مطالب بتعديل اتفاق الزبداني ـ الفوعة وكفريا عبد الله سليمان علي
لم يدخل اتفاق «الزبداني ـ الفوعة وكفريا» حيّز التنفيذ بعد. وتضاربت المعلومات حول الأسباب التي أدت إلى تسويفه، وعرقلة تنفيذ الخطوة الأولى منه المتمثلة بإخراج الجرحى والمصابين. وذلك في ظل معلومات حصلت عليها «السفير» بأن الاتفاق قد يخضع للتعديل لجهة توسيع المناطق المشمولة بوقف إطلاق النار، ولجهة زيادة عدد المسموح لهم بالخروج من بلدتي الفوعة وكفريا.
ويبدو أن بعض المعطيات التي ظهرت على الأرض، بعد توقيع الاتفاق، دفعت بعض الأطراف إلى المطالبة بتعديله وتحسين شروطه، بما يجعل تنفيذه متلائماً مع الغاية من توقيعه، وهي نزع فتيل التصعيد وتحقيق الأمن والأمان لأهالي المناطق المشمولة به.
فمن جهة تطالب بعض الفصائل وبعض «الهيئات المحلية» في ريف إدلب بتوسيع المناطق المشمولة بوقف إطلاق النار، وإضافة مناطق جديدة إليها مثل سرمين وسراقب. وقد عمدت هذه الفصائل و «الهيئات» إلى التظاهر السبت الماضي، وقطع طريق سراقب الذي كان يفترض أن يدخل عبره الفريق الطبي المكلّف بمعاينة الجرحى والمصابين في الفوعة وكفريا، وتحديد من يمكن علاجه منهم داخلهما، وإخراج المتبقين نحو ريف حماه، وهو الأمر الذي أدّى إلى تأخير تنفيذ الاتفاق حتى الآن.
وقد تقدمت بعض هذه الفصائل بطلب رسمي إلى «أحرار الشام» للمطالبة بتعديل الاتفاق، وضمّ سرمين وسراقب إلى بند المناطق المشمولة بوقف إطلاق النار. وتكمن الخشية بأنه في حال عدم الاستجابة لطلب هذه الفصائل، فإن نجاح الاتفاق سيظل رهناً بطبيعة ردة فعلها، لأن هذه الفصائل، خاصة في سرمين، تملك مدفعية وصواريخ يصل مداها إلى بلدتي الفوعة وكفريا، وبالتالي يمكنها قصف البلدتين متى تريد من دون أن يعتبر ذلك انتهاكاً للاتفاق الموقّع. وهذا يكشف عن وجود ثغرة مهمة في الاتفاق، لأن وقف إطلاق النار سيكون جزئياً في هذه الحالة.
وطالبت اللجان الممثِّلة لأهالي الفوعة وكفريا، من جهتها، بتعديل الاتفاق، لاسيما البند الذي ينص على إخراج عشرة آلاف مدني، مطالبين بزيادة هذا العدد إلى 14 ألفاً. حيث تبين لدى إجراء إحصاء دقيق لأهالي الفوعة وكفريا، أن عدد النساء المتواجدات فيهما يبلغ عشرة آلاف و800 امرأة، أي أن عدد النساء وحده يزيد عن السقف المحدد في بنود الاتفاق، هذا من دون احتساب الأطفال أو الشيوخ.
وبحسب مصدر مقرّب من «خلية الأزمة» المسؤولة عن إدارة البلدتين عسكرياً ومدنياً، فإن العدد الإجمالي للنساء وللأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة والشيوخ فوق الخمسين، يبلغ 14800 شخص. وقد تسبب ذلك بإثارة نقاش بين الأهالي حول المعايير التي ينبغي الاعتماد عليها لتحديد قائمة الخارجين واستبعاد الآخرين. ودفع هذا النقاش إلى رفع طلب رسمي للجهات المعنية في العاصمة، يتضمن المطالبة بتعديل الاتفاق ورفع عدد الخارجين.
ولكن استباقاً لإمكانية عدم الاستجابة لطلب التعديل وعدم موافقة الطرف الآخر عليه، انعقد، أمس صباحاً، اجتماع في أحد مساجد الفوعة، وتم إعلان قرار صادر عن «خلية الأزمة» يقضي بتحديد المشمولين بالخروج، وهم عوائل المقاتلين والشهداء وكذلك ذوي الأمراض الشديدة مثل السرطان والسل.
ولم تتمكن «السفير» من التأكد مما إذا كانت هذه المطالبات بتعديل الاتفاق قد وصلت إلى الأقنية الرسمية المخوّلة بعملية التفاوض، أم بقيت في أدراج الأطراف المعنية. وسقطت قذيفة في الفوعة، كما تم استهدافها برشقات متقطعة بالرشاشات من منطقة رام حمدان، من دون وقوع اصابات. ويعزز هذا الامر من نظرية وجود أطراف تريد افشال الاتفاق.
في غضون ذلك، تستمر الجهود لاستكمال التجهيزات اللوجستية اللازمة لتأمين تنفيذ الاتفاق. حيث أنهت مجموعات من المتطوعين استعداداتها لاستقبال أهالي بلدتي الفوعة وكفريا في مركز إقامة مؤقت في قرية معردس بريف حماه، كما تمّ تجهيز نقطة طبية تحوي إسعافات أولية للجرحى والمصابين. وفي الوقت ذاته يجري العمل على فتح طرق عدة وإزالة السواتر، بعد تحديد المسلك الذي ستسلكه الباصات لإجلاء الجرحى، من دون تحديد موعد محدد ليوم الإجلاء، وسط معلومات بأن تجهيل موعد التنفيذ قد يكون مقصوداً لتفادي التعرض لقوافل الخارجين من قبل بعض المغرضين الذي يريدون إفشال الاتفاق. وفي هذا السياق أشارت معلومات حصلت عليها «السفير» إلى أن «أحرار الشام» تقوم بنشر حواجز مكثفة ليلاً على الطرقات التي يفترض أن تسلك الباصات إحداها، بهدف مراقبتها وتأمين أقصى حماية لها.
وقد نشر «الهلال الأحمر في حماه» على صفحته على «فايسبوك»، بياناً حول الاستعدادات التي يقوم بها لاستقبال أهالي الفوعة وكفريا، ذكر فيه أنه «بدأ بتجهيز مستودع ميداني مؤقت، اشتمل على مواد غذائية وإغاثية وصحية وطبية لتلبية احتياجات الوافدين ساعة وصولهم»، مشيرا إلى أن «فرقه انتهت من تجهيز 17 غرفة للإيواء المؤقت، ومطبخ ميداني، بالإضافة إلى صالتي استقبال وصالة خاصة مجهزة لذوي الاحتياجات الخاصة ومطعم ميداني».
ولفت «الهلال الأحمر» إلى أنه قام بتزويد مركز الإيواء بـ10 محامل و10 جبائر حديدية، بالإضافة إلى تجهيز غرفتين تحويان على 10 أسرّة لتقديم الإسعافات الأولية، فضلاً عن تواجد فرقتي إسعاف على مدار الساعة. ونوّه إلى أنه خدّم المركز بخزانات مياه وحمامات ميدانية و1500 عبوة ماء للشرب سعة ليتر واحد، مؤكداً أنه يتم العمل حالياً على تجهيز صالة صديقة للطفل لتقديم الدعم النفسي ومكافحة سوء التغذية.
(السفير)