بقلم غالب قنديل

أخطاء ومغالطات خطيرة

HH 620x349

غالب قنديل

ما نشر حول تفاصيل اقتحام وزارة البيئة يوم امس وتفاعلاته وحول ما جرى من نقاش داخل تحالف الحملات المشاركة بالتحرك الاحتجاجي يستدعي معاينة نقدية جريئة وبعيدا عن تكرار التحذيرات التي سبق أن تناولناها منذ البداية اتجاه وجود شبكة أيتام فيلتمان او زمرة عزمي بشارة أو مجموعة من منتدى 14 آذار وكذلك حول الحشد المريب لأدوات البروباغندا الإعلامية فهذا واضح للعيان وبات مكررا من مواقع سياسية وإعلامية عديدة ومع استمرار التفاعلات الشعبية والسياسية لا يبدو ذلك التنديد والتحذير كافيا لصياغة موقف صحيح.

أولا  طبيعة التحرك الشعبي العفوي الذي انبثق من ازمة سياسية واقتصادية عميقة انتجها نظام الخصخصة والتقاسم والتبعية الذي تقوده الحريرية منذ الطائف وهي تنبيء بتوالد مستمر لحوافز اندفاع شرائح متزايدة من الطبقات الوسطى والفقيرة تحت وطأة المعاناة ووجود الشكوك والشبهات حول بعض الجهات المحركة للاحتجاج عند أي فريق تغييري على مستوى الجماعات والأفراد هو الأدعى للانخراط في التحرك الشعبي بهدف محاصرة المواقع التي ينطوي نشاطها على شبهة تواطؤ سواء بهدف خدمة الأجندة الأميركية القطرية الخفية في لبنان او لتجيير الضغط الشعبي لصالح سعي المستقبل وشركاه إلى إسقاط ترشيح العماد ميشال عون تحت عنوان استعجال انتخاب رئيس وسطي .

من يدعو لمنع استغلال وجع اللبنانيين لتمرير اجندات اميركية مدعو إلى التحرك السياسي والشعبي حول الأزمات المتفجرة ببرنامج وشعارات وطنية ومن هنا دعوتنا إلى القوى الوطنية واليسارية للخروج من البطالة الفكرية والسياسية التي اورثتها حالة من البلادة والعجز عن المبادرة وميزتها بنفس انتظاري واتكالي أناخت بواسطته بكل أعباء المسألة الوطنية والقضية الاجتماعية معا على كاهل قيادة حزب الله.

ينبغي القول إن التظاهرة التي دعا إليها العماد ميشال عون وبشعار محدد ومركزي هو إجراء الانتخابات النيابية على أساس القانون النسبي كمدخل للتغيير ولحل المشاكل المتراكمة تمثل رافدا مهما لبلورة ظرف سياسي لصالح التغيير السياسي والاجتماعي .

ثانيا يتضح من متابعة التحركات ان حالة من التشوش المنهجي تحكم التخطيط الذي يفسره البعض بتعمد إحداث الفوضى بدلا من التركيز على الضغط لفرض تغييرات جدية لصالح الناس .

ارتكب المنظمون خطيئة كبيرة في التخطيط بتقديم استقالة وزير البيئة على مطلب إحداث الصندوق البلدي المستقل وتحويل الأموال إلى البلديات فورا وإلغاء الخصخصة والتقاسم في ملف النفايات فالناس يريدون بالأولوية الملحة حلا لمشكلة النفايات وانتزاع التدابير المؤدية لمثل هذا الحل الذي لا تحققه استقالة وزير البيئة حتى لو حصلت وبغض النظر عن الجدل في مدى مسؤولية الوزير محمد المشنوق .

لو كانت المطالبة تركزت على إلغاء الخصخصة والتقاسم وإحياء الصندوق البلدي هي عنوان أي اعتصام في الساحات وحتى لو كان الاعتصام في وزارة البيئة تحت هذا الشعار لكان ممكنا انتزاع خطوة عملية في ظل الارتباك والخوف اللذين خيما على الأداء الحكومي ولأمكن بالتالي تحقيق انتصار جديد يعقب إلغاء المناقصة ويمثل فرصة لمضاعفة ثقة الجمهور بقدرته على الإنجاز وهو ما يشكل حافزا لمواصلة التحرك بقوة وباستقطاب فئات اوسع إلى صفوفه بينما هدد انفراد مجموعة “طلعت ريحتكم ” بالخطوة وما احاط به من لغط بانفراط التكتل الذي استقطبه التحرك قبل أسبوعين وهذه هي السقطة الثانية للمجموعة التي يثبت قصورها عن إدارة الصراع عدا عما نقل من تصريحات لبعض أركانها تعكس غرورا مفرطا ناتجا عن مبالغات وعنجهية زائدة ورفضا لمنطق العمل الجبهوي الذي هو في لبنان اكثر من ضرورة لانتصار أي تحرك جماهيري مطلبيا كان ام سياسيا .

ثالثا أما في المستوى السياسي الذي تنعقد عنده جميع المشكلات الاقتصادية والاجتماعية فشعارات من نوع إسقاط النظام او بناء الشرعية الشعبية البديلة بفرضية ان النظام سقط وانتهى فهي تنطوي على مبالغات ولدتها نشوة خروج الناس بالآلاف إلى التظاهر بعد طول احتباس ويعلم أصحاب هذه الطروحات ان قوى فاعلة في السلطة ما زالت قادرة على إخراج جموع ضخمة قياسا إلى حشود الساحات الراهنة في ذروتها وما يزيد البعض عجزا عن التعامل مع الواقع هو النظرة العدمية إلى تمايزات سياسية واضحة في المشهد اللبناني على رغم من العذر الذي يلتمسه كثيرون لتصميم المنظمين على معاداة سائر الأطراف ومساواتهم بالقول إن ذلك يمنع تسلل الانقسام الطائفي إلى الحراك لكن التردد في التمييز بدقة وبالذات في الموقف من المقاومة ودورها يعني تغييب بعد خطير في مستقبل لبنان فلا معنى لأي دعوات تغييرية افتراضية دون الاستقلال الوطني والمناعة في وجه العدوانية الصهيونية والإرهاب التكفيري وهذا ما يمثله دور حزب الله في الواقع .

تعيين المركزي في اللحظة الراهنة هو الطريق لصياغة موقف صحيح ولا بد من التأكيد هنا أن الانتخابات النيابية هي المفتاح السياسي والدستوري لإعادة تكوين السلطة والنسبية هي السبيل الأفلح لتشكل وضع جديد في واقع المؤسسات الدستورية كما يمثل إنهاء الخصخصة والتقاسم في جميع المرافق العامة وإصلاح الإدارة العامة مدخلا لابد منه لرد الاعتبار للدولة ولمفهوم الخدمة العامة الذي دمرته الحريرية وشركاها بالتوجيه الأميركي بعد اتفاق الطائف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى