همّ جنبلاط استقرار الجبل والتواصل مع «الحاج وفيق»: رضوان الذيب
ما كادت صورة رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيزتعمم على وسائل الاعلام «مفعمة» بالود و«الحفاوة» بالضيف اللبناني، حتى اصاب العديد من السياسيين «ضيق نفس» و«كريزا عصبية» استدعت تدخلات طبية، وما رفع من منسوب «ضغط الدم» الصورة الثانية التي جمعت جعجع باركان القيادة السعودية من ولي ولي العهد وبجانبه وزير الخارجية ومدير المخابرات وامراء، وهناك من بادر من اصدقاء جعجع الى ارسال بطاقات التهنئة مصحوبة «نيالك شو عبالك» بعد ان ظهر جعجع كمفتاح للسياسة السعودية وربما «صانع الرؤساء» في لبنان.
من الطبيعي وحسب مصادر مواكبة ان يكون ابرز الممتعضين رئىس اللقاء الديموقراطي وليد جنبلاط ليس بسبب الاستقبال فقط، بل بسبب عدم حصوله على الرعاية ذاتها التي حظي بها «الحكيم»، ولذلك فان جنبلاط لا يملك تفسيراً «للنقزة السعودية» تجاهه، وحتى الرئيس سعد الحريري لا يملك «جواباً» على ذلك وعن سر عدم استقبال الملك السعودي «لـ«زعيم المختارة» رغم طلب الموعد لاكثر من مرة، مع نجله تيمور ليقوم بتعريفه على الملك السعودي، حتى ان الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز توفي ولم يقابل جنبلاط والعلاقة لم تكن على ما يرام.
وفي المعلومات ان السفير الاميركي السابق في لبنان جيفري فيلتمان تدخل مع المسؤولين السعوديين لترتيب زيارة «ملكية» لجنبلاط ولم يأت الجواب بعد، ولذلك اقتصرت زيارات «البك» على التعزية بالملك عبدالله اولا وسعود الفيصل ثانياً ولقاء الحريري ومسؤولين سعوديين فقط.
القطبة المخفية في الامر، وحسب المصادر المتابعة، ان السعودية تريد جنبلاط بكامل اناقته وقوته وجبروته الى جانبها وحاسماً وجذرياً بمعادلة «يا ابيض يا اسود، لكن مش رمادي»، لكن هذا الخيار يحاذر زعيم التقدمي الولوج اليه في عز الصراع الكبير بين ايران والسعودية خوفاً من ان ينعكس ذلك على الدروز ويضيعوا في «لعبة الامم» ولذلك لن يقطع جنبلاط كلياً مع طهران وسيحفظ خط الرجعة و«شعرة معاوية» مهما بلغت تصريحاته عن «طهران الفارسية» لانه يعرف مدى النفوذ الايراني في لبنان وسوريا وهو اقوى كثيراً من الدور السعودي. كذلك لن يقطع كلياً مع حزب الله لان اي توتر في العلاقة من باب الانحياز لايران سينعكس على الارض وتحديداً في الشويفات ولذلك سيبقى على تواصله اليومي مع الحاج وفيق صفا لتوضيح اي التباس قد يطرأ جراء تصريح من هنا وهناك. وفي المقابل فان حزب الله ايضاً حريص على ان لا تذهب العلاقة مع جنبلاط الى «القطيعة».
وحسب المصادر، فان جنبلاط اخذ هذا المنحى السياسي، بعد تجارب عديدة رغم عمل بعض المحيطين وتشجيعه على الخيار السعودي الخالص وبان الاتفاق النووي لن يكون له انعكاس على المنطقة، والسعودية بعد «عاصفة الحزم» ادخلت التوازن والمنطقة تعيش فورة سنية، ونحن في بحر سني كبير والنصر في النهاية سيكون للسنة وليس للشيعة، لكن جنبلاط مازال «متمسكاً» بتوازناته و«اعتداله» والحرص على العلاقة مع الشيعة وتحديداً مع بري وحزب الله وكل المكونات، ولن يعود لممارسة لعب دور «المتراس» الاول في الدفاع عن سياسات الاخرين كما حصل عام 2005- 2006 ، ولن يكون حجر الزاوية في مواجهة ايران وحلفائها وادت الى احداث ايار عام 2008، ودفع ثمنها الجميع ولم يتحرك الخارج مطلقاً، او اي قوة محلية وخارجية رداً على ما حصل وسيطرة حزب الله على بيروت، لا بل ان العرب تدخلوا للحل وانجاز اتفاق الدوحة.
وتضيف المصادر ان السعودية تعرف جيداً الموقف الجنبلاطي والتردد الذي يعيشه وعدم حسمه للامور، ولذلك جعلت «جعجع» في مقدمة صفوف حلفائها في لبنان، والاخير لن يخرج عن السياسة السعودية في المنطقة ولبنان واذا استدعت الحاجة لموقف من جعجع، سيكون على مستوى الامال السعودية عندما يحين الوقت، مجلسياً او رئاسياً او اي شيء آخر.
وحسب المصادر، ان ما يستطيع جعجع فعله للرياض ليس بمقدور جنبلاط القيام به حالياً لان تجربة الرياض، معه «مريرة» منذ العام 2008، حيث تعتبر السعودية ان «ابو تيمور» غطى السياسة الايرانية وساهم بنجاحها في لبنان عبر تطيير حكومة الرئيس سعد الحريري عام 2008، والمجيء بميقاتي عبر «انقلاب ايراني» نفذه جنبلاط بالتصويت داخل الحكومة ضد القرار السعودي وهذا ما ادى الى صفعة قوية للرياض ما زالت تدفع نتائجها حتى الآن، واصدر الملك «حرماً» على جنبلاط يبدو انه ما زال قائماً حتى الآن.
ويبدو ان تصريحات جنبلاط العنيفة اخيراً ضد ايران «الفارسية»، والرئيسين الاسد وبوتين القيصري، لم تصل الى مسامع السعوديين، بل وصلت الى «مسامع الروس» الذين قابلوها بردة فعل عنيفة استدعت زيارات للسفير الروسي الى معاقل خصوم جنبلاط في السياسة في عاليه وكفرمتى وتوجت بزيارة الى الوزير وئام وهاب في الجاهلية، كما ترجمت بدعم ايراني للقوى نفسها، والخشية من ان يكون جنبلاط خسر ايران وروسيا ولم يربح السعودية، كون حسابات الحقل الجنبلاطي لم تتطابق مع حسابات «البيدر السعودي». لكن لا بد من الاشارة اخيراً وحسب المصادر وبغض النظر عن الانزعاج السعودي فان مواقف جنبلاط لجهة وحدة الدروز ودورهم تحظى بدعم من ارسلان ووهاب وكل القيادات الدرزية السياسية والدينية في ظل موقف جامع ومشترك بتجنيب الدروز مخاطر «لعبة الامم» وتمرير هذه المرحلة باقل قدر من الخسائر، وهذا الموقف يحصن جنبلاط درزياً، وهذا هو همه الاول والاخير، وكذلك يحصن الاطراف الاخرى وتحديداً ارسلان ووهاب في ظل اجماع ديني شامل على وحدة الصف وعدم الخلاف مهما كان حجم التباينات السياسية حول لبنان ودروز سوريا والاتفاق النووي وضرورة الحياد والانتظار لمعرفة اتجاه الريح.
(الديار)