام صادر عن الرئيس بوتين تحديدا ان امن سوريا يعتبر من امن روسيا.
وتابع بدوي: “روسيا كانت مواكبة للأحداث في سوريا منذ بدايتها وكانت بصفة الداعم، اللوجستي ، السياسي لإيجاد حلول سياسية، وقد حاولت كثيرا عبر اللقاءات بينها وبين المعارضة ولكن كل هذا لم يؤدي الى نتيجة، الى ان دخلت الولايات المتحدة في حلف كبير زورا وبهتنا اطلق عليه الحلف ضد الارهاب تألف من حوالي 60 دولة لكن لم يؤتي ثماره، اكتشفت روسيا بان ما يجري في سوريا هو هجمة كبيرة وتكالب دول كبرى بهدف اسقاط النظام واثارة الفوضى في سوريا، لا محاربة ارهاب او ارساء الهدوء في المنطقة او ارساء تسوية سياسية”.
واضاف بدوي: “ان كل بلد يرى ان له مصالح في مكان ما يذهب لحمايتها، وروسيا لها مصالح كبيرة في سوريا ولا ننسى بان التعاون (السوري السوفياتي) لم ينقطع حتى في مرحلة تفكك الاتحاد السوفياتي ونشوء روسيا، وروسيا كانتفي وقت من الاوقات في طور النشوء، والدور الاميركي كان في طور الصعود والاحادية، اليوم العكس تماما نرى انكفاء اميركي عن المنطقة والى الداخل الاميركي وشرق آسيا، انما روسيا اليوم في طور الصعود في المنطقة وكسر احادية القرار ليكون عالما متعدد الاقطاب، وقد شدد الرئيس بوتين في الكرملين والامم المتحدة وفي مناسبات عدة على كسر ما يسمى بأحادية القرار في العالم”.
وقال: ” ان روسيا تدعم القوات المسلحة النظامية السورية لأنها الوحيدة التي اثبتت رغم اصابتها بنكسات في بعض المناطق تماسكها كقيادة وكقرار، لذلك وجدت روسيا ان عليها دعم هذا الحليف السوري الذي يقف الى جانب روسيا في موضوع مكافحة الارهاب الذي عانت روسيا منه لفترات طويلة في الشيشان وفي الدول المحيطة بها، ولا ننسى ان هناك عشرات الالاف اليوم من ابناء هذه الدول تحارب على ارض سوريا وهذا امرا خطيرا جدا لانه يهدد الامن الاستراتيجي الروسي”.
واضاف: سمعنا اليوم بيان صادر عن القيادة العسكرية الروسية يقول، انه لا مانع لدينا من اعادة التنسيق التام بين الولايات المتحدة وروسيا للعمل سويا لمكافحة الارهاب على الاراضي السورية، هذا يعني ان هناك اتفاقا دوليا على ما يسمى محاربة الارهاب لكن تم تلزيم هذا الامر لروسيا وانسحبت منه الولايات المتحدة والدول التي سمت نفسها بالتحالف، ودخلت روسيا الى المنطقة والى العالم كقوة عالمية وليست كقوة اقليمية، ولا ننسى بانه كان لروسيا الاثر الكبير في انجاح ما سمي بالاتفاق النووي الايراني 5+1 وهذا ما عزز حضورها في المنطقة والعالم”.
وتابع: “ان روسيا تدعم سوريا اليوم عن طريق الجو ورصد الاقمار الاصطناعية وفتحت مخازنها للقوات النظامية السورية من اجل المشاركة في حربها على الارهاب، وسيقتصر دور الروس اليوم على المحافظة بستاتيكو الذي كان سابقا قبل 2011 بين سوريا واسرائيل، قبل اندلاع المشاكل في سوريا، والدليل على ذلك ما قاله بوتين لنتنياهو عندما زار روسيا، ان الجيش السوري ليس في وارد شن حرب على الجولان، ويجب عليكم ان تعودوا الى الستاتيكو الذي كان قبل 2011 اي بمعنى انه وجه رسالة تحذير شديدة لنتنياهو بان اللعب داخل الاراضي السورية امر ممنوع”.
واضاف: “هناك تفسير لاختراق الطائرتان الروسيتان المجال الجوي التركي فلم يكن الامر بسبب الاحوال الجوية او سوء الرؤية لان الاجواء كانت صافية وتسمح للطيار بان يحدد مساره، ولكنها كانت رسالة قوية الى حكومة رجب طيب اردوغان بانه يجب وقف العبث بالأمن داخل سوريا”.
وختم بدوي قائلا: “روسيا اليوم جاءت لتضبط الايقاع ولمنع اي اختراقات عبر الجبهات التي تهدد وحدة الدولة السورية والجيش السوري وتقدم الدعم عن طريق الجو لكن لا يتوهم احد ان الروس سيشاركون في عمليات برية، فهذه العمليات ستكون مقتصرة على الجيش العربي السوري والقوى المتحالفة معه وسنرى في الايام القادمة انتصارات للجيش العربي السوري لأنه اصبح لديه اليوم من الامكانيات ما يوفر له قدرة الحركة، ومعنوياته اليوم عالية جدا، والايام القادمة حبلى بالمفاجآت وانتصارات للجيش العربي السوري”.