أوهام سعودية ستسقط
غالب قنديل
تصريحات عادل الجبير وزير خارجية النظام السعودي في موسكو تكشفت عن تعنت غير مفاجيء لكنه جاء معاكسا كليا لما تبلغته روسيا وما سمعه الجانب السوري من ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مباشرة في لقاء جدة والأكيد ان الجبير وثيق الارتباط برؤسائه من آل سعود وبالإدارة الأميركية التي رشحته لمنصبه خلفا لسعود الفيصل لم يتحدث باجتهاد شخصي بل بتكليف من رؤسائه في واشنطن والرياض.
أولا وافقت القيادة السورية على لقاء جدة لحساب علاقتها مع روسيا وليس في حساب رهان مستعجل على مصالحة آل سعود وهي لذلك لم تشترط خطوات عملية سعودية تسبق اللقاء ضمن لائحة الالتزامات التي تحدد القيادة السورية على ضوئها الموقف وطبيعة العلاقة مع دول العدوان الراغبة في تحسين العلاقات من خلال مواجهتها بلائحة الالتزامات التي تطرحها سوريا يتقدمها إعلان موقف سياسي واضح ثم التيقن من اعتزامها تفكيك منصات العدوان وإغلاق خطوط التسليح والتمويل والتجنيد وهذه شروط سبق ان أبلغت لجميع الدول القريبة والبعيدة التي اتصلت مباشرة او بالواسطة مع دمشق طالبة التعاون واستعادة العلاقات.
الليونة السورية في اعطاء فرصة لاختبار القابلية السعودية للتراجع كانت في رصيد العلاقة مع الحليف الروسي الذي قدم ضمانته وليس في حساب العلاقة مع حكومة تصدرت حلف العدوان ويكشف التصرف السعودي أن آل سعود كانوا يتوقعون هرولة سورية واستعدادا لتلبية طلباتهم والتجاوب معها أيا كانت طبيعتها بينما الذي حصل هو العكس فالدولة الوطنية السورية ثابتة على خياراتها المبدئية وتحالفاتها الاستراتيجية وهي تعتبر بكل وضوح ان المملكة السعودية هي المدعوة للتراجع لأنها في موقع المعتدي والمخطيء وهي المضطرة لذلك تحت وطأة التوازنات والتحولات وليست سوريا.
ثانيا في التشخيص الدولي والإقليمي تبدو المملكة السعودية عالقة في مأزق يتشكل في مجموعة من الورطات بدءا من تحدي التكيف مع انتهاء وظيفتها التي تولتها لستة وثلاثين عاما لدى الولايات المتحدة والغرب في مجابهة إيران ومحور المقاومة ومع تداعيات الاتفاق النووي الإيراني وأخطرها بدء ارتداد الإرهاب التكفيري الذي ترعاه وتصدره إلى المنطقة والعالم نحو الداخل بفعل ما تعيشه المؤسسة الدينية الوهابية في المملكة من تعاظم نفوذ مناصري داعش والقاعدة كما تبين التقارير والدراسات الأميركية واستطلاعات الرأي التي نشرت مؤخرا وبالتالي ما تحظى به منظمتا القاعدة وداعش من وجود وجذور داخل شبه الجزيرة العربية بدأ يتجسد بكثافة الهجمات المتلاحقة.
الورطة الناجمة عن ارتداد الإرهاب السعودي المنشأ لا تقل خطوة واهمية في انعكاساتها عن مستنقع اليمن الذي يتوهم آل سعود انهم استطاعوا تعديل التوازنات فيه بعد اندفاعة العدوان الأميركي السعودي الإماراتي في اليمن الجنوبي ومن الواضح ان ذلك وهم أيضا فتداعيات الصراع متواصلة وما يجري على حدود اليمن وشبه الجزيرة قابل للتوسع والتطور والرد الاستراتيجي للجيش اليمني وقوات انصار الله ما يزال في الطريق تحشد له التعبئة الشعبية والاستعدادات الميدانية وعلى المملكة إضافة لمسار العمليات الميدانية التي برز فيها تحول جديد على الأرض بتدمير الدبابات الإماراتية وبصد العديد من الهجمات ان تتوقع اياما صعبة مع العمليات العابرة للحدود والصواريخ بعيدة المدى التي ظهرمنها القليل حتى اليوم .
ثالثا رد الخارجية السورية الفوري على تصريحات الجبير يسقط وهم آل سعود برمته ويقول للحليف الروسي الذي لم يقصر في الرد القوي بلسان لافروف ان فترة السماح السورية الاختبارية انتهت وعاد التعامل مع المواقف السعودية إلى ما هو عليه المنطق السوري الوطني في التعاطي مع المملكة السعودية وسواها من دول حلف العدوان الراعية للإرهاب بقيادة الولايات المتحدة ففي حساب سوريا إن دولا كالسعودية وتركيا وقطر والأردن رمت بثقلها لتدمير سوريا هي التي تحتاج إلى مرحلة تأهيل دولية إقليمية لتقبل القيادة السورية بالتعامل معها من جديد .
الوهم السعودي الذي أظهرته كلمات الجبير الحاقدة من موسكو هو الرهان على تعديل التوازنات عبر جولة تصعيد تدفع إليها عصابات التكفير الإرهابية الوهابية في الميدان وهذه النقطة بلغ فيها الجبير حد التهديد الإجرامي بطيش وتهور لم يتجاسر عليهما أسياد النظام السعودي ومشغلوه الأميركيون وشركاؤه الصهاينة والعثمانيون في استهداف سوريا ويبقى أكبر الأوهام السعودية هو تخيل القدرة على غش روسيا وتوريطها واستغلالها أو لي ذراعها وهذا ما سوف تسقطه التجربة العملية بكل تأكيد.
الأوهام السعودية ستسقط وتسحق في الميدان الذي قال الرئيس بشار الأسد في خطابه الأخير انه الفيصل والحاسم في رسم التوازنات والمعادلات وعليه يتركز الجهد الوطني السوري ويجب ان تتركز جهود الحلفاء والشركاء .