نعمان للشرق الجديد: روسيا ودول الممانعة والمقاومة رأت في المشروع الاميركي للمنطقة وصفة لإطالة الحرب وقررت مواجهته
اعتبر الوزير السابق الدكتور عصام نعمان في حديث لوكالتنا حول التحول الاقليمي والدولي الذي احدثته مبادرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوريا، بان هناك شعورا بل اقتناعا في الاساس بين سوريا وايران والبعض في العراق كما حزب الله في لبنان بان لدى الاميركيين ومن ورائهم الاسرائيليين مشروعا متكاملا لتقسيم سوريا والعراق الى كيانات ذات حكم ذاتي على غرار الحكم الذاتي في كردستان العراق، تجمعها حكومة مركزية ضعيفة في كل من البلدين وهناك أدلة كثيرة على وجود هذا المخطط أبرزها ثلاثة:
الاول، مرور سنتين على قيام الاتحاد الدولي لمواجهة الارهاب وعجزه عن التأثير في محاربة “داعش” بل ان “داعش” توسعت في ظل الغارات الاميركية في اطار ذلك التحالف بحيث امكنها السيطرة على محافظات العراق الغربية نينوى (الموصل) وقسم من محافظة صلاح الدين وعاصمتها تكريت وكامل محافظة الانبار وعاصمتها الرمادي.
الثاني، ان الولايات المتحدة رفضت جهارا قيام تنظيم الحشد الشعبي في العراق بمؤازرة الجيش العراقي لاستعادة مدينة الرمادي بل هددته بقصفه جوا اذا ما حاول.
الثالث، ان الولايات المتحدة لم تفعل شيئا محدودا في سوريا لمواجهة “داعش” بل انها تقوم تحت ستار دعم وتسليح قوات ما تسميه المعارضة المعتدلة بتسليح تنظيم جبهة النصرة واحرار الشام وغيرهما، وهذه التنظيمات التي تحارب الحكومة المركزية في دمشق، وفوق ذلك كله تصر الولايات المتحدة على انهاء قيادة الرئيس بشار الاسد بدعوى انه يتهاون في محاربة “داعش”، وان اكثرية الشعب السوري وخاصة في شمال سوريا وشرقها يعارضون بقاءه في السلطة.
واضاف نعمان: “ان دول محور المقاومة لاحظت هذا المخطط الاميركي والذي اقترن فوق ذلك بسياسة اميركية ترمي الى مواجهة روسيا، بدليل انها تمكنت من قلب نظام الحكم في اوكرانيا والمجيء بحكومة موالية لها الامر الذي ادى الى تقسيم اوكرانيا بين دولة في الجنوب موالية لأميركا والمحافظات الشمالية التي اكثرية سكانها اصلا من الروس، ثم اتفقت مع حكومة بولونيا على اقامة قواعد لصواريخ عابرة للقارات تنال بطبيعة الحال من روسيا وعندما استفسرت موسكو واشنطن عن سبب اقامة هذه الصواريخ ادعت الولايات المتحدة انه يجري اقامتها من اجل التصدي لإيران، مع ان ايران بعيدة جدا عن بولونيا، وبإمكان الولايات المتحدة ان تقيم مثل هذه القواعد في بلدان مجاورة لإيران وموالية لأميركا كدول الخليج”.
وتابع: ” روسيا كما دول الممانعة والمقاومة لاحظت هذا المخطط الاميركي وقررت مواجهته، وروسيا قالت للأميركيين على مستوى الرئيسين بوتين واوباما ما دام “داعش” هو عدونا الرئيسي فلماذا لا نتعاون للقضاء عليه، وخاصة ان نحو 2400 روسي مسلم سلفي جاؤوا الى سوريا والعراق لمؤازرة داعش ضد حكومتي دمشق وبغداد، اميركا رفضت واشترطت ازاحة الرئيس الاسد كشرط لهذا التعاون وهذا فسرته روسيا كما دول الممانعة والمقاومة انه وصفة لتطويل امد الحرب بغية اضعاف سوريا وبالتالي تقسيمها، وعلى هذا الاساس ولان مصالح روسيا اصبحت مهددة وعلى وجه الخصوص كونها تحتفظ بقاعدة امداد لوجستي في طرطوس وهي القاعدة الوحيدة التي لها فيها تسهيلات في حوض البحر المتوسط، قررت روسيا وبالتفاهم مع دمشق وطهران والموافقين على سياستها في بغداد على مواجهة عسكرية فعالة ضد داعش، في هذا الاطار تم اولا اعادة تفعيل الاتفاقات العسكرية، اتفاقات التسليح القائمة بين روسيا وسوريا والتي كانت موسكو جمدتها عشية الاعداد لمؤتمر جنيف 2 عام 2013، عادت موسكو وفعلت هذه الاتفاقات واخذ السلاح الروسي يتدفق على سوريا ثم أرفقت ذلك بنحو اسراب من الطيران في مطار حميميم المجاور للاذقية كما نشرت بضع كتائب من مشاة البحرية، وما لبثت ان أوعزت الى الطيران الحربي الروسي الموجود في سوريا بالإغارة على مواقع محددة لجميع التنظيمات الارهابية الكائنة في وسط سوريا وخاصة في محافظات حماه وحمص والطرف الشمالي الشرقي لمحافظة اللاذقية”.
وختم نعمان قائلا: “معنى هذا الاجراء العسكري الروسي ان روسيا كما دول الممانعة والمقاومة اصبحت في حرب مكشوفة مع داعش والمنظمات الاخرى التي تنسج على منواله والتي تحظى بدعم من اميركا ومن بعض دول الخليج، وهذا سيؤدي الى بزوغ مرحلة جديدة في العلاقات الدولية والاقليمية للشرق الاوسط الكبير لا يمكن الان التكهن بتداعياتها، ولكن من الان فصاعدا لن تكون منطقة الشرق الاوسط تحت تأثير القطب الاميركي وحده، لان القطب الروسي اصبح داخل هذه المنطقة ويحارب فيها من اجل الدفاع عن مصالحه ومصالح حلفائه”.