بقلم غالب قنديل

نفايات الحريرية وشركائها

0b7b14ea 76d5 4ff6 aa22 8472ed025e48

غالب قنديل

سقطت النيوليبرالية في عقر دارها الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى تحت وطأة الأزمات الكبرى التي تجتاح الغرب الصناعي منذ انهيار البورصات العالمية وباتت الدول والحكومات مجبرة على اتخاذ تدابير أقرب إلى التأميم لكن الخصخصة اللبنانية التي انطلقت بتوصيات أميركية بعد حرب السنتين وتكرست بفضل نظام الحريرية الذي فرض بعد الطائف ومع تطبيقه الأشوه الذي خلخل الوحدة الوطنية باقية ولديها من يبررونها تسبيحا بهبات اصحاب الغنائم ممن يأكلون الأخضر واليابس كالجراد الذي لاينشر حوله غير الجوع والموت .

هكذا فالصيغة الاقتصادية الحريرية باقية صامدة لها حراسها ومريدوها والمنتفعون بخيراتها الوفيرة ولذلك هي اليوم باقية .. باقية كالقدر المحتوم وهي جاثمة خالدة يحرسها طاقم من السياسيين وأعوانهم من إعلاميين ورجال دين ووسائل إعلام ونقابات وجمعيات إغاثة ورجال مال وأعمال وعملاء استخبارات اجنبية وما تفرخه الدول الغربية من وكالات للتنمية وما تفرخه الحكومات الخليجية من جمعيات إغاثة ولجان لنشر التكفير والتطرف باسم الدين ولا ننسى من بين هذا الجمع الهمايوني اولئك المرتزقة العاملين تحت يافطات المجتمع المدني البديعة وسماسرة الصفقات الدجالين الناهشين في جثمان الدولة الذين تقاسموا ويسعون في تقاسم كل شيء في البلد حتى تجارة القبور والأكفان.

يغرقون البلاد بنفايات متراكمة ليبرروا هرب الحريرية من الوصفة الديمقراطية الوحيدة لتحديث الدولة وحل ما يدعى بالأزمة السياسية ولإنهاء الشغور الرئاسي:

قانون انتخاب جديد ثم انتخابات نيابية ثم انتخاب رئيس للجمهورية…. الوصفة طرحها العماد ميشال عون في سياق سجال واستعصاء حول آلية عمل مجلس الوزراء في ظل الشغور وهو وضع اصبعه على الجرح العميق منذ ان اقتنص الحريريون وشريكهم جنبلاط ومعهم جعجع من خصومهم حبل الخلاص بتمديد ولاية مجلس النواب مجانا وبلا أي مقابل سياسي ولو على سبيل الترضية.

جرى تهريب الانتخابات لتأبيد الخائفين من تحولات الجمهور وتزعزع الولاءات المنذر بانقلابات غير سارة وهي انقلابات أسر الحريريون بها وبفزعهم من حصيلتها وحاولوا تفزيع اللبنانيين من قيام كتلة سلفية ليحشروا الناس كالعادة في خيارات تخدمهم وتستر عجزهم وكما طرحوا السؤال الأبله : التمديد للمجلس أم الفراغ يطرحون اليوم على الرأي العام الغافل والدوخان سؤالهم الخبيث: التمديد لسوكلين ام العفن والطاعون وملف سوكلين والأصح ملف النفايات مطروح وقابل للمعالجة الجذرية من زمن حكومتي السنيورة وميقاتي وكان ممكنا منذ تشكيل الحكومة الحالية وباسم المصلحة الوطنية .

طبعا ليس اسمه ملف سوكلين فثمة من يريد لكل شيء في حياتنا أن يتسمى باسم شركة ألسنا في عصر غوغل مثلا ؟ لكن النفايات مولودة مع البشرية منذ عهد آدم وحواء وقبل ولادة الشركة صاحبة الحظ والحظوة لكنه ملف كان في طليعة ما قامت به الحريرية بعد تلزيم مالية الدولة لبنوكها بسندات الفوائد الربوية المركبة وكان من محاور الخصخصة ومن مآثر نهج متعمد لتدمير الخدمة العامة البلدية والدولتية وتلزيمها لشركات تنهب كالمنشار عرق الناس ودمهم ويكدس معها النافذون والوسطاء مليارات الدولارات المتراكمة مثل فوائد سندات الخزينة الربوية وأرباح المصارف الفائضة على أي معقول في بلد يخسر اقتصاده ويبور انتاجه ويهاجر خيرة شبابه !

أزمة النفايات مفتعلة وضد وصفة الانتخابات النيابية ولترويض الواقع اللبناني وللمزيد من تدجين الناس وتحضيرهم لقبول اسوأ السيناريوهات التي يستقوي الحريريون وشركاهم بالخارج لمحاولة تمريرها بهدف منع المس بالخصخصة وبالتقاسم اللذين ارستهما الحريرية في نظام الطائف الذي يلفظ أنفاسه وقدرته على الحياة وهذه اللعبة الخبيثة التي يستبيح أربابها كل شيء لا تقطعها إلا هبة وطنية شاملة تبدو بعيدة المنال حتى اليوم وحدها يمكن أن تفرض التغيير بمسار واضح أوله قانون انتخاب جديد يسعون لمنعه بقوة العصبيات الطائفية وبجبال النفايات المتعفنة وبكل ما يقعد المواطن الطبيعي عن المبادرة.

بالنيابة عن جميع اللبنانيين ومن اجلهم يقاتل شباب أشداء وحش التكفير على الأرض اللبنانية والسورية بينما المقاومون وجيشنا الوطني يسهرون على الثغور ضد العدو الصهيوني والتكفيري… وفي الداخل رغم كل ذلك مهزلة سوداء ومقززة تبحث عمن لديه جسارة اسدال الستارة على فصولها المتقيحة وعفنها القاتل مثل مكبات العاصمة التي تتورم دوريا مع كل مراجعة في أرقام المبالغ المقدر والمقدس انفاقها باسم الشعب اللبناني وعلى حسابه ولحسابات أخرى منها المعلوم ومنها المجهول.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى