تحوّلات لا رجعة عنها حميدي العبدالله
شهد موقف الدول الغربية اضطراباً شديداً من الأزمة السورية تمثل في اتخاذ مواقف إيجابية ثم التراجع عنها إلى درجة أنّ كثيرين باتوا غير مصدّقين وغير واثقين من ثبات مواقف الحكومات الغربية، وينطبق هذا على مواقف الحكومات الغربية الأخيرة من الأزمة السورية.
لكن من الواضح أنّ التحوّلات الأخيرة تختلف هذه المرة عن المرات السابقة، ويكمن هذا الاختلاف في واقع أنّ هذه التحوّلات فرضتها مستجدات تجعل التراجع عنها أمراً مستبعداً ومن أهمّ هذه المستجدات:
أولاً: الموقف الروسي الحازم من إصرار الحكومات الغربية على شرط تنحّي الرئيس الأسد للعمل على إنهاء الأزمة ومحاربة الإرهاب، وتجلى هذا الموقف الحازم في زيادة الالتزام الروسي عسكرياً والإفراج عن صفقات أسلحة كان قد تمّ إبرامها في سنوات سبقت اندلاع الأزمة، الأمر الذي عزز القدرات الدفاعية للدولة السورية في مواجهة الجماعات الإرهابية والدول الداعمة لها أو المتواطئة معها.
ثانياً: تزايد التأثير الإيراني على الحكومات الغربية بعد توقيع الاتفاق على الملف النووي في ضوء تسابق الحكومات الغربية على عقود الاستثمار في إيران، حيث باتت وجهة النظر الإيرانية مسموعة عند الحكومات الغربية، ومعروفٌ أنّ إيران تدعو الى حلّ سياسي للأزمة في سورية.
ثالثاً: تدفق آلاف اللاجئين الى اوروبا، الأمر الذي تسبّب بضغوط وتوتر بين الحكومات الأوروبية، إضافة الى ارتفاع حدة الممارسات العنصرية داخل الدول الأوروبية وشكل ذلك بدوره عامل تهديد للاستقرار في أكثر من دولة أوروبية.
رابعاً: تعاظم خطر الإرهاب وارتداد الارهابيين على مشغّليهم وخروج المنظمات الإرهابية عن الخطط المرسومة من قبل الحكومات الغربية.
هذه العوامل الأربعة مجتمعة وغيرها من العوامل الأخرى هي التي فرضت هذا التحوّل في مواقف الحكومات الغربية. ومن الواضح انّ هذه العوامل ثابتة وليست ظرفية او متغيّرة، وبالتالي الانقلاب عليها أمر شبه مستحيل.
(البناء)