حادثة منى هل تؤدّي إلى حرب إيرانية – سعودية؟ حميدي العبدالله
في سياق الجدال الذي أثارته حادثة التدافع في منى وذهب ضحيتها آلاف الحجاج، كانت نسبة كبيرة منهم من الحجاج الإيرانيين، حذّر الإمام السيد علي خامنئي السلطات السعودية بردّ قاس على موقفها غير المسؤول، سواء في عرض حقيقة أو أسباب ما جرى، أو لجهة إخلاء الجرحى والتعامل مع جثامين الضحايا، وأعقب ذلك تصريح لقائد الحرس الثوري أعلن فيه أنّ قوات الحرس جاهزة لتنفيذ أيّ أمر يصدر لها من الإمام أو من الجهات الإيرانية المعنية للردّ على الموقف السعودي. وأدلى الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني بتصريحات أكد فيها أنّ ردّ إيران قد لا يظلّ في إطار الموقف الحالي، وقد يتحوّل إلى استخدام القوة إذا كان هناك استمرار لطريقة التعامل الحالية من قبل السلطات السعودية.
بعد هذه التصريحات القوية تحسّن موقف السلطات السعودية وبات أكثر مسؤولية وجدية، ولكنه لم يؤدّ إلى إسدال الستار على الأزمة القائمة بين طهران والرياض، بل إنّ وسائل إعلام إيرانية تحدّثت عن شروط يجب أن يُصار إلى تنفيذها من قبل السلطات السعودية لكي يتمّ ختم هذه المسألة ووضع حدّ للسجال الذي أثارته، ويأتي من بين هذه الشروط شرطان قد يكون من الصعب الوفاء بهما من قبل السلطات السعودية. الشرط الأول، هو الاعتذار من الدول التي سقط لها حجاج في التدافع، والشرط الثاني إجراء تحقيق شفاف يقنع الدول المعنية بنتائجه.
لكن السؤال ماذا لو لم ترضخ السعودية لهذه الشروط، وهل تلجأ إيران إلى استخدام القوة، وما هو الشكل الذي سوف تسلكه عملية استخدام القوة إذا اتخذ قرار على هذا الصعيد؟
لا شك في أنّ طهران تسعى إلى عدم تصعيد المواجهة وتحرص على إيجاد حلّ تفاوضي مع السلطات السعودية حول هذه القضية، ولكن من الصعب الاستمرار في هذا الموقف إذا لم يكن هناك تعاون سعودي جدّي مع السلطات الإيرانية.
ولكن في ضوء مواقف المملكة العربية السعودية من إيران، يبدو من الصعب أن يشق الحلّ السياسي الحواري طريقه، أو على الأقلّ قد لا يكون هذا هو المسار المرجّح، في هذه الحال فإنّ إيران عرضة لضغوط الرأي العام الداخلي للقيام بردّ، وقد لا يكون هذا الردّ، والأرجح ألا يكون هذا الردّ، حرباً مباشرةً بين السعودية وإيران بل الأرجح أنّ الردّ الإيراني قد يكون عبر تقديم دعم فعّال لليمن في حربها ضدّ السعودية، دعماً قد يكون علنياً هذه المرة عبر كسر الحصار الذي تفرضه السعودية وحلفاؤها، ولا سيما الحصار البحري، ومن غير المستبعَد أن يتدرّج هذا الردّ، بداية من إرسال معونات إنسانية وتوفير الحماية العسكرية لها، ولاحقاً ربما إرسال دعم عسكري، ومن شأن مثل هذا الردّ أن يشكل حالاً أدنى من الحرب المباشرة بين إيران والسعودية، وأعلى من الردّ السياسي الديبلوماسي والإعلامي.
(البناء)