مقالات مختارة

يوجد بديل للقائد:تسفي برئيل

 

سعود محسن حسن، الذي قتل في الاسبوع الماضي بقصف سلاح الجو الأمريكي في العراق، لديه كثير من الالقاب ـ «أبو معتز»، «أبو مسلم التركماني» و»فضل الحيالي» ـ وكثير من الوظائف. في عهد صدام حسين يبدو أنه كان ضابطا رفيع المستوى في الاستخبارات، واثناء احتلال الأمريكيين كان في سجن «بوكا» وهناك التقى مع أبو بكر البغدادي، زعيم داعش، وبعد تحرره انضم إلى التنظيم.

وظيفته الاخيرة كانت نائب البغدادي، وقد كان مسؤولا عن نقل القوات والسلاح والذخيرة بين الجبهات المختلفة في العراق وسوريا. الاصابة المباشرة للسيارة التي سافر فيها حدثت بفضل المعلومات الاستخبارية الناجحة. بعد سلسلة طويلة من الهجمات العفوية التي أصابت في معظمها مواقع داعش وآبار النفط التي يسيطر عليها، يبدو أن الاستخبارات الغربية نجحت في اختراق صفوف التنظيم والوصول إلى معلومات مؤكدة ودقيقة. يبدو أن المبلغ الذي تقترحه الادارة في مقابل رؤوس زعماء التنظيم، 5 ملايين دولار، و10 ملايين دولار مقابل رأس البغدادي، يبدو أن هذا ساعد على الوصول إلى المعلومات.

المشكلة هي أن قتل قائد رفيع مثل التركماني لا يضعف التنظيم القائم على هرمية لينة، والتي في اطارها يوجد للقادة المحليين صلاحيات واسعة، وهم يديرون حروبهم احيانا بدون التنسيق مع القيادة التي تتكون، اضافة إلى البغدادي، من «مجلس شورى» يبلغ اعضاءه بين 7 ـ 10 اشخاص.

إضافة إلى ذلك ليس هناك احتكار للغرب لقتل قادة داعش. في الاسبوع الماضي قتل داعش أبو احمد المصري، وهو قائد كبير للتنظيم في الموصل، مع عشرة من نشطائه. سبب القتل الرئيس هو فشل المعركة في مواجهة مليشيا الباشمارغا الكردية. إلا أنه يمكن أن يكون السبب هو الصدامات التي تحدث بين رجال المصري ورجال التركماني على خلفية توزيع الاموال والسلاح.

في أيار الماضي تم الاعلان هنا عن خلافات عنيفة داخل التنظيم بسبب التعيينات للمناصب المختلفة، حيث انقسم المؤيدون على الخلفية الطائفية. فمن جهة كان رجال طرخان تيمور ازوبيتش، قائد من جورجيا يلقب بـ أبو عمر الشيشاني، وفي المقابل وقف نشطاء داعش من أصل عراقي. يصعب اليوم معرفة من هو أعلى مستوى ـ الشيشاني، الذي تم منحه قبل بضعة ايام المسؤولية عن الجبهة العراقية للاستعداد لهجوم محتمل على الموصل. أو أبو محمد العدناني، وهو من مواليد سوريا، ويعتبر المتحدث باسم التنظيم وهو مقرب من البغدادي. هاذان نموذجان فقط عن صعوبة تحديد موازين القوى الداخلية في التنظيم.

في أيار، بعد مداهمة قوة دلتا لمنزل أبو سياف، الذي يعتبر «وزير المالية» في داعش، حصلت الاستخبارات الأمريكية على معلومات كثيرة. فبالاضافة إلى البنية المالية للتنظيم، عرفوا عن طرق نقل الاموال واتخاذ القرارات عن توزيع المصادر، ويمكن استخلاص معلومات عن بنية التنظيم، وقد مرت ثلاثة أشهر على المداهمة. وحسب تقارير لوسائل الاعلام العربية، فقد أحدث البغدادي تغييرات بنيوية تهدف إلى توزيع السيطرة على طرق نقل الاموال وتشويش مصادرها. وانشأ شريحة قيادية اضافية، وشريحة اخرى لمراقبة القادة في الميدان اضافة إلى تقوية وحدات الأمن الداخلي التي عملها هو منع تسريب المعلومات. هذه الوحدات تنفذ احيانا الاعدامات العلنية بمن يتم اتهامه بتسريب المعلومات أو ينوي الهرب. هناك تقارير من الموصل تتحدث عن اعدامات يومية تقريبا لمقاتلين وقادة في الادارة الشرقية لداعش، ليس فقط من اجل ردع الآخرين بل ايضا بسبب الأداء الخاطيء أو الاهمال.

لا يمكن عدم أخذ الانطباع من حقيقة أنه رغم الصراعات الداخلية الصعبة، فان التنظيم ينجح في الحفاظ على وحدة صفوفه وادارة الهجمات العسكرية في جبهتين متباعدتين، وتوجد للتنظيم لوجستكا معقدة. الحصول على مصادر الدعم وادارة الشؤون المدنية في مناطق سيطرته. ومهم أن نضيف لهذه التحديات العامل الطائفي والانساني لمقاتليه الذين جاءوا من ثقافات مختلفة مثل الشيشان والاوزباكيين والروس والبريطانيين والفرنسيين والعرب. الامر الذي يتطلب الدمج والمترجمين في وحدات الترجمة.

صحيح أن التخويف الذي أثبت داعش أنه يتقنه، هو أداة ناجعة في قمع التمرد المدني، لكن التعامل مع داعش الذي لديه بنية تشبه الدولة التي نجح في اقامتها مثل تنظيم عادي، وأنه يكفي القضاء على أحد قادته الكبار (أو حتى زعيمه) من اجل تدميره، أمر خاطيء. فطالما أنه ليس هناك بديل سياسي في العراق وسوريا أو ليبيا يتضامن المواطنون معه، فسيستمر داعش في السيطرة دون الخشية من التمرد.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى