أكاذيب اللجوء والهجرة غير الشرعية أحمد مصطفى
يدار كلام فارغ إعلاميا عن الهجرة غير الشرعية واللائجين واختلط المهاجرون من سوريا مع المهاجرين من كل من تركيا وألبانيا والأكراد فى بودابست، وخصوصا بعد الضغوط الألمانية ومن ورائها الضغوط الأمريكية حتى يتم توزيع المهاجرين واللاجئين على كل دول الإتحاد الأوروبى بنسبة وتناسب مع قدراتها، كما تدعى ألمانيا ويزيد العدد فى عشية أو ضحاها من إستقبال ما يقرب من 32 ألف لاجىء إلى 200 الف لاجىء ولكنى لا أعرف كيف؟ والضغوط والأزمات المالية فى أوروبا تتزايد وتتضخم بشكل غير عادى من عام لآخر منذ نشأة الإتحاد الأوروبى وإتحاد اليورو، والذى كان من المفترض أن يكون سوقا خلفية للمنتجات الأمريكية الغذائية والدوائية والبترولية – ولكن وكما ذكرت فى تقرير لى صدر عن منتدى الدوحة فى 2013 فشل التنميط الأمريكى لأوروبا نظرا للإختلافات التاريخية والثقافية والإقتصادية بين دول شرق ووسط وغرب اوروبا، فحتى الدمج لم يفلح وفشل وبدليل العجز الإقتصادى الذى يحيق بحوالى 13 دولة اوروبية تعانى من العجز حاليا كانت من أهمها اليونان التى هى من أولى الدول التى دخلت إتحاد اليورو هذا دون أساس اقتصادى قوى مقارنة بألمانيا مثلا .
وكانت الأمم المتحدة بنفسها معترفة بالقدرات السورية العالمية على إستيعاب مئات الآلاف من اللائجين وخصوصا بعد أزمتى العراق وفلسطين على مدار ثلاثة عقود سابقة، ولكن مع تدخلات الغرب متمثلا فى أمريكا والإتحاد الأوروبى ونظام آل سعود ونظام آل ثان وتركيا، بسبب حقل غاز طبيعى بالمتوسط الذى تنتج منه إسرائيل حاليا، هذا الحقل خاص بكل من سوريا ومصر، فى كل من سوريا وليبيا بزعم نشر الديموقراطية بعد تجربة فاشلة لهذا التحالف الأحمق فى العراق، سببا فى أزمة الهجرة غير الشرعية واللائجين الكارثية لأن سوريا تحولت كدولة كبيرة فى العالم العربى والشرق الأوسط زراعية صناعية مستوعبة للائجين والمهاجرين تحت قيادة نفس الرئيس الموجود والمنتخب حاليا بشار الأسد، إلى دولة مصدرة للائجين والمهاجرين غير الشرعيين بعدد وصل عدد اللائجين السوريين ما يقارب 10 ملايين لاجىء مختلفى الأعمار والمذاهب والديانات، لم تفرق هنا بين مذهب ومذهب كما ادعى تحالف الخيبة والندامة فى الأزمة وليس لبشار ولا نظامه دخل فى ذلك.
إلا أن هذه الأزمة كشفت كذب الإعلام فى العالم بما فيه الإعلام العربى نفسه لأننا نجد مسئولين من نفس هذه الدول المتسببة فى الأزمة يقدمون أكاذيب عن الأزمة وكل طرف يحاول يرمى بالمسئولية، إما على النظام السورى الذى يحارب مرتزقة 100 جنسية على أرضه فى 400 جبهة بطول الحدود السورية مترامية الأطراف من قبل الجيش العربى السورى وبالتعاون مع المقاومة العربية المتمثلة فى حزب الله اللبنانى، أو يرمى بالمسئولية على الغرب لمناصرة الأخير كما يدعى بحقوق الإنسان وانه فشل فى إيجاد حل للأزمة بالرغم من مؤسساته الكبيرة برلمان أوروبى ومجلس حقوق إنسان وغيرها، والغرب يرمى باللائمة على العرب والأنظمة الخليجية ويتهمهم بالفشل بالرغم من الثراء الفاحش الذى تعيش به بعض الدول، وأن هذه الدول يجب أن تنضج وتحل مشاكلها لأنها من مولت ما حدث فى سوريا وليبيا وعلى أساس أن المال الخليجى هو حل الأزمات العربية كما ذكر أحد المتخلفين الأوروبيين بمنتدى الدوحة 2013 أمامى.
الجانب المثير للسخرية فى هذا الصدد، كل المحللين كالعادة يغضوا الطرف عن أسباب أخرى ومنها العامل الإقتصادى الإجتماعى (مع وضد) هل سيتم استغلال اللائجين من تركيا والأكراد وسوريا والبانيا والبوسنة فى دول غرب أوروبا كألمانيا والنمسا وبريطانيا وفرنسا تحديدا لرخص ثمنهم كيد عاملة كما يقول البعض، ولو أخذنا بهذا المنطق فماذا عن إتفاقيات الاتحاد الأوروبى التى تولى مواطنى دول وسط وشرق أوروبا المنضمة حديثا الأولوية كون أوروبا للأوروبيين، وأيضا عن بعض إتفاقيات مع دول من أمريكا اللاتينية مثل الأرجنتين والبرازيل لتوريد عمالة بنفس المواصفات وليس لديهم فجوة ثقافية كبيرة مع الغرب، وأيضا لعدم اختلاف المذاهب الدينية كون معظم المهاجرين غير الشرعيين من دول إسلامية ولديهم ما يسمى فجوة ثقافية مع الغرب، وأيضا لماذا تمنع السلطات المجرية المهاجرين من دخول ألمانيا والنمسا أليس لضغوط ألمانية ونمساوية؟ وأيضا لماذا إعترضت عدة دول من وسط أوروبا على فكرة إستقبال لائجين بنسبة وتناسب مع حجم ميزانياتها وقدراتها المادية؟ تلك الدول المتحولة حديثا للغرب وتعانى إما من ركود اقتصادى أو تضخم شديد أو بطالة أو كلها مجتمعة تؤثر على فرصها فى نمو اقتصادى يوازى دول غرب أوروبا المنافسة لها فى الصناعة والتجارة والتى تتفوق عليها والتى تتمتع بفرص أفضل منها، وماذا عن الأحزاب النازية التى تقول أوروبا للاوروبيين والتى تهاجم دوما المهاجرين واللائجين والتى ترسخ دائما فكرة الإسلاموفوبيا لديها نظرا لما يقوم به المسلمين أنفسهم فى أنفسهم وأوطانهم وشعوبهم وخصوصا مع وجود جماعات إرهابية تقول على نفسها أنها إسلامية، بداية من الإخوان وتمتد لأخواتها وبناتها من وهابية وجهادية وتكفيرية الأمثلة كثيرة؟
وأيضا أثار بعض المثقفين العرب سؤال لماذا لم تقم نفس دول البترودولار المتسببة فى الأزمة والتى لديها المال الخليجى والذى مولت منه بترريلليونات هذه الحروب الطائفية وتخريب العالم العربى لدعم عروشها ومساعدة الأجندة الغربية والتى تحصد اثرها اليوم من قتل أعدادا من قواتها فى اليمن بتقديم يد العون لهؤلاء اللائجين كما كانت السبب فى تهجيرهم وفتح حدود بلادها لهم كونهم يحملون نفس الأصل العربى والدين؟ ولا هذا البترودولار مكانه الخراب والدمار، وليس الإعمار والبناء ولم الشمل للمحرومين والمشتتين وكأنه مال ملعون؟
وكان من أسوأ ما شاهدت من يومين حوارا للمفترض أنه مثقف عربى كويتى يدعى د/فهد الشليمى وهو كما يقول عن نفسه أنه رئيس المنتدى الخليجى للأمن والسلام وهو بهذه الصفة يمثل دول الخليج باستثناء “سلطنة عمان” – أن الكويت لا يمكنها أن تستضيف لائجين سوريين كونهم مرضى نفسيين – فلماذا خربتم سوريا إذا وتسببت لهم فى هذا الأذى النفسى الذى تقر به – ألستم مطالبين بعلاجهم النفسى – ألم تطالبوا فى القمة العربية الكويتية بإعطاء كرسى سوريا لعصابة الإئتلاف؟
واخيرا ليست المشكلة مشكلة للجوء وهجرة غير شرعية فقط بل ايضا للمندسين من الإرهابيين داخل صفوف هؤلاء وتنطبق القصة ذاتها على ليبيا التى لم يكن لديها أى مشكل قط مع وجود نظام القذافى والذى كان يضمن حماية الشواطىء والحدود الجنوبية لأوروبا من تسرب رحلات الهجرة غير الشرعية عبر البحر بشهادة اوروبا نفسها حيث أقرت إيطاليا أن داعش أصبحت على حدود أوروبا الجنوبية كون ليبيا تحولت لنموذج الدولة الفاشلة التى تدار من خلال أطراف تتصارع على السلطة لا نعرف إلى أى مدى ستهدأ الاوضاع لديهم وخصوصا مع التلويح بضرورة إدماج المتطرفين والإرهابيين فى الحكم، الأمر الذى أصبح كالقنبلة الموقوتة وله تأثيرات سلبية مباشرة على كل من إفريقيا وأوروبا والعالم العربى مجتمعين وأيضا بسبب خطأ الغرب وتواطؤ ودعم آل سعود وآل ثان لمصالح شخصية وثأر شخصى على حساب دول، وفى النهاية الشعوب دائما ما تتحمل أخطاء حكامها فى كل مكان.