تهديدات لا تؤخذ على محمل الجدّ حميدي العبدالله
رداً على تدهور صحة الأسير الفلسطيني محمد علان المُضرب عن الطعان منذ فترة طويلة، نسب إلى «سرايا القدس» تهديدات مفادها أنه إذا توفي الأسير علان فإنّ «سرايا القدس» سوف تردّ ولن تلتزم بالتهدئة.
بكلّ تأكيد هذه التهديدات لا تؤخذ على محمل الجدّ، لا من قبل العدو الصهيوني، ولا من قبل من يراهن على المقاومة الفلسطينية، ذلك أنّ من لم يتمرّد على التهدئة رغم كلّ الجرائم التي يرتكبها العدو الصهيوني يومياً بحق أبناء الضفة الغربية، إضافةً إلى استمرار الحصار المحكم على قطاع غزة، لا يمكنه أبداً أن يخرق التهدئة إذا توفي الأسير علان، فقبل ذلك أحرقت قطعان المستوطنين الرضيع الدوابشة وتوفي والده ولم تحرك لا «سرايا القدس» ولا غيرها من الفصائل الأخرى ساكناً، وظلت ملتزمة بالتهدئة، ولن يتغيّر الوضع إذا ما حصل مكروه للأسير علان.
للأسف نهج التهدئة في غزة، مهما كانت دواعيه ومبرّراته، ووقف المقاومة عبر القطاع الذي يشكل قاعدة المقاومة المحرّرة، يرسي سابقة سوف تدفع شعوب دول الطوق، أيّ الدول المحيطة بفلسطين إلى تصديق كلّ إدعاء حكوماتها التي كانت تعمل على محاصرة المقاومة وتمنعها من العمل عبر أراضيها لمواجهة الاحتلال، فإذا كانت مبرّرات التهدئة هي الحفاظ على مصالح الناس وعدم إعطاء المبرّرات للعدو الصهيوني لشن اعتداءاته، فهذا يعني أنّ حكومات لبنان والأردن ومصر سورية كانت على حق عندما كانت تعارض استخدام أراضيها لشنّ هجمات ضدّ الكيان الصهيوني، وكان لديها ما يبرّر مواقفها أكثر مما لدى فصائل المقاومة في غزة، فقطاع غزة محاصر، والبنية التحتية مدمّرة بفعل الاحتلال والحصار، في حين أنّ وضع الدول العربية المجاورة لفلسطين أفضل منه في غزة، وبالتالي لدى هذه الحكومات ما تخاف عليه أكثر مما لدى سكان قطاع غزة الذي تستند إليه فصائل المقاومة لتبرير الالتزام بالتهدئة ومعارضة خرقها تحت أيّ ظرف أو مبرّر كان، حتى لو كان المبرّر استمرار ممارسات الاحتلال الشائنة بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية، واستمرار الحصار الظالم على قطاع غزة.
فصائل المقاومة في غزة عبر التزامها بالتهدئة ترسي أنموذجاً يبرّر للحكومات عدم تقديم الدعم الفعّال للمقاومة الفلسطينية، بل تعطي الحق لكلّ الجماعات التي كانت تعارض نشاط المقاومة الفلسطينية عبر حدود الدول المجاورة لفلسطين، وبالتالي يجعل الحكومات المجاورة لفلسطين في موقع قوي لمنع أي نشاط مقاوم عبر حدودها، بل أكثر من ذلك هذا السلوك يجعل القوى التي ناهضت نشاط المقاومة عبر الحدود على حق، استناداً إلى أنموذج غزة، وكلّ من دعم المقاومة على خطأ، وبديهي أنّ كلّ ذلك لا يصبّ في مصلحة القضية الفلسطينية.
(البناء)