هل بات وشيكاً استئصال الإرهاب وحلّ الأزمة السورية؟ حميدي العبدالله
ثمة تحوّلات غير مسبوقة تشهدها الأزمة السورية، تحوّلات سياسية وعسكرية، تمثلت التحوّلات العسكرية في وصول تعزيزات هامة من روسيا إلى سورية، بينها طائرات حربية ومروحية وأسلحة أخرى متطورة، إضافةً إلى تشكيل تحالف عسكري أمني يضمّ سورية والعراق وإيران وروسيا، وتشكيل مكتب تنسيق مقرّه بغداد يضمّ الدول الأربع.
وتمثلت التحوّلات السياسية في تغيّر الموقف الأوروبي والأميركي والغربي من الأزمة في سورية، تجسّدت هذه التحولات في الإعلان الألماني والبريطاني والفرنسي والاسترالي والتركي عن قبول التعاون مع الدولة السورية وعلى رأسها الرئيس بشار الأسد للقضاء على الإرهاب وحلّ الأزمة القائمة في سورية.
بديهي أنّ حجم واتساع وطبيعة هذه التحوّلات غير المسبوقة ستكون لـه انعكاسات وتداعيات ميدانية وسياسية، تسرّع في وتيرة القضاء على الإرهاب، وتسريع الوصول إلى حلّ سياسي.
وبديهي أيضاً أنّ سرعة الحسم العسكري في مواجهة الإرهاب ستكون وتيرتها أعلى من أيّ وقت مضى بسبب حصول الجيش السوري على أسلحة متطوّرة وأيضاً بسبب إسهام دول التحالف الأربع في المواجهة العسكرية بقدرات عسكرية نوعية، إضافةً إلى التعاون الأمني والاستخباري الذي ستكون لـه انعكاسات فورية على النجاحات العسكرية.
من الصعب تقدير المدى الزمني الذي يمكن أن تستغرقه عملية استئصال الإرهاب في ضوء هذه التحوّلات الهامة والاستراتيجية، العسكرية والسياسية، ولكن بكلّ تأكيد سيكون الوقت اللازم للحسم في مواجهة الإرهاب أقصر بكثير مما لو استمرّت الأوضاع في الوتيرة التي كانت عليه قبل هذه التحوّلات.
لكن في المقابل، فإنّ الحكومات الغربية، ولا سيما الإدارة الأميركية لا تزال تسعى للحصول على تنازلات وتحقيق مكاسب عبر المفاوضات لحلّ الأزمة السياسية عجزت عن تحقيقها في المواجهة المفتوحة. ومن الطبيعي أن يقود الإصرار على تحقيق مثل هذه المكاسب غير المشروعة إلى إعاقة وعرقلة الوصول إلى حلّ سياسي بالسرعة التي يمكن أن توازي سرعة الحسم العسكري في مواجهة الإرهاب، بل قد تسعى الدول الغربية إلى عرقلة الجهد المبذول من التحالف الرباعي السوري- العراقي- الإيراني- الروسي للحسم السريع في مواجهة الإرهاب لتدارك النتائج المترتبة على هذا الحسم، ولا سيما لجهة طبيعة وماهية الحلّ السياسي للأزمة القائمة في سورية.
بهذا المعنى، يمكن الاستنتاج بوضوح قاطع أنّ مسار استئصال الإرهاب ووضع نهاية للأزمة في سورية، بات الآن أسرع بكثير مما كان عليه في الفترة السابقة، لكن من السابق لأوانه تحديد نهاية سريعة تفضي إلى استئصال الإرهاب وإسدال الستار على الأزمة القائمة في سورية.
(البناء)