بقلم غالب قنديل

العالم الجديد وبصمة الأسد

assad123

غالب قنديل

منذ تسلمه رئاسة الجمهورية العربية السورية عبر الرئيس المقاوم بشار الأسد عن تبنيه لنظرة استراتيجية جديدة تواكب مخاض التكتلات الكبرى في العالم من موقع العروبة الاستقلالية التحررية وبروح الحداثة والتقدم الاجتماعي صاغ الرئيس الأسد مشروعه الحضاري للنهوض القومي و سعى لتكتل شرقي تلعب فيه سورية دورا محوريا من موقعها التحرري المقاوم والمناهض للاستعمار والصهيونية .

يطمس الغرب الاستعماري اليوم عن قصد جوهر اختلافه مع الأسد وسر العداء الضاري والشرس لهذا القائد الشاب المتحضر والمثقف كما كان يوصف في الصحافة الغربية خلال سنوات الخداع والمراوغة فالمشكلة انطلقت أولا من إسرائيل كالعادة ورئاسة الدكتور بشار الأسد للجمهورية العربية السورية انطلقت بأعز انتصار عربي على إسرائيل بعد عقود من الهزائم في 25 أيار من العام 2000 ومن ثمار ذلك الانتصار انكسار كبير للقوة الصهيونية التي اعتمدها الغرب لإخضاع البلاد العربية في المشرق والمغرب وصعود القوة الإقليمية لسورية التي كونت مع إيران السند والشريك للمقاومة في انتصارها .

طرح الأسد أفكارا جريئة وطموحة في رسم استراتيجية سورية وعربية لملاقاة التحولات في العالم وقد بنى توجهاته المبدئية على خلاصات جاءت التطورات تؤكد صحتها ووجاهتها وهي في جوهر الاستهداف الغربي المستميت لهذا القائد الشجاع :

اولا إن الغرب الصناعي هو قوة استعمارية تسعى للسيطرة والهيمنة ومحور هيمنتها في المنطقة ارتباطها العضوي بالكيان الصهيوني والعلاقة مع هذه القوة الاستعمارية تحكمها معادلات القوة فليس للأمر علاقة بالمنطق او بشكليات القانون الدولي وأطره الناظمة نظريا بل إنها تتحرك بمنطق التوازنات والمعادلات فتخضع للقوي وتستبيح الضعيف المستكين ولذلك أكد الأسد مبكرا أنه لا بديل عن خيار المقاومة والاستقلال كمبدأ استراتيجي في مضمون السياسة السورية واتخذ موقفه الشجاع والجريء إلى حد الإبهار فوقف وحيدا من بين جميع رؤساء الكرة الأرضية يتصدى للغزو الأميركي للعراق كما وقف بقوة إلى جانب المقاومة اللبنانية في حرب تموز 2006 واتخذ مبادرات نوعية لدعمها بشكل غير مسبوق.

ثانيا برزت صلابة الرئيس بشار الأسد خصوصا في سنوات الخديعة والمراودة التي نصب خلالها المستعمرون فخا لزحزحة سورية ورئيسها عن المباديء التحررية الاستقلالية فدفعت الولايات المتحدة والحركة الصهيونية من الخلف حكومات تركيا وقطر وفرنسا خلال حرب تموز 2006 لمحاولة الظهور في موقع تضامني جرى استعماله لاحقا لمحاولة استدراج الرئيس بشار الأسد إلى تنازلات في التفاوض غير المباشر مع إسرائيل بوساطة أردوغان وقدمت كمية ضخمة من الإغراءات لفك التحالف السوري مع إيران وحزب الله، سيكشفها يوما نشر الأرشيفات الدولية المخبأة في الخزائن وقد برهنت الأحداث للرئيس بشار الأسد على صحة نظرته إلى الغرب الاستعماري حتى عندما يتظاهر قادته وعملاؤه بالود والصداقة او بالخضوع للوقائع القاهرة وهو ما زال يؤكد عدم الثقة بالغرب انطلاقا من التجربة الحية والوعي العلمي.

ثالثا أدرك الرئيس بشار الأسد جوهر التحول الحضاري والاقتصادي والسياسي في العالم وهو لذلك اعتمد نظرية التوجه شرقا في سياسة سورية وعلاقاتها وشراكاتها وتحالفاتها ومن هذا الموقع وطد التحالف مع إيران وعمق الشراكة الاستراتيجية مع روسيا والصين ومجموعة البريكس وطرح نظرية البحار الخمسة متطلعا لتثمير موقع بلاده الجغرافي والسياسي كفائض قوة عربية في بناء تكتل عالمي مشرقي هو مكان سورية الطبيعي والتاريخي كطليعة لمعسكر التحرر ومقاومة الاستعمار وينبغي القول إن نظرية انتقال مركز العالم إلى الشرق باتت حقيقة مسلما بها علميا لدى الباحثين الغربيين في الشؤون الاستراتيجية بعد سنوات من تصريحات الرئيس بشار عن التوجه شرقا وعن مشاريع التكتلات التي تمثل سورية محورا رئيسيا لها في حركة التغيير العالمي.

رابعا استهدفت سورية بحرب كونية شديدة التعقيد والشراسة لوأد مشروع تحرري حضاري يحمله الأسد فكانت ملحمة الصمود الكبرى لشعب سورية ولجيشها ولدولتها الوطنية بقيادة الأسد بمثابة القابلة التي انبثقت على يديها ملامح العالم الجديد ومع كل مرحلة من الصمود السوري الكبير تأسست وانبثقت معادلة جديدة تجبر الاستعمار الغربي على الرضوخ والاعتراف بالحقائق الناتجة عن سقوط الهيمنة الأحادية الأميركية على العالم .

اليوم يبلغ مخاض الولادة الجديدة ذروة حاسمة مع الحضور الروسي المباشر وينبغي القول لمن يفركون عيونهم إنه منذ ظهور القيادة الأميركية المباشرة للعدوان على سورية سواء مع مرحلة روبرت فورد او من ثم مع غرفة عمليات الجنرال ديفيد بيترايوس كان السؤال يتكرر أين هم حلفاء سورية المخلصون وقد بات نزولهم في الميدان مشروعا وملحا مع وقاحة قوى العدوان التي ضمت جميع دول الناتو وجميع حكومات مستعمرة الجامعة العربية المسعودة المقطرنة والقاعدة الأطلسية الأخوانية في تركيا العثمانية وقبل جميعهم الكيان الصهيوني … اول الحلفاء الشجعان كان قائد المقاومة السيد حسن نصرالله ومن ثم كانت إيران واليوم وبعد حضور سياسي مبكر إلى جانب سورية تحضر قوة روسيا وضمنا قوة الصين معها … إنه شيء بسيط مما تستحقه سورية التي تهب للعالم فرصة التحرر من عبودية الهيمنة الأميركية الصهيونية فالعالم الجديد الذي سعى الشرق لتمخضه سلما جعلت حروب المستعمرين ولادته صعبة ودامية ومكلفة لكن هذا الفجر الجديد عليه بصمة الرئيس بشار الأسد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى