مقالات مختارة

لم يفهموا مع من يتعاملون: موشيه آرنس

 

يعلل رئيس الولايات المتحدة براك اوباما بطريقة ملفتة المنطق الذي يستند اليه الاتفاق النووي الذي تم توقيعه بين ممثلي القوى العظمى وإيران. وحسب زعمه «الادعاءات ضد الاتفاق مع إيران تناقض المنطق». وهدف المفاوضات حسب رأيه كان تحقيق اتفاق يمنع إيران من الوصول إلى القنبلة النووية. والطريق المحتمة لتحقيق هذا الهدف كانت تفكيك البنية التي انشأها الإيرانيون لتطوير القنبلة. لكن حسب زعم اوباما لم يكن بالامكان التوصل إلى موافقتهم على ذلك. أما الهجوم العسكري لتحطيم هذه البنية كان سيؤدي إلى حرب أراد منعها. بكلمات اخرى، أي اتفاق سيكون مقبولا على الإيرانيين بغض النظر إلى أي مدى هو سيء، هو الاتفاق الافضل حسب التعريف، لذلك فهو اتفاق جيد.

حقيقة أن اوباما تراجع عن موقفه السابق الذي كان يقول «كل الخيارات موضوعة على الطاولة»، ألغت عمليا التهديد بالهجوم العسكري، وكان هذا واضحا للجميع، ولا سيما للإيرانيين، حتى قبل بدء المفاوضات. ومثلما قال اوباما نفسه «الحرب ليست الخيار». إذا ما هي الخيارات التي بقيت على الطاولة مع تقدم المفاوضات؟ الجواب: لا توجد خيارات.

المواعيد التي وضعت لتحقيق الاتفاق أوضحت أن تمديد المفاوضات بالتوازي مع استمرار العقوبات ـ ليس خيارا موضوعا على الطاولة. وترك المفاوضات وزيادة العقوبات، في حين أن الاقتصاد الإيراني في ازمة، ليست خيارا ايضا. يتضح أنه لم يبق أي خيار على الطاولة سوى الموافقة على الشروط الإيرانية، والتي فهمتها إيران بسرعة.

مثال على تغيير المواقف الذي يحدث اثناء المفاوضات هو موضوع الرقابة. فالرقابة الناجعة ستكشف كل تجاوز للاتفاق بشكل فوري ـ الامر الذي كان سيجمد البنية النووية الإيرانية فترة من الزمن. لهذا طلب من الإيرانيين السماح بالرقابة في كل لحظة وفي كل مكان، لكن نائب وزير الخارجية الأمريكي فاندي شيرمان اعترف أن هذا الطلب كان مجرد زينة كلامية، وأنهم اضطروا إلى الموافقة على مهلة 24 يوما قبل تنفيذ أي فحص.

قد لا ينجح الإيرانيون في انتاج القنبلة النووية لفترة محددة، وعندما ينجحون ـ قد لا يستخدمونها. لكن التأثيرات السلبية للاتفاق على الشرق الاوسط ستكون فورية. فحينها سيكون عند إيران مصادر كثيرة تستغلها من اجل تقوية التنظيمات الإرهابية التي تهدف إلى الاضرار بحلفاء الولايات المتحدة وزيادة تأثيرها السلبي في المنطقة.

ردا على ادعاء يتعلق بزيادة تأثير إيران، قال اوباما إن إيران ستكون ويجب أن تكون قوة اقليمية. ومن شأن الولايات المتحدة أن تندم لأنها من خلال الاتفاق ساعدت إيران على أن تصبح كذلك. وفيما يتعلق بزيادة القوة الإيرانية في المنطقة يقول اوباما إنه «ليس من واجبي كرئيس أن أحل كل مشاكل الشرق الاوسط». الاتفاق سيزيد مشكلات الشرق الاوسط، والدول الأوائل التي ستتأثر من ذلك هي اسرائيل والسعودية. ولا غرابة أن الاسد وحزب الله وحماس يخرجون عن طورهم من شدة الحماسة.

الخلل الاساسي في المفاوضات كان رفض أو عدم قدرة ممثلي الدول العظمى على فهم مع من يتعاملون، في حين أن ممثلي إيران في المفاوضات حصلوا على الأوامر من آية الله خامنئي، الذي لا يخفي نواياه وهي القضاء على اسرائيل والموت لأمريكا. يصعب الامتناع عن مقارنة هذه المفاوضات مع مفاوضات ميونيخ في 1938، حيث كان نويل تشمبرلين وادوارد دلاديا مصممان على موقفهما بمنع الحرب واحلال السلام. إنهما لم يفهما ببساطة مع من كانا يتعاملان.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى