مقالات مختارة

ستّون مقاتلاً: بهؤلاء تتشكّل القوات المحلية؟ عامر نعيم الياس

 

أهو تبادلٌ للأدوار؟ هل يصرّح الرئيس الأميركي حول القوات المحلية و«المعارضة المعتدلة» في سورية ومستقبل البلاد من دون الرئيس الأسد، وفي حوزته ستّون مقاتلاً؟ هل «القوات المعتدلة» التي تعتمد عليها واشنطن هي القوات التي تدرّبها اليوم في تركيا والأردن بإشراف مباشر من البنتاغون؟ أم أنّ القوات المعتدلة في سورية تشمل كلّ من دُرِّب سابقاً وبقايا حركة «حزم» و«جبهة ثوار سورية» و«الجيش الحر» وفلولهم؟ ماذا عن الأكراد، هل يشملهم برنامج تدريب «المعتدلين» أم أنهم «معتدلون» من دون برنامج، ودورهم مختلف عن «معتدلي» واشنطن في باقي المناطق السورية؟

جملةٌ من التساؤلات أثارها تصريح وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، عارضاً الاستراتيجية الأميركية في سورية، إذ قال: «إنها أقل بكثير مما كنا نأمل في هذه المرحلة». وأوضح كارتر أن سبعة آلاف تقدّموا لبرنامج التدريب لكن ستّين فقط دُرّبوا بسبب «التصفية الدقيقة للمرشحين». لكن كارتر توقع أن تتسارع وتيرة البرنامج بعد هذه الانطلاقة البطيئة، إذ باتت واشنطن «تمتلك معلومات أكثر عن مجموعات المعارضة السورية وهي بصدد إقامة علاقات مهمة معها»، وهو بذلك على عكس ما رأى كثير من المحللين يفسح في المجال أمام مرحلة جديدة من العمل والاستراتيجية الأميركية في سورية قوامها حالياً الإسراع ببرنامج تدريب عملاء واشنطن المخلصين في سورية وضمن هدف مبدئي هو محاربة «داعش» دون الدولة السورية ودون غيره من التنظيمات القاعدية الأخرى. فوزير الدفاع الأميركي على عكس وزراء الدفاع الذين سبقوه يميزه الإخلاص لموقف إدارة أوباما واستراتيجيتها في سورية. وتميّزه مسيرته المهنية كونه من كبار الموظفين والتكنوقراط الذين لا علاقة مباشرة لهم باللعبة السياسية الأميركية، وبالتالي ليس سياسياً تمَّ الاتيان به لشغل منصب في الإدارة. هو موظّف ملتزم بالقرار الذي يقرره الرئيس من دون أي محاولة للاعتراض أو التمرّد أقله العلني. وفي هذا الإطار يمكن القول إن تصريح كارتر الذي جاء بعد تأكيد أوباما على طول فترة الحرب مع «داعش»، والاعتماد على ما يسمى القوى المحلية في سورية والعراق، ليس سوى استكمالاً لخطاب أوباما بطريقة أو بأخرى، إذ يلاحظ أن مداخلة وزير الدفاع أمام مجلس الشيوخ أرادت أن تثبّت أن برنامج تدريب «المعتدلين» بطيء، وبالتالي الرهان عليهم بحاجة إلى وقت، وهو ما يميز الاستنزاف ويتلاقى مع استغلال ورقة «داعش» إلى أبعد مدى. وثانياً، أن سورية تبقى حقل تجارب لمغامرات الأميركي على الأرض السورية، وبالتالي فإن المرحلة المقبلة التي قال وزير الدفاع الأميركي إنها ستشهد تساهلاً في معايير التدريب، تعني رفع منسوب التجنيد الأميركي، وبالتالي تجدد دوامة العنف في البلاد.

لا يبدو أن أوباما ووزير دفاعه وإدارته في وارد التراجع عن كذبة «المعارضة المعتدلة»، فهي أداة قتل وتدمير واستنزاف للبلاد لا يمكن أن يستمر الحديث عنها إلا في ضوء استمرار محاربة «داعش» لفترة زمنية طويلة كما يبشّرنا أوباما في كل إطلالة إعلامية له.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى