حراك لحل لغز التعطيل على قاعدة «اللا كاسر ولا مكسور» محمد بلوط
ما الذي يمنع لبنان من حجز موقع متقدم في اولويات الحراك الناشط في المنطقة بعد الاتفاق النووي الايراني؟
وهل هناك من موانع جدية او حقيقية لتحقيق هذا الهدف؟
يبدو حتى الان ان المشهد المتصل بالتحركات الديبلوماسية الجارية على صعيد رسم خارطة التسويات في المنطقة لا تعكس نفسها على الوضع اللبناني لاسباب تتعلق باللبنانيين انفسهم وخصوصا بمواقف وتوجهات بعض الاطراف السياسية.
ويقول مصدر ديبلوماسي مطلع في سياق الحديث عما يجري في المسرح الدولي والاقليمي ان ايران بعد اتفاق فيينا عكست وتعكس حضورها وجهوزيتها لمزيد من التفاهمات مع جيرانها والعالم العربي بوجه خاص. وقد تجلى ذلك في جولة وزير الخارجية محمد جواد ظريف والرسائل التي بعثها بواسطة وسائل الاعلام، ومن خلال ما ادلى به من تصريحات ومواقف تخاطب الجميع.
«اما المملكة العربية السعودية فهي لم تعط جوابا نهائيا حول انخراطها عمليا في الحلول التي ترسم، لكن يبدو انها في طور تحضير نفسها للمفاوضات الاقليمية الكبرى التي بدأت اولى خطواتها على غير صعيد، والتي يبرز فيها الدور الروسي في الدرجة الاولى».
ويضيف المصدر الدبلوماسي البارز «ان ما شهدته الدوحة مؤخرا من لقاءات على مستوى وزيري الخارجية الروسي والاميركي وبعض وزراء دول الخليج وفي مقدمهم وزير الخارجية السعودي، ثم زيارة ظريف الى موسكو، كل ذلك يندرج في اطار المداولات التمهيدية في هذه المفاوضات الكبرى».
ومما لا شك فيه، في رأي المصدر، «ان اهمية لقاءات كيري – لافروف المتتالية قبل وبعد اتفاق فيينا هي انها تعكس رغبة مشتركة بل تفاهمات شبه ناجزة حول المنطقة بعض النظر عن استمرار التباينات الاميركية – الروسية في مناطق اخرى وعلى سبيل المثال الازمة الاوكرانية. كما تعكس احترام واشنطن لمصالح موسكو في المنطقة من ضمن توزيع وتقاسم النفوذ، لا بل ان هناك مصلحة اميركية في الوقت الراهن بان يتقدم الدور الروسي في المبادرة والحراك لاسباب عديدة ابرزها:
1- تمتع روسيا بالصدقية لدى بعض الاطراف والدول في المنطقة لعلاقاتها التاريخية معها.
2- الدور والامكانيات التي تملكها لتقريب وجهات النظر على غرار المبادرة التي اطلقها الرئيس بوتين بتنظيم صفوف اعداء «داعش» والارهاب.
ويلفت المصدر الدبلوماسي الى «ان ما يجري اليوم في اليمن من اعادة لرسم خطوط واحجام القوى على الارض هو مؤشر للتمهيد لتحريك الحل السياسي الذي يجري العمل عليه لا سيما في سلطنة عمان».
وفي العودة الى السؤال، اين يقع لبنان في خضم هذا الحرام الناشط؟ يقول مرجع سياسي «ان امام لبنان فرصة للافادة مما يجري وان على السياسيين والاطراف، اذا ارادو فعلا ان يدخلوا التاريخ ويكتب لهم انقاذ لبنان واخراجه من ازمته، ان يبلوروا اولويات هذا الانقاذ واولها عودة عمل المؤسسات الدستورية والتنازل عن الشروط والشروط المضادة، لان هذا النهج هو التعبير الحقيقي للقرارات الشعبية وليس العكس، وهو مطلب اللبنانيين وليس العكس. غير صحيح ان من يتمسك اليوم بمطالبه بحجة حماية طائفته او فريقه يأخذ القرارات الشعبية الصائبة. هل بات التعطيل القرار الشعبي الصائب وتسيير امور الناس هو القرار غير الشعبي؟ ما هي هذه المعادلة اللبنانية الجديدة؟
ان كل يوم يمر في ظل التعطيل الحاصل يساهم في تضييع فرصة لبنان في الافادة من المناخ والحراك الخارجي القائم لا سيما ان موقف الدول المؤثرة والفاعلة لا يزال لمصلحة حماية استقرار لبنان وانتظام عمل مؤسساته الدستورية وفي مقدمها انتخاب رئيس الجمهورية ووقف شلل المجلس النيابي والحكومة.
ووفقا للمعلومات المتوافرة فان قرار عدم الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء هذا الاسبوع يندرج في اطار اعطاء مساحة من الوقت لمزيد من المساعي والاتصالات التي تحركت من جديد في الثماني والاربعين ساعة الماضية من اجل ايجاد المخارج الملائمة للازمة القائمة.
وتقول مصادر مطلعة ان هذه المساعي تركز على تجاوز عقدة التعيينات الامنية بعد قرارات التمديد، والانصراف الى التفاهمات السياسية حول القضايا الاساسية وهي كيفية الخروج من حالة الشلل والتعطيل التي تصيب الحكومة والمجلس.
وتضيف المصادر انه جرت في اليومين الماضيين اتصالات ولقاءات بعيداً عن الاضواء لحل لغز التعطيل على قاعدة لا غالب ولا مغلوب ولا كاسر ولا مكسور، غير ان هذه الحركة التي تأخذ اكثر من مسار ومحور لم تصل بعد الى بلورة صيغة التسوية، خصوصاً في ظل ازمة الثقة التي تفاقمت مؤخراً بين بعض الاطراف لا سيما بين تياري «الوطني الحر» و«المستقبل».
وتسأل المصادر انه اذا كان الحوار بين حزب الله والمستقبل رغم عمق الخلافات بينهما قائماً ومستمراً، واذا كان حليف كل منهما اي التيار العوني و«القوات اللبنانية» ملتزمين بهدنة التفاهم الاخير الذي جرى بينهما، فلماذا لا يتحقق الحوار الذي انقطع بين «الوطني الحرّ» و«المستقبل»؟
وفي انتظار ما سيقوله الرئيس بري صاحب المبادرات وصانع الحلول في ذكرى تغييب الامام موسى الصدر يبدو ان الايام المقبلة ستحمل المزيد من التطورات المتعلقة بالمساعي الجارية لاخراج الازمة من عنق الزجاجة.
(الديار)