بقلم غالب قنديل

نصرالله : النسبية هي المفتاح

hqdefault

غالب قنديل

أحدث حزب الله نقلة نوعية وهامة في المشهد السياسي من خلال الموقف الهام الذي أعلنه أمين عام الحزب وقائد المقاومة السيد حسن نصرالله في حواره مع الزميل عماد مرمل عبر قناة المنار… باعتبار اعتماد قانون الانتخاب النسبي المفتاح السياسي الأبرز لتجاوز حالة التأزم التي تعصف بلبنان وبمؤسساته الدستورية وبتأكيده ان اعتماد النسبية هو الطريق إلى تطوير النظام اللبناني وتحديثه وإصلاحه اختصر السيد نصرالله مساحة واسعة من الجدل والنقاش وهكذا رمى السيد بثقل حزب الله والمقاومة إلى جانب الخيار الوطني الديمقراطي التقدمي الذي تتكثف عنده معضلة التغيير السياسي .

أولا النسبية والديمقراطية

التحول نحو النسبية هو اتجاه عالمي في تطوير قوانين الانتخاب وهو التعبير عن اعتماد أفضل الطرق لتمثيل سياسي عادل ومتكافيء في البرلمانات يقارب في تكوينه الفعلي صورة المجتمعات وواقعها السياسي بحيث تحتوي المجالس النيابية ممثلين منتخبين لمعظم الاتجاهات والتيارات والأحزاب السياسية بجميع تلاوينها العقائدية وبرامجها وهو ما يؤهل البرلمانات المنتخبة لبلورة الخيارات الوطنية بعيدا عن نزعات الإقصاء والإلغاء والتحكم التعسفي بالسياسات العليا وببرامج الحكم في إدارة الشأن العام اقتصاديا وسياسيا.

بقدر ما يمثل الاعتراف بالتعدد والاختلاف السياسي مضمون الديمقراطية المعاصرة فالنسبية هي الممر الحصري نحو انبثاق مجالس نيابية اكثر ديمقراطية وأوسع تعبيرا عن الإرادة الشعبية عبر تمثيل جميع التيارات التي تحظى فعليا بالثقل الشعبي ومعارضة اعتماد النسبية كما قال السيد نصرالله هي خيار ديكتاتوري إقصائي إلغائي يرفض أصحابه الاعتراف بالتعدد وبالتنوع السياسي على مستوى الوطن ام على مستوى الطائفة او المنطقة التي يحتكرون تمثيلها بفضل النظام الانتخابي الأكثري وبالتالي فهم يرفضون الديمقراطية ولذلك ينبغي تقديم المعركة حول النظام الانتخابي النسبي بوصفها المعركة الفعلية للتقدم في اتجاه الديمقراطية ولا بد من القول ان معارضي النسبية هم اعداء الديمقراطية التي يتغنون بها بلغو سياسي فارغ لستر استئثارهم وتسلطهم السياسي.

ثانيا النسبية واتفاق الطائف

تضمن اتفاق الطائف والدستور الجديد الذي انبثق عنه اعتماد النسبية والدوائر الانتخابية الموسعة كعتبة للانتقال إلى نظام المجلسين أي انتخاب مجلس نيابي خارج القيد الطائفي على قاعدة النسبية وفي لبنان دائرة انتخابية واحدة ومجلس شيوخ على أساس التمثيل الطائفي والدوائر الصغيرة او الفردية وهذا هو مضمون الإصلاح السياسي والدستوري المعطل منذ التسعينيات وهو حبيس هيمنة الفريق الحاكم بقيادة الحريرية وشركائها والحلف الطبقي الذي تعبر عنه سياسيا أي الطغمة المالية والمصرفية والعقارية الريعية المتسلطة على جميع وجوه الحياة في لبنان والتي تتربع على قمة هرم بلغ درجة عالية من التصدع والتفسخ لكثرة ما فرضت تلك الطغمة من المظالم الساحقة للطبقات الوسطى والفقيرة ومدمرة للقطاعات المنتجة وبما أقامت من أدوات استتباع اجنبية في النسيجين الاقتصادي والسياسي وعلى الصعيدين الإعلامي والثقافي .

إن تطبيق النسبية الكاملة في قانون الانتخاب راهنا هو مدخل يتيح الانتقال إلى نظام المجلسين الذي نص عليه الدستور وهذا سر المقاومة الشرسة التي يبديها المستفيدون من احتكار التمثيل النيابي منذ اتفاق الطائف وبصورة خاصة قيادة تيار المستقبل الممثلة بالرئيس فؤاد السنيورة حارس النهج الاقتصادي الريعي المدمر الذي خرب لبنان وأثقله بالدين العام ، النسبية هي المضمون الفعلي لاتفاق الطائف ولذلك فخصومها هم أعداء اتفاق الطائف وأعداء الديمقراطية في آن معا وهم ديكتاتوريون إلغائيون متسلطون وانقلابيون ضد الميثاق الوطني وهذا مضمون المواجهة ضدهم وينبغي عدم التردد في التسمية السياسية عندما تفرضها معطيات الموضوع.

ثالثا النسبية والحراك الشعبي

يعود إلى التحركات الشعبية الفضل في حضور النسبية بقوة ضمن مفردات الجدل السياسي الراهن وعلى طاولة الحوارالنيابي التي يديرها الرئيس نبيه بري ومن غير أي شك إن رفع شعار قانون الانتخاب النسبي في الساحات عجل في فتح الملف وموقف السيد نصرالله يعطي الأمر زخما نوعيا كبيرا ويفترض بالقوى التغييرية في البلاد ان تضم جهودها لملاقاة الأطراف السياسية الموجودة على طاولة الحوار والداعمة لقانون الانتخاب النسبي عبر تطوير حركة شعبية ضاغطة لانتزاع قانون انتخاب نسبي شامل ولقطع الطريق على القوى الرجعية والاستئثارية التي ترفض قانون الانتخاب النسبي ولمنع محاولات تفريغ النسبية من مضمونها عبر مساومات فوقية لحماية ما امكن من مصالح قوى الاستئثار الطائفي والسياسي ففي جعبة تلك القوى اوراق احتياطية للإبقاء على قاعدة تتيح احتفاظها بما تيسر من هيمنتها سواء من خلال ما يسمى بالنظام المختلط وعبر توزيع المقاعد النيابية المحتسبة طائفيا بين اكثري ونسبي في لعبة يراد منها الالتفاف على النتائج المتوقعة لاعتماد النظام النسبي في أي انتخابات قادمة وكما تبين في التجربة سيكون بمقدور تحرك شعبي قوي وواسع أن يشكل قوة ضاغطة ومحركة في الواقع السياسي لترجيح كفة النسبية الكاملة مع الدوائر الأوسع بالتناغم مع القوى الجدية في العمل لاعتمادها من طاولة الحوار وداخل المجلس النيابي ويقينا إن هذا هو الممر الإلزامي كما قال قائد المقاومة للتقدم في طريق التغيير سياسيا واجتماعيا وعلى القوى الحية المعنية ان تتلقف دعوة السيد نصرالله للتكامل مع حزب الله وجهوده كمقاومة حامية من العدوان الصهيوني والخطر التكفيري بخوض معركة التغيير الديمقراطي في الداخل ومحورها اعتماد قانون انتخاب نسبي الآن الآن وليس غدا !.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى