واشنطن وتل أبيب بدأتا البحث في التعاون الأمني: باراك ربيد
بدون إعلان للملأ، في ظلال الاهتمام وبشكل غير رسمي بدأت في الاسابيع الأخيرة إسرائيل والولايات المتحدة في مباحثات سياسية ـ امنية على اليوم التالي للاتفاق النووي مع إيران. هذا ما اشار اليه موظفون كبار إسرائيليون وأمريكيون. وعلى حد أقوالهم، فان هذه اتصالات أولية على مستويات العمل فقط، ستصبح في الاسابيع القريبة القادمة محادثات على المستوى السياسي الاعلى.
يوم الخميس قبل عشرة أيام وصل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى احتفال رفع نخب في وزارة الخارجية. وكانت هذه اولى زياراته إلى الوزارة التي يشغل فيها منصب الوزير ايضا، منذ تشكيل الحكومة الجديدة. وقبل الاحتفال عقد نتنياهو جلسة مع اعضاء ادارة وزارة الخارجية واجاب على اسئلتهم. وتوجه نائب مدير عام الوزارة، جيرمي يسسخروف، احد كبار الموظفين العاملين في مسألة النووي الإيراني إلى نتنياهو وعرض عليه سؤالا اشبه بالتوصية، في ضوء اقتراب الرئيس الأمريكي براك أوباما من تحقيق كتلة مانعة في مجلس الشيوخ، يحتاجها كي يمرر الاتفاق النووي. فسأل قائلا: «أولم يحن الوقت للشروع مع الأمريكيين في مداولات عن المقابل الذي ستتلقاه إسرائيل في اعقاب الاتفاق النووي؟»
في 2 نيسان، بعد الوصول إلى اتفاق مبدئي بين إيران والقوى العظمى في لوزان، اتصل الرئيس أوباما بنتنياهو وعرض عليه الشروع فورا في محادثات على تطوير قدرات الجيش الإسرائيلي في اليوم التالي للاتفاق النووي مع إيران. وكرر أوباما عرضه في حديث اجراه مع نتنياهو في 14 تموز/يوليو. في الحالتين رد نتنياهو العروض وفضل تركيز جهوده على احباط الاتفاق النووي في الكونغرس الأمريكي. نتنياهو، الذي أدار في الاشهر الأخيرة مع السفير في واشنطن رون ديرمر، كبار رجالات الحزب الجمهور واللوبي المؤيد لإسرائيلي ايباك حملة عنيفة ضد الاتفاق، قدم جوابا هدأ غير قليل من كبار رجالات وزارة الخارجية، فقال على حد قول ثلاثة ممن كانوا في الغرفة «نحن سنبدأ في هذه المحادثات فور ان يتبين بان الاتفاق النووي يمر في الكونغرس».
أما عمليا، فان المباحثات بين إسرائيل والولايات المتحدة على «اليوم التالي» للاتفاق النووي مع إيران فقد بدأت بشكل غير رسمي بعد أربعة أيام من ذات اللقاء لنتنياهو مع كبار رجالات وزارة الخارجية، لدى وصول نائب وزير المالية الأمريكي لشؤون الاستخبارات والإرهاب، آدم زوبين، المسؤول من الادارة عن العقوبات ضد النظام الإيراني، إلى إسرائيل. ومع أن واشنطن والقدس وصفتا المحادثات التي اجراها زوبين في إسرائيل كمباحثات جارية، يدعي موظفون إسرائيليون وأمريكيون كبار بانها تدحرجت بشكل طبيعي لتصبح محادثات على «اليوم التالي» للاتفاق النووي، والتعاون الامني، السياسي والاستخباري بين إسرائيل والولايات المتحدة ضد إيران. وقال موظف أمريكي كبير انه «في الاسابيع الأخيرة مع اتضاح ان الاتفاق النووي سيجتاز خطوة الرقابة في الكونغرس، لن يكون ممكنا عزل المحادثات التي اجريناها مع إسرائيل عن مسألة اليوم التالي. لا حاجة لان يصدر بيان كبير عن ذلك في أننا بدأنا الان المحادثات. فهذا ببساطة يحدث بشكل طبيعي».
في زيارة زوبين إلى إسرائيل عرض على نظرائه في وزارة الخارجية، في قيادة الأمن القومي في ديوان رئيس الوزراء وفي اسرة الاستخبارات الافكار الأمريكي عن عقوبات محتملة اضافية ضد إيران في مواضيع لا ترتبط بالبرنامج النووي مثل دعم منظمات الإرهاب. وأطلع زوبين نظرائه في إسرائيل على الاعمال الاولى التي تعتزم الولايات المتحدة اتخاذها ضد مسؤولين كبار في حماس وفي حزب الله ممن هم مسؤولون عن تحويل الاموال من إيران او على اتصال مع الإيرانيين لغرض اعداد العمليات ضد إسرائيل. وبالفعل، بعد بضعة أيام من ذلك نشرت بيانات حول فرض عقوبات أمريكية على نشيط حزب الله سمير قنطار، رئيس الذراع العسكري لحماس محمد ضيف ومجموعة أخرى من كبار المسؤولين في المنظمة.
واستمرت الاتصالات بين إسرائيل والولايات المتحدة على اليوم التالي للاتفاق مع إيران في الاسبوع الماضي ايضا. فقد وصل جيرمي يسسخروف بعد بضعة أيام من طرحه السؤال على نتنياهو لاجراء محادثات في واشنطن عني قسمها الاكبر في الموضوع الإيراني وبالتعاون الامني بين إسرائيل والولايات المتحدة.
وكان أحد اللقاءات التي عقدها يسسخروف مع مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الاستخبارية ـ الامنية، بونيت تل فار. واشار موظف أمريكي كبير إلى أن احد المواضيع المركزية في الحديث كان المساعدات الأمريكية لرفع مستوى قدرات الجيش الإسرائيلي والحفاظ على تفوقه النووي على الجيوش الاخرى في الشرق الاوسط. وقال الموظف الأمريكي الكبير: «انهما تحادثا على بضعة مواضيع في اطار مشاوراتنا العادية. تباحثا في التعاون الامني، في التزامنا لضمان وحفظ التفوق النوعي للجيش الإسرائيلي وبوسائل مواصلة توسيع الشراكة الاستراتيجية بين إسرائيل والولايات المتحدة».
ومن شأن هذه الاتصالات ان تتطور في الاسابيع القادمة لتنتقل إلى المستوى السياسي الأعلى. فهذا الشهر سيلتقي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على هامش الجمعية العمومية للامم المتحدة في نيويورك بوزير الخارجية الأمريكي جون كيري. وفي منتصف تشرين الاول سيصل وزير الدفاع موشيه يعلون إلى واشنطن إلى محادثات مع نظيره الأمريكي اشتون كارتر في موضوع رزمة المساعدات الامنية التي ستحصل عليها إسرائيل من الولايات المتحدة في أعقاب الاتفاق مع إيران.
وكل هذه اللقاءات ستشكل مجرد مقدمة واعداد للقاء الذي سيعقده في بداية الاسبوع الثاني من شهر تشرين الثاني رئيس الوزراء نتنياهو مع الرئيس الأمريكي أوباما. فنتنياهو سيصل إلى واشنطن في 8 تشرين الثاني لالقاء خطاب في المؤتمر السنوي لمنظمة الاتحادات اليهودية في شمال أمريكا. وقال الناطق بلسان البيت الابيض جورج آرنست يوم الجمعة انه في ذات الزيارة سيعقد في البيت الابيض لقاء بين نتنياهو وأوباما، بعد سنة من عدم لقائهما.
يوم الخميس الماضي، في مكالمة مؤتمر مع 500 حاخام أمريكي بمناسبة رأس السنة أعلن الرئيس أوباما بأنه معني بأن يلتقي نتنياهو قريبا وقال: «المشاورات بيننا وبين محافل الاستخبارات والامن الإسرائيلية بدأت منذ الآن. آمل أن اتمكن من أن ابحث بتوسع مع نتنياهو في هذه المواضيع».
هآرتس