ما فعلناه في 1988: اليكس فيشمان
في اللحظة التي يتخذ فيها الجيش والشرطة قرارا باغراق المنطقة بالقوات، او ما يسمى باللغة المهنية «بطانية واسعة»، تخنق النار، فالمعنى هو أن لا جديد تحت الشمس.
أحد في جهاز الأمن لا يقدر حقا بانه يوجد هنا وضع جديد ـ كالانتفاضة ـ يعرض السلامة العامة والسيطرة الاسرائيلية في الضفة للخطر. واضافة إلى ذلك: فكل العقول في جهاز الامن، الذين توجد لهم معا عشرات الاف «ساعات المناطق» لم تجد أي ابتكار جديد لمواجهة الانفجارات البركانية التي تنشب مرة كل فترة زمنية.
حتى بعد عملية الطعن امس في القدس الاحساس في جهاز الأمن هو أن الوضع تحت السيطرة ولهذا ـ فما كان هو ما سيكون، سواء كانوا محقين هناك أم مخطئين.
إذن نوسع دائرة الاعتقالات، ندفع بالكثير من القوات، نشدد تواجد الجيش والشرطة في المناطق ـ إلى أن يمر الغضب. غير أنه ليس لاحد في جهاز الأمن سيطرة على عوامل الانفجارات البركانية هذه، والتي تصبح متواترة اكثر فأكثر.
ثمة مسلمة في اسرائيل بان ليس للسلطة الفلسطينية والجمهور الفلسطيني مصلحة في استئناف الانتفاضة. اما عمليا، فالتحريض حول ما يسمونه خرق الاجماع في الحرم اصبح رافعة مركزية لاشعال اللهيب في القدس قبل سنة، وما يحصل في القدس اليوم. قد لا تكون لابو مازن مصلحة في العنف، ولكنه يتمسك امام الفلسطينيين وامام العالم العربي ـ لاعتبارات سياسية ـ بالكذبة التي في مركزها «المؤامرة الاسرائيلية لتغيير الوضع الراهن في الحرم»، وهذه هي مادة الاشعال الاساس لما يجري هناك اليوم.
معقول جدا الافتراض بان قصة الولد الذي اطلق النار عليه المستوطن، والتي تبينت كحادثة طرق، تمكنت من الارتفاع لتصبح موجة تحريض، دفعت أغلب الظن ذات الشاب الفلسطيني ابن 19 للذهاب إلى شرقي القدس وقتل اليهود هناك.
وعندنا، تكاد تكون صورة مرآة: شبان متحمسون يقفون ضد الفلسطينيين في المفترقات، زعماء سياسيون مركزيون يدعون إلى اغلاق المحاور، اعادة الحواجز، اتباع يد اكثر تشددا ـ الخطوات التي هي عكس ما يوصي جهاز الأمن بعمله من اجل تهدئة الوضع.
تفيد التجربة انه في ذات الطرق التي يسافر فيها اليهود وحدهم كانت بالذات اعداد اكبر من عمليات رشق الحجارة والزجاجات الحارقة. وذلك لان المخربين يعرفون بانهم لن يصيبوا بالخطأ سيارة فلسطينية.
ان زيادة عدد الحواجز تضيف إلى دائرة استياء السكان الفلسطينيين غير المشاركين في الإرهاب. كما أنها ترفع مستوى الاحتكاك بين الجيش والفلسطينيين. كل حاجز جديد هو مدخل آخر للانفجار.
تتصدى اسرائيل اليوم لموجة إرهاب وفيها عدة دوائر. الاضطرابات في الحرم، رشق الحجارة والزجاجات الحارقة في المحاور وفي احياء التماس؛ عمليات الافراد؛ العمليات التي تقوم بها المنظمات المؤطرة. العملية قرب ايتمار في الاول من تشرين الاول، والتي قتل فيها الزوجين هينكن، نفذتها خلية مؤطرة. جهاز الأمن العام والجيش خبيران جدا. فمعظم هذه العمليات تحبط مسبقا، وتلك التي تنفذ يحل لغزها في غضون وقت قصير. ولكن ازاء راشقي الحجارة -لا تزال القيادة السياسية والعسكرية تبحث عن الصيغة الصحيحة. غير أن الحجارة كانت خبز الجيش في الانتفاضة الاولى. الحلول مكتوبة. جيش 2015 يحتاج فقط لان يقرأ ما فعله جيش 1988. في حينه اجريت بحوث علمية حول جماعات الشغب، ووجدت حلولا ايضا. فمنفذ العملية الفرد ينتمي لمجموعة «عمليات الاجواء»، ممارسة الضغط على الميدان زادت الضغط واليأس وستخلق مزيدا من المنفذين الافراد. وعليه، قبل كل شيء، فيما يتعلق بالقدس يجب معالجة التحريض حول الحرم. في المجال العملي، على شرطة اسرائيل أن تستعد بشكل مختلف في القدس ـ سواء من ناحية استخبارية أم من ناحية نشر القوات. والتعامل والمعالجة للمشاغبين في شرقي القدس وكأنهم مواطنون اسرائيليون هو خطأ. فالهدف اليوم هو عمل كل شيء كي لا تنتقل النار المشتعلة في القدس إلى الضفة. ولا يزال: نحن سنبقى مع الانفجارات البركانية.
في الجيش يفهمون بانها انتهت ايام «محاولة احتواء النزاع» وكسب الوقت مع مزيد من التسهيلات والامتيازات. ونحن نقترب من مفترق طرق. مسار واحد يؤدي إلى تطبيع الحياة في الضفة، لرفع معظم القيود عن السكان الفلسطينيين والشروع في المفاوضات. المسار الثاني: نسير نحو مواجهة شاملة، ستجر غزة أيضا.
يديعوت