أنقرة تُجهض «تسوية الزبداني» مجدّداًشتاء في كفريا والفوعة = عواصف في مضايا إيلي حنا
لم يعد قبول دمج الزبداني بكفريا والفوعة وحدها ممكناً. هدنتان واتفاق واضح المعالم أفشلته «حركة أحرار الشام» بغمز تركي، بعد إدخال شروط إضافية على الاتفاق الشامل. اليوم قرّرت المقاومة والجيش السوري إدخال مضايا في «الصيغة» الجديدة، بعد تحييدها سابقاً مرة جديدة، فشلت تسوية الزبداني بعدما وصلت إلى خواتيمها باتفاق واضح بين الأطراف المفاوضة.
هدنتان واتفاقان (الأول ضبابي والثاني واضح المعالم) فشلا في وقف إطلاق النار والسير بالتسوية خلال أقل من 3 أسابيع.
تعمل «حركة أحرار الشام»، وخلفها راعيتها أنقرة، المستحيل لإتمام تسوية الزبداني ــ كفريا والفوعة حسب أجندتها. فبعد الموافقة على بنود الاتفاق الأخير يوم الخميس الماضي، وتحديد بنوده وآليته، أدخل المفاوض عن «أحرار الشام» شروطاً جديدة، كإطلاق سراح عدد كبير من السجناء من السجون السورية، وإدخال مناطق أخرى ضمن الاتفاق يراد تخفيف الضغط عنها.
في الزبداني، شعر المحاصرون بضغط كبير، فذهبوا نحو التفاوض المصحوب بهدنة تُزيل «أرقهم» المتراكم: 240 جريحاً، عدد كبير منهم بين الحياة والموت، و600 مسلح في مساحة ضيّقة.
بالتوازي مع الاتفاق على الهدنة، كانت «حركة أحرار الشام» تعمل على إحضار ورقتين إضافيتين إلى طاولة التفاوض: هجوم ضخم على باشكوي في ريف حلب الشمالي يهدف إلى حصر الجيش السوري داخل أسوار مدينة حلب، وليخسر آخر ما استردّه في معركة فك الحصار عن نبّل والزهراء.
زجّت «الحركة» وعدد من حلفائها عدداً كبيراً من المسلحين من دون أن تستطيع تغيير موازين القوى، مع العلم بأن التمدّد «الداعشي» السريع في محيط مدينة مارع كان جراء الاستعانة بعدد من المسلحين هناك بجبهة باشكوي.
كذلك، عملت «الحركة» ــ مع «جيش الفتح» ــ على تنظيم هجوم مضاد في سهل الغاب أدّى إلى تراجع الجيش السوري في معظم القرى التي سيطر عليها أخيراً.
لكن، أيضاً، صمود كفريا والفوعة أفَسَد معظم خطط الأتراك وحلفائهم في الميدان. الثبات الذي أظهرته لجان حماية البلدتين فاق توقعات القوّة المنتشية بنصرها في مدينة إدلب ومعظم أريافها.
إذاً أفشلت أنقرة التسوية مجدداً، وأمام الجيش السوري والمقاومة اللبنانية اليوم هدف إنهاء الزبداني بالميدان… وربط مضايا بكفريا والفوعة.
لماذا مضايا؟
اليوم تعدّ مضايا الرئة الأساسية للمسلحين بعد خسارة الزبداني. «المسلح هناك تعكّز على الهدنة في بلدته، وباشر في دعم مسلحي الزبداني» منذ بداية المعركة فيها أوائل شهر تموز، يروي مصدر ميداني. ثمّ عزل المهاجمون سهل مضايا عن الزبداني، وكُشفت أنفاق عدة ليُقطع الدعم، لكن حسب المصادر ذاتها، حاول مسلحو مضايا إطلاق القذائف نحو نقاط الجيش والمقاومة في الزبداني، «لتردّ المقاومة والجيش بقوّة» على هذه المحاولات.
مسلحو مضايا أيضاً اعتدوا مرات عديدة على «الدوريات» السورية في بلدتهم، والتي هي طبيعية بحكم بنود التسوية المتفق عليها سابقاً. «اتفاق مضايا أصبح بحكم الساقط»، يقول مصدر سوري متابع.
أضيفت البلدة إلى المفاوضات «كون الزبداني أصبحت خلفنا». الجيش والمقاومة باشرا عملياً تطويق مضايا، و«بدأ محور عمليات هناك». في مضايا اليوم المسلحون ينتمون بمعظمهم إلى «جبهة النصرة» ثمّ «أحرار الشام» ومجموعات بايعت «داعش»، لكن غالبيتهم من أبنائها ومن القرى المجاورة. والطريق المفتوح على وادي بردى لا يعدو كونه «خطوط تهريب قليلة، ويتمّ العمل على كشف أي أنفاق وإقفال خطوط التهريب».
مسلحو مضايا يشعرون باللهيب المُقبل، المختلف عمّا سبقه من ردود موضعية والاتكال على تسوية يقوى عودها ويلين حسب مزاج قادتهم. «مشكلتهم الإضافية هي عوائلهم الموجودة معهم»، يروي المصدر. وليل أمس، قصف الجيش السوري على نحو مركّز نقاط المسلحين في مضايا، بالتوازي مع القصف العنيف على كفريا والفوعة، تزامن مع هجوم جديد صدّته «اللجان»، مدمرة دبابة وقتلت طاقمها، وحاصرت إحدى المجموعات المتسللة من محور الصواغية جنوب شرق الفوعة، مانعة المسلحين من تحقيق أيّ تقدّم.
في المحصّلة سيعمل الجيش السوري والمقاومة على السير في المعادلة الجديدة، «مضايا مقابل كفريا والفوعة». هذه المعادلة بدأت في الميدان و«وصلت الرسالة إلى الطرف الآخر»، يقول مصدر مواكب للمفاوضات، لتكون المعادلة: «بتشتّي بكفريا والفوعا… عواصف بمضايا».
(الأخبار)